خطة إستراتيجية تتضمن مشاريع ضخمة وتضعهم في صلب التنمية المستدامة
ريادة كويتية في تمكين الشباب... صُنّاع المستقبل
في الوقت الذي تواجه دول عدة تحديات في إشراك الشباب وتمكينهم، تبرز دولة الكويت كنموذج مُتقدّم في رعاية هذه الفئة المحورية من المجتمع، عبر رؤية وطنية واضحة تضع الشباب في صلب التنمية المستدامة وتمنحهم الأدوات والفرص ليكونوا صناع المستقبل لا مجرد متلقين له.
ومنذ إطلاق خطة التنمية الوطنية (رؤية كويت جديدة 2035)، تنامى اهتمام الدولة بالشباب إدراكاً منها بأن الاستثمار في الإنسان هو الطريق الأنجح لتحقيق التقدم.
وقد شملت الخطة مشاريع ضخمة تهدف إلى تطوير التعليم، وتعزيز الابتكار، وخلق بيئة اقتصادية داعمة لرواد الأعمال، وتوسيع مساحة المشاركة الثقافية والسياسية للشباب.
وركزت الخطة على إشراك المؤسسات الوطنية في هذا المسار، خاصة تلك المعنية بالثقافة والفنون والتمكين الاجتماعي لتتكامل الجهود تحت مظلة دولة تسعى إلى بناء مجتمع أكثر وعياً وإنتاجية.
محمد الجسار: برامج للشباب في المجالات الثقافية والفنية
• بناء جيل واع ومبدع قادر على الإسهام الفاعل في نهضة الوطن
تماشياً مع الأهداف المرسومة، يقوم المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب منذ أن تأسس عام 1973 ليكون الذراع الثقافية للدولة، بدور ريادي في غرس القيم الثقافية والهوية الوطنية في نفوس الشباب الكويتي.
ومن خلال فعاليات ضخمة مثل (مهرجان القرين الثقافي) و(معرض الكويت الدولي للكتاب) و(مهرجان المسرح العربي للشباب) و(مهرجان صيفي ثقافي) يتيح المجلس فرصاً كبيرة أمام الشباب للمشاركة كفنانين وكتاب وقراء أو حتى كمنظمين، ولا يقتصر الدور على الترفيه أو العرض بل يشجع على المشاركة الفاعلة وصقل المهارات الأدبية والفنية.
وفي هذا السياق، قال الأمين العام للمجلس الدكتور محمد الجسار، لوكالة «كونا»، أمس السبت، إن المجلس يضع فئة الشباب في صدارة أولوياته، انطلاقاً من قناعة راسخة بأنهم الركيزة الأساسية لمستقبل الكويت، وأن الاستثمار في قدراتهم الإبداعية والفكرية هو استثمار في تقدم الوطن ونهضته.
وبيّن الجسار، أن المجلس يعمل على تصميم وتنفيذ برامج متخصصة تستهدف الشباب في مختلف المجالات الثقافية والفنية، مثل الورش التدريبية والدورات التأهيلية والبرامج التطوعية التي تتيح لهم الانخراط في تنظيم الفعاليات الكبرى، الأمر الذي يسهم في إكسابهم مهارات مهنية وإدارية تعزّز فرصهم في سوق العمل الثقافي والإبداعي.
وأشار إلى مبادرات أطلقها المجلس لدعم الموهوبين في مجالات المسرح والفنون التشكيلية والكتابة والنشر، من خلال إتاحة الفرصة للشباب للمشاركة في المهرجانات المحلية والدولية وإقامة المعارض وتحرير المجلات الثقافية أو طباعة أعمالهم الأدبية.
وقال الجسار، إن المهرجانات والفعاليات التي ينظمها المجلس ليست مجرد منصات للعرض أو الترفيه، بل هي فضاءات مفتوحة للتفاعل وتبادل الخبرات، حيث يلتقي الشباب بفنانين ومثقفين من داخل الكويت وخارجها، ما يوسع آفاقهم ويُثري معارفهم ويحفزهم على الإبداع والابتكار.
ولفت إلى أن المجلس يسعى أيضاً إلى مواكبة التطورات التقنية في برامجه الموجهة للشباب من خلال دمج الوسائط الرقمية والإعلام الجديد في الأنشطة الثقافية بما يتماشى مع اهتمامات الجيل الجديد، ويُعزّز من قدرته على التعبير عن ذاته باستخدام أدوات العصر.
وأكد الجسار، أن المجلس يواصل جهوده لتعزيز حضور الشباب في المشهد الثقافي الكويتي من خلال برامج ومبادرات تواكب طموحاتهم وتلبي احتياجاتهم، بما يسهم في بناء جيل واع ومبدع قادر على الإسهام الفاعل في نهضة الوطن.
ناصر الشيخ: تأسيس بيئة شبابية متكاملة تقوم على قِيَم المواطنة والابتكار والمسؤولية
• لا ننظر للشباب كمُتلقّين للخدمة بل كقادة ومبادرين وشركاء في التخطيط والتنفيذ والتطوير
• 9 مراكز قائمة فعلياً وموزّعة بمختلف المحافظات... و7 سيتم افتتاحها في 2026 و2027
تعد «الهيئة العامة للشباب» التي أنشئت رسمياً العام 2015 واحدة من أبرز المبادرات المؤسسية لتوجيه طاقات الشباب الكويتي نحو الإبداع والمشاركة المجتمعية الإيجابية.
وانطلاقاً من رؤيتها المرتكزة على الاستثمار في الإنسان، تواصل الهيئة جهودها في توفير بيئة داعمة تستثمر طاقات الشباب في مختلف المجالات، عبر مراكز شبابية متخصصة ومنظومة متكاملة من السياسات والبرامج الحديثة.
وفي هذا السياق، أكد المدير العام للهيئة ناصر الشيخ، أن الهيئة تمثل اليوم ركيزة وطنية فاعلة في تمكين الشباب الكويتي وتعزيز مشاركتهم في مختلف مسارات التنمية، من خلال منظومة متكاملة من البرامج والمراكز والمبادرات التي تصمم خصوصاً لتلبية طموحات الشباب واحتياجاتهم المتجددة.
وبيّن الشيخ، أن الهيئة تتبنى رؤية إستراتيجية ترتكز على بناء الإنسان وتنمية قدراته من خلال إطلاق المبادرات النوعية وتوفير البنية التحتية التي تعزّز من قدرته على التعلم والإبداع والمشاركة المجتمعية، مؤكداً أنها لا تنظر إلى الشباب كمتلقين للخدمة بل كقادة ومبادرين وشركاء في التخطيط والتنفيذ والتطوير.
وأوضح أن الهيئة تشرف حالياً على 9 مراكز شبابية قائمة فعلياً، وموزعة في مختلف محافظات الدولة، وتقدم باقة واسعة من البرامج والأنشطة التي تشمل مجالات الفنون والرياضة وريادة الأعمال والتكنولوجيا والعمل التطوعي، وتستقبل آلاف الشباب سنوياً ممن يتفاعلون مع برامجها بشكل مباشر مما يعكس الإقبال المتزايد على الخدمات التي تقدمها الهيئة.
وأشار إلى أن الهيئة تعمل على توسيع نطاق انتشارها الجغرافي، مبيناً أنها ستتسلم من المؤسسة العامة للرعاية السكنية 7 مراكز شبابية خلال عامي 2026 و2027 تشمل 5 مراكز في مدينة (صباح الأحمد) وهي من المدن السكنية الجديدة التي تحظى باهتمام الهيئة، حيث خصص 3 منها للشبان و2 للفتيات، إضافة إلى مركز للفتيات في منطقة (سعد العبدالله) وآخر في منطقة (جابر الأحمد).
وبين أن الهيئة تعمل في الوقت الحالي وبصفة مباشرة على إنجاز مركز مخصص للشباب بواقع مركز واحد في كل من مناطق (جابر العلي) و(سعد العبدالله) و(صباح السالم) و(عبدالله المبارك)، بالإضافة إلى (مركز الكويت التقني لريادة الأعمال) بالتعاون مع شركة (بوينغ للطيران) في منطقة (مبارك العبدالله).
وأضاف أن هذه المراكز ليست مجرد مبان بل فضاءات تنموية متكاملة تهدف إلى احتضان المبادرات الشبابية وتشجيع العمل الجماعي وبناء المهارات القيادية والإبداعية لدى الشباب.
كما لفت إلى أن الهيئة تحرص على أن تعكس المراكز الجديدة احتياجات البيئة المحلية لكل منطقة من حيث تصميم البرامج وتخصيص الأنشطة لضمان أعلى درجات الفاعلية والتفاعل.
وأفاد أن الهيئة تعكف على إطلاق مشاريع ومبادرات جديدة خلال الفترة المقبلة في مجالات الاقتصاد الإبداعي والفنون الرقمية والذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال المجتمعية، إلى جانب توسيع الشراكات مع المؤسسات الوطنية والقطاع الخاص لتعزيز التمكين المهني والاقتصادي للشباب الكويتي.
وقال إن عمل الهيئة لا يقتصر على إدارة المراكز أو تنظيم الأنشطة، حيث تسعى إلى تأسيس بيئة شبابية متكاملة تقوم على قِيَم المواطنة والابتكار والمسؤولية والإنتاج من خلال منظومة تشريعية وتنظيمية حديثة وشبكة واسعة من البرامج التي تنفذ بالشراكة مع الشباب أنفسهم لضمان أعلى درجات التفاعل والاستدامة.
خريطة طريق واضحة وطموحة
في 12 أغسطس الجاري، دشن وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري، خلال احتفالية (اليوم العالمي للشباب)، الإستراتيجية الجديدة لـ(الهيئة العامة للشباب) للأعوام (2025-2030)، وتضمنت خمس أولويات تنموية بمجالات القيادة والتوظيف وريادة الأعمال - المشاركة المجتمعية - الثقافة والابتكار والإبداع - الصحة والرخاء - الحوكمة وتنمية الموارد. وتمثل الإستراتيجية خريطة طريق واضحة وطموحة للارتقاء بالشباب الكويتي، وتأتي ترجمة لرعاية القيادة الرشيدة لصاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد وسمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد، وبتوجيهات سمو الشيخ أحمد العبدالله رئيس مجلس الوزراء.
وجاءت الإستراتيجية الجديدة ثمرة حوار وطني موسع مع الشباب والمتخصصين، لتُجسّد الدور الفاعل للشباب الكويتي في تنمية بلدهم باعتبارهم ركيزة الأمن والاستقرار والازدهار.
وكل ذلك يثبت أن التجربة الكويتية في دعم الشباب ليست شعاراً يرفع في المناسبات، بل هي نهج إستراتيجي تقوم عليه الدولة بكامل مؤسساتها لإفساح المجال أمام الشباب الكويتي ليشارك في بناء الوطن.