تقنية تعتمد على التقاط الاهتزازات التي تحدثها الموجات الصوتية على الأسطح المرئية
ابتكار ميكروفون «يرى» الصوت باستخدام الضوء
يعمل فريق من الباحثين في مختبر صغير بجامعة بكين للتكنولوجيا، على ميكروفون لا يعتمد على الهواء أو الموجات الصوتية، بل على الضوء.
التقنية الجديدة، التي نشرت تفاصيلها يوم 31 يوليو في دراسة في دورية «أوبتكس إكسبريس»، تقدم مفهوماً مختلفاً جذرياً عن الميكروفونات التقليدية، إذ تعتمد على التقاط الاهتزازات الدقيقة التي تحدثها الموجات الصوتية على الأسطح المرئية، وتحويلها إلى إشارات صوتية مسموعة، من دون الحاجة لأي تلامس مباشر أو هواء ناقل للصوت.
وقال قائد الفريق البحثي «شو-ري ياو» أستاذ علم البصريات المشارك في معهد بكين للتكنولوجيا: «نحن لا نسجل الصوت، بل نراه. طالما أن هناك ضوءاً يعبر من مكان إلى آخر، يمكننا استعادة الصوت بدقة مذهلة حتى في الظروف التي تفشل فيها الميكروفونات التقليدية».
وأوضح «ياو» في تصريحات لـ«الجزيرة نت» أن الميكروفونات الضوئية ليست فكرة جديدة تماماً، لكن تطبيقها كان حتى وقت قريب محصوراً في بيئات علمية معقدة، تتطلب استخدام كاميرات فائقة السرعة أو ليزر دقيق.
وبحسب ياو، فإن ما يميز ابتكار الفريق هو استخدام تقنية تسمى «التصوير أحادي البكسل»، وهي تقنية تصوير تستخدم عادة في مجالات الفضاء والفيزياء، وتسمح بتكوين صورة أو إشارة باستخدام مستشعر ضوئي واحد فقط، بدلاً من ملايين البكسلات التي تحتوي عليها الكاميرات التقليدية.
وتعتمد التقنية على تسليط أنماط ضوئية متغيرة على جسم ما، مثل ورقة أو زجاج نافذة، ثم تحليل شدة الضوء المنعكس بواسطة كاشف ضوئي وحيد.
وباستخدام خوارزميات تعتمد على تحويل فورييه (عملية رياضية تستخدم لتحويل دالة رياضية بمتغير حقيقي وذات قيم مركبة إلى دالة أخرى من الطراز نفسه)، يتم استخراج التغيرات الطفيفة جداً في الضوء الناتجة عن اهتزاز السطح، ومن ثم إعادة تركيب الموجة الصوتية الأصلية.
وأضاف ياو: «الاهتزازات التي يحدثها الصوت غير مرئية للعين المجردة، لكنها تؤثر على الضوء المنعكس من السطح. إذا استطعنا قراءة هذه التغيرات، يمكننا إعادة بناء الصوت بدقة».
ولاختبار فاعلية التقنية، أجرى الباحثون تجربة عملية استخدموا فيها ورقة نبات وبطاقة ورقية كوسيطين لالتقاط الصوت، مع تشغيل مقطع صوتي يضم أرقاماً باللغتين الصينية والإنكليزية، إضافة إلى مقتطف من مقطوعة بيتهوفن الشهيرة «من أجل إليزه».
وكانت النتائج لافتة، إذ تمكن النظام من إعادة إنتاج الصوت بشكل واضح ومفهوم، مع أداء أفضل عند استخدام البطاقة الورقية مقارنة بالورقة النباتية. وتمكنت التقنية من التقاط الترددات المنخفضة (أقل من 1 كيلوهرتز) بدقة عالية، في حين ظهرت بعض التشويشات في الترددات الأعلى، لكن مع إمكانية تحسينها عبر تقنيات المعالجة الصوتية.
الميزة الأبرز للنظام، هي قدرته على العمل في ظل ظروف الإضاءة الطبيعية، وعدم الحاجة لأي معدات باهظة أو بيئات معقمة، ما يجعله مرشحاً للاستخدام في تطبيقات متعددة.
ويأمل الفريق في توسيع استخدام التقنية لتشمل مجالات طبية، مثل مراقبة نبض القلب أو قياس الإشارات البيولوجية الدقيقة التي تنتج عن الاهتزازات في الجسم. كما يخطط الفريق لتحسين دقة النظام، وزيادة نطاقه ليصبح قادراً على رصد الاهتزازات من مسافات أطول.