وجع الحروف

الإخلاص... لا يكفي!

تصغير
تكبير

كنت أشرت إلى القول المأثور «قل لمن لا يخلص: لا تتعب!»... قال ابن القيم رحمه الله: «فمن خلصت نيته في الحق -ولو على نفسه- كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزين بما ليس فيه شانه الله»...

والإخلاص هنا يعني إتقان العمل. والإتقان في زمننا الحديث مؤسساتياً يعني تنفيذ الأعمال، من رسم الرؤى حسب التوقعات المطلوبة من متلقي الخدمة أو المسؤول عن رعاية حقوقهم (احتياجاتهم) على نحو عادل بتفان وكفاءة، حسب القوانين المنظمة والإجراءات المتبعة، وأسس مثل القيم والأخلاق، وقواعد كالحوكمة والتدقيق... إلخ.

لنبدأ في دعاء سيدنا موسى لربه «رب إشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني، يفقهوا قولي، واجعل لي وزيراً من أهلي، هارون أخي، اشدد به أزري، وأشركه في أمري» (سورة طه)...

ومعلوم أن هارون كان أفصح لساناً من موسى -عليهما السلام.

فأي مسؤول كبير منطقياً «ما يقدح من راسه»... هناك نظم، وله تابعون يشركهم في الأمر ويستشيرهم، وأخطر ما قد يمر في العمل المؤسسي هو الانفراد بالقرارات، وعدم الوفاء بالعهود والمواثيق المنظمة أو التي قد يقطعها ذلك المسؤول من دون الرجوع لأهل الخبرة من العقلاء والحكماء.

نحن أحوج إلى تطبيق مفهوم الولاء المؤسسي... لا الولاء لـ«المعازيب» على نهج «شغلك عدل... تم طال عمرك... كل شيء تمام»، وكما قيل «صديقك من صدقك».

ومن ضمن معايير الاختيار: السمات الشخصية للمسؤول المرشح لمنصب رفيع «كقوة الشخصية في تنفيذ المهام الموكلة إليه، ولنا في رد الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أبي ذر الصحابي الجليل، عندما طلب أن يوليه على إحدى الولايات: (يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها) «رواه مسلم»... فالعمل القيادي أمانة عظمى وليس كل صاحب درجة علمية مرموقة مؤهلاً لمنصب، ولا كل مرشح «نبيه، نحبه، من ربعنا، من ثوبنا»... يستحق.

عمر بن عبدالعزيز الحاكم العادل، عندما لم يجدوا فقيراً تُصرف له الزكاة، أمر بنثر القمح على رؤوس الجبال؛ كي لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين... وقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب «لو عثرت بغلة في العراق، لخفت أن يسألني الله عنها: لم لا تصلح لها الطريق يا عمر؟».

الزبدة:

لبحث الإخلاص يجب أن نتيقن أن المسؤولين قد تم تعيينهم وفق معايير سليمة، وأن يكونوا من الأخيار، والسمات الشخصية في غاية الأهمية عند الاختيار، والولاء يجب أن يكون ولاءً مؤسسياً، تُحترم فيه القوانين المنظمة والإجراءات المتبعة.

والعمل مبني على الشورى، وإلا لماذا وجدت التخصصات المختلفة؟! «إنها لسد نقاط الضعف عند القيادي»... فقوفي وأند جونز من جامعة لندن يقولان «القيادي المؤثر هو الذي يعترف بنقاط الضعف»... الله المستعان.

[email protected]

Twitter: @TerkiALazmi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي