بعد مقال «الذكاء الاصطناعي... دخل الخط!» باتت تراودني بعض الشكوك حول سلوكياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية.
هل نحتاج إلى الذكاء الاصطناعي لمعرفة ما يدور في خلجات أنفس أحبتنا لتحسين علاقاتنا في ما بيننا؟
أكيد لا... فالعلاقات الإنسانية لا يمكن تغذية جوانبها الحسية وغير الحسية في برمجية ما لتتماشى مع أهواء أنفسنا كون ما تخفيه الأنفس علمه عند الله عز شأنه، وصعب جداً معرفته حتى مع أجهزة «كشف الكذب» وإن سمح باستغلاله.
اقرأ بتمعن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف»...
وحسب ما جاء في فتاوى ابن باز رحمة الله عليه «ان الأرواح أصناف مصنفة، أقسام: هذا مؤمن، وهذا منافق، وهذا مخلوط قلبه مشوش، وهذا يغلب عليه كذا، وهذا يغلب عليه كذا».
وفي العلم الحديث ممكن تغذية «برمجة» الأنظمة العاملة بالذكاء الاصطناعي في البحث عن المنافق استناداً إلى حديث صفوة الخلق النبي محمد صلى الله عليه وسلم «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان».
ومن الغباء الاصطناعي الذي تختزله النفس الأمارة بالسوء «برمجة سرية» إن البعض يصدق كل ما يقال، ويثق بالجميع، ويمنح الأمانة لمن لا يستحقها... فكم من الوعود مرت علينا وكم من أمانة وسدت لغير أهلها ؟... عد وخربط.
لهذا، فالحديث عن الغباء الاصطناعي، الذي هو من خلق أهواء أنفسنا ويعتبر أكثر خطورة على منظوماتنا السلوكية والمؤسساتية (التي يفترض أن تكون مؤسسات تنظيمية لها أطر معينة ومحددة وحوكمة أخلاقية وإدارية).
الشاهد ان البعض يبحث عما يريد وأنا أحدهم: عمل إستراتيجي، أهداف محددة بتكلفة، معلومة وبزمن تنفيذ قصير جداً، معيشة رخاء، عدل ومساواة وتكافؤ فرص ومحاسبة تطول كل فاسد ومفسد... ويبدو ان الأمر صعب المنال إلا في جزئية العهود والمواثيق حسب ما نشاهده بأم أعيننا.
المقال فيه الفكرة أقرب إلى الطابع الفلسفي، وأتمنى أن أكون وفقت في إيصال الرسالة... فلا تنساقوا وراء الغباء الاصطناعي الذي يراد منه أن نصدق الكاذب ونأتمن الخائن، وهذا بعيد عن الشكليات والخوض في التفاصيل.
الزبدة:
إذا كانت الأرواح جنوداً مجندة، فابحث عن من يصدقك القول ويفي بوعوده وثابت على مبدأ فيه الخير للبلد والعباد حتى وإن كنت «ما تحبه» أو «مو من ثوبك».
إن التكنولوجيا الحديثة تستغل الذكاء الاصطناعي لتطوير المنشآت والتسهيل في أداء المهام للمسؤولين والعاملين ومستقبلي الخدمة (المستفيدين)... في حين الغباء الاصطناعي هو برمجة أقرب لها تخيلات وتخمينات منبثقة من إفرازات الأنفس وهنا تكمن الخطورة... الله المستعان.
Twitter: @TerkiALazmi