ألوان

من القاهرة (4 من 4)

تصغير
تكبير

أشعر بالسعادة والألفة حين أسير في شوارع القاهرة مساء، وأجلس في بعض المقاهي المختلفة، الشعبية والحديثة، وأدقق النظر في وجوه الجالسين فأجد تجمعاً إنسانياً عروبياً راقياً بين الشعب العربي الممتد من المحيط إلى الخليج، وقرب الطاولات من بعضها البعض، خصوصاً في منطقة الحسين، فإنك يمكن أن تضحك من نكتة قالها من يجلس على الطاولة التي بقربك والعكس صحيح، وبالتالي فإن تمييز جنسية المتحدث ليس صعباً.

وكنت قد جلست مع بعض الصحافيين والفنانين التشكيليين وأصدقاء آخرين في الحسين، وكانت الأوضاع الراهنة في غزة حاضرة... وكذلك بعض الأحداث في مصر، أهمها حريق مبنى رمسيس للاتصالات، مع التأكيد على سرعة ردة الفعل في إعادة الاتصالات بوقت قياسي، الأمر الذي يعكس كفاءة الفريق الفني المختص، إضافة إلى النجاح الكبير الذي حققه الفنان كريم عبدالعزيز في السينما، بينما لم يحالف الحظ أسماء عريقة أخرى. وكذلك هناك الاتهامات الموجهة إلى الفنانة التشكيلية مها الصغير، حول قيامها بنسب لوحات فنية، لها... إلا ان هذه الظاهرة منتشرة في أكثر من دولة، حيث ان تاريخ مصر يزخر بسلسلة من الفنانين التشكيليين المبدعين الذين ينتمون إلى أكثر من جيل ومدرسة فنية، أمثال النحات العالمي محمود مختار، ومحمود سعيد ويوسف كامل وآخرين، فقلت لهم إن هناك فناناً تشكيلياً كويتياً سرقت لوحتين له، وهناك خزاف اختفت قطعته، وهناك من شاهدها في إحدى الدول العربية مهداة من قبل أحد الدخلاء على الفن التشكيلي في الكويت.

إن القيمة الحقيقية للمجتمع المصري، هو أنه مجتمع يميل بطبعه إلى الوسطية والسلام، بينما هناك بعض الشعوب تميل إلى الشدة والعنف نوعاً ما وبنسب متفاوتة.

يقول أحد أصدقائي، إن القاهرة «دوشة» فقلت له: عليك أن تختار ماذا تريد فهناك بعض الأماكن تجد فيها الهدوء، وهناك أماكن أخرى في بقية مدن مصر المحروسة تجد فيها السكينة بل والانعزال عن العالم تماماً، سواء على البحر الأحمر أو في الأماكن الغربية.

وما لا يعجبني في بعض العرب، أنهم لا يخططون للفترة التي سيقضونها في مصر، سواء كان ذلك في القاهرة أو في الإسكندرية أو في بقية المدن، علماً بأنها بلد كبير متعدد التضاريس والثقافات ولا يمكن تغطيتها برحلة واحدة... لذا يلزم على الإنسان أن يعرف ماذا يريد من رحلته تلك.

واني لاعجب بأن هناك من زار القاهرة مراراً ولم يقم بزيارة واحدة لأي متحف رغم افتتاح بعض المتاحف الجديدة، بل انه لم يحضر أي نشاط في الأوبرا المصرية العريقة... وهناك سلسلة من الأنشطة أهمها معرض الكتاب في شهر يناير من كل عام.

وبالنسبة لي، فإن لدي الكثير من الأصدقاء المصريين الذين أحرص على التواصل معهم باستمرار، كما أنني وان بقيت في القاهرة، فإني اتنقل بين مختلف مدن مصر خصوصاً الإسكندرية وشرم الشيخ والغردقة وبورسعيد وأسوان، تبعاً للوقت الذي أزور فيه مصر، حيث إن المناطق الجنوبية مثلاً يفضل زيارتها في فصل الشتاء.

وفي الكويت، مثل بقية الدول العربية، هناك من تزوج من مصرية، وبالتالي فإن علاقته باتت أكثر عمقاً بمصر وبالمصريين. وهناك بعض المصريين المتزوجين من كويتيات ومن بقية الدول العربية، الأمر الذي يعمل على توطيد العلاقة مع مصر والمصريين بصورة عفوية غير مصطنعة.

همسة:

يمكنك الغوص في أعماق الشارع المصري عبر جلسة في القهوة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي