رؤية ورأي

الحرب الإسرائيلية القادمة على إيران

تصغير
تكبير

«من المرجّح أن تشن إسرائيل حرباً أخرى على إيران قبل شهر ديسمبر المقبل، ومن المحتمل أن تشنها في أواخر أغسطس الجاري. وإيران تتوقّع الهجوم وتستعد له».

بهذا التصريح المقلق بدأ الباحث Trita Parsi نائب الرئيس التنفيذي لمعهد Quincy Institute for Responsible Statecraft (المؤسسة البحثية الأميركية المتخصصة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة) مقاله المعنون «الحرب التالية بين إسرائيل وإيران قادمة»، الذي نشر قبل ثلاثة أيّام في صحيفة Foreign Policy المرموقة.

أوضح الباحث أنه بغض النظر عمّا إذا استأنفت إيران تخصيب اليورانيوم أم لا، فإن إسرائيل عازمة على حرمانها من الوقت الكافي لتجديد ترسانتها الصاروخية، أو استعادة دفاعاتها الجوية، أو نشر وتشغيل أنظمة عسكرية مُحسّنة ومطوّرة.

حيث إن إستراتيجية إسرائيل العسكرية الحالية «جز العشب» متمحورة حول توجيه ضربات وقائية متتالية لمنع الخصوم من تطوير قدرات قد تُشكّل تحدياً للهيمنة العسكرية الإسرائيلية.

في المقابل، يرى الباحث أن إيران التي انتهجت إستراتيجية طويلة الأمد في الجولة الأولى من الحرب، حين رتّبت هجماتها الصاروخية بما يتوافق مع توقّعها لحرب طويلة الأمد، سوف تشن هجوماً حاسماً منذ البداية في الجولة التالية، بهدف تبديد أي فكرة بإمكانية إخضاعها تحت الهيمنة العسكرية الإسرائيلية.

نتيجةً لذلك، يرجّح الباحث أن تكون الجولة التالية من الحرب أكثر دمويةً من الأولى. ويرى أنّه إذا استجاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب للضغوط الإسرائيلية مجدداً، وشاركت القوّات الأميركية في الحرب، فقد تواجه أميركا حرباً شاملة مع إيران، أصعب بكثير من حربها مع العراق.

المراد من المقال، هو أننا في منطقة عانت طويلاً من التوتّرات والحروب، ومقبلة على مواجهة إسرائيلية إيرانية شرسة، قد تتبعها جولات أخرى أكثر شراسة في السنوات القادمة. ونطاق هذه الجولات مرشّح للتوسعة إلى خارج حدود الطرفين.

لذا أرى -ومعي كثيرون- ضرورة الاستعجال في الاستعداد الجيد لهذا السيناريو الخطير، من خلال تحصين جبهتينا الداخلية والخارجية، وتكييف خططنا ومشاريعنا اللوجستية والإستراتيجية «بالقدر المستطاع» مع هذا الواقع الخطير المتفاقم.

من باب المثال على أهمية تحصين الجبهة الداخلية بتوعية المجتمع، أشير إلى رأي الباحث حول دور الجبهة الداخلية الإيرانية في التصدّي للعدوان الصهيوني.

وتحديداً قوله إنه على عكس توقعات إسرائيل، لم يُفضِ مقتل كبار قادة الحرس الثوري الإسلامي إلى احتجاجات جماهيرية أو انتفاضة ضد الجمهورية الإسلامية، بل احتشد الإيرانيون من جميع الأطياف السياسية حول العَلَم، إن لم يكن حول النظام نفسه.

أي إنّه، بسبب وعي المجتمع الإيراني، إسرائيل فشلت في تحقيق هدف «قطع رأس النظام الإيراني، وتحويل البلاد إلى سوريا أو لبنان أخرى - بلدان تستطيع إسرائيل قصفهما من دون عقاب ودون أي تدخل أميركي».

ومن باب المثال على التكييف المطلوب للمشاريع الإستراتيجية، أقترح تحديث قائمة مشاريع محطات القوى الكهربائية المستقبلية لتتضمن نسبة طموحة من الكهرباء المنتجة من الألواح الشمسية المركبة في البيوت والمباني السكنية.

وتباعاً أقترح استعجال استنساخ مشروع «الطاقة الشمسية للجميع» الأميركي، الذي خصّصت له في عهد الرئيس السابق جو بايدن ميزانية قدرها 7 مليارات دولار، لتمويل تركيب ألواح شمسية «مجاناً» في مناطق ومساكن أصحاب الدخل المحدود والأدنى.

فإلى جانب دورها التقليدي في تخفيض الحمل على شبكة الكهرباء الوطنية، تتميّز هذه الألواح الشمسية -المتقاذفة على نطاق واسع- بحصانة أكبر من الدمار إبّان الحروب والأزمات مقارنة بمحطّات التوليد المركزية... «اللهم أرنا الحقّ حقّاً وارزقنا اتّباعه».

ملاحظة:

سوف أتطرّق في مقال آخر إلى دوافع ترامب لإلغاء مشروع «الطاقة الشمسية للجميع».

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي