12 مجمعاً جديداً في 3 مواقع خارج نطاق السكن الأسري
المجمعات والمدن... الترياق الحضري لأزمة «العُزّاب»
- المجمعات الجديدة حل عملي يستهدف أمناً مستداماً وسكناً مُنظّماً
- الحملات على «الجليب» حركت المياه الراكدة في محيط أزمة عمرها سنوات
- مجمّعات عمّالية خارج النطاق السكني لحماية التوازن المجتمعي
- تصاميم تراعي الصحة والبيئة... وبنية تحتية متكاملة
- شراكة حكومية لتنفيذ مشاريع صبحان وأمغرة والأحمدي
- 6 مدن عمالية تستوعب 275 ألف عامل ضمن خطة شاملة
في ظل تصاعد الضغوط السكانية والتوسع الحضري المتسارع، يبرز مجدداً ملف تنظيم سكن العمالة الوافدة لاسيما العُزّاب، بما يحفظ كرامتهم من جهة، ويخفف وطأة التكدّس في المناطق السكنية من جهة أخرى.
وما يُعطي الملف أهمية أكبر، الحملات الأمنية المكثفة التي شهدتها أخيراً مناطق مثل جليب الشيوخ، حيث ضبطت الجهات المختصة مخالفات جسيمة في «بيوت العزاب» التي اتّضح أنها تفتقر إلى أدنى معايير السلامة والصحة، فضلاً عن كونها بؤراً محتملة للجرائم والانتهاكات.
وبينما تتصاعد الحاجة إلى حلول حضرية عادلة وآمنة، كشف تقرير حكومي حديث، حصلت «الراي» على نسخة منه، عن توجه الدولة نحو مرحلة أكثر توسعاً واحترافاً في التخطيط، ويتعلق الأمر بمشاريع المجمعات السكنية النموذجية الجديدة، كأداة إستراتيجية لمعالجة الأزمة، عبر توفير بيئة معيشية تحفظ النظام وتمنع الفوضى، بما يرسّخ أمن المجتمع واستقراره، وذلك بالتوازي مع مشاريع المدن العمالية القائمة.
وتستهدف الجهات المختصة، إطلاق 12 مجمّعاً جديداً، تُنفذ وفق أعلى المعايير البيئية والتخطيطية، في مواقع تم اختيارها بعناية خارج نطاق السكن الأسري.
وضمن رؤية عمرانية متكاملة تسعى إلى استيعاب التحولات السكانية المتسارعة والضغوط المتنامية على البنية التحتية والخدمات، تُواصل الجهات المختصة في الدولة جهودها، لإعادة تنظيم خريطة سكن العمالة الوافدة، لا سيما فئة «العزّاب»، عبر إطلاق مشاريع تقوم على إنشاء مجمعات سكنية عمّالية نموذجية، تُضاف إلى المدن العمالية القائمة في عدد من المناطق.
فبعد أن أثبتت مجاميع سكانية داخل 4 مدن عمالية، في صبحان، والشدادية، والرقعي، وأمغرة، قدرتها على استيعاب نحو 20 ألف عامل، تتجه الدولة اليوم نحو مرحلة أكثر توسعاً واحترافاً في التخطيط، من خلال إطلاق 12 مجمّعاً جديداً، تُنفذ وفق أعلى المعايير البيئية والتخطيطية، في مواقع تم اختيارها بعناية خارج نطاق السكن الأسري.
المؤشرات على الأرض تكشف عن تحركات فعلية، فقد أورد التقرير خطة لتوفير مدن عمالية تلبي احتياجات السكن لنحو 275 ألف عامل، موزعين على أربع مدن في محافظة الجهراء، واثنتين في الأحمدي، ضمن إستراتيجية تنظيمية تهدف إلى إعادة توزيع العزّاب من المناطق السكنية الخاصة، واحتضانهم في مجمعات مخصصة ومجهزة، في سياق مخطط لبناء عدد من المجمعات السكنية العمالية، كجزء من رؤية أشمل تهدف إلى تحسين نوعية الحياة للعمال، وتقليل التكدّس داخل المناطق السكنية، وتوفير نموذج حضري مستدام يتماشى مع أهداف الكويت في التنمية الحضرية وتنظيم سوق العمل.
ووفق التقرير، بدأت بلدية الكويت، اعتباراً من أبريل الماضي، في تنفيذ مجمع سكني بمنطقة صبحان على مساحة 40 ألف متر مربع، وأُضيفت 5 مواقع جديدة شمال منطقة الشعيبة الغربية على مساحة 750 ألف متر مربع، فضلاً عن 3 مواقع في الشدادية بمساحة 450 ألف متر مربع، ليبلغ إجمالي المساحات المخصصة للمدن العمالية حتى الآن 1.64 مليون متر مربع.
في المقابل، جرى إلغاء موقعين كانا مدرجين منذ 2021 في خطة التخصيص: أحدهما في غرب مدينة الحجاج، والآخر في صبحان قطعة 11، ضمن مراجعة شاملة للمواقع المقترحة، بما يراعي الجدوى والاستدامة.
وتعكس المجمعات السكنية العمالية الجديدة، توجهاً عمرانياً مدروساً يهدف إلى تنظيم سكن العمالة الوافدة، ضمن بيئة متكاملة تحفظ كرامتهم، وتُراعي اشتراطات الصحة والسلامة، وتخفّف الضغط عن المناطق السكنية المأهولة.
وفي مارس 2024، تم توقيع أول عقد لتنفيذ مجمّع عمالي في صبحان على مساحة 40 ألف متر مربع، بطاقة استيعابية تصل إلى 3 آلاف عامل، كما يجري العمل حالياً على إنشاء مجمّع آخر في منطقة سكراب أمغرة على مساحة 100 ألف متر مربع.
أما في محافظة الأحمدي، فتسعى الجهات المختصة إلى إنشاء مجمّع عمالي على مساحة مماثلة، في حين يُعد المشروع الأكبر في شمال منطقة الشعيبة الغربية، حيث سيُقام مجمّع ضخم على مساحة 750 ألف متر مربع، مقسمة على 5 مواقع، كل منها بمساحة 150 ألف متر مربع، ويُتوقع أن يستوعب نحو 56 ألف عامل.
في موازاة ذلك، تدير شركة المرافق العمومية المدن العمالية الأربع القائمة حالياً، ومن بينها المدينة العمالية في منطقة الشدادية، المقامة على مساحة 100 ألف متر مربع وتضم 23 مبنى. وتسعى البلدية إلى توسعة هذه المدينة عبر إضافة 3 مجمّعات عمالية جديدة بمساحة إجمالية تبلغ 450 ألف متر مربع، لتصل القدرة الاستيعابية الإجمالية إلى نحو 42 ألف عامل.
خطط توسعية
وكانت البلدية قد خصصت خلال السنوات الماضية أراضٍ لإنشاء 6 مدن عمالية، بمساحة إجمالية تبلغ 13.3 كيلومتر مربع، وطاقة استيعابية تصل إلى 275 ألف عامل.
ويشير التقرير إلى أن اثنتين من هذه المدن تتبعان للمؤسسة العامة للرعاية السكنية، أولاهما في الصبية بمساحة 2.465 مليون متر مربع، تُتيح السكن لنحو 50 ألف عامل، والثانية جنوب الجهراء – طريق السالمي – على مساحة 1.015 مليون متر مربع، قادرة على استيعاب 25 ألف عامل.
مزايا المجمعات السكنية العمالية
تتميّز المجمعات السكنية العمالية، بتخطيط حضري متوازن يراعي جميع الجوانب العمرانية والبيئية والخدمية، حيث تُوزّع النسب على النحو التالي:
• 20 في المئة للسكن، بما يوفّر مساحات ملائمة لإقامة العمال في وحدات منظمة ومشيدة وفق المعايير.
• 5 في المئة للأنشطة التجارية، لتلبية احتياجات السكان اليومية من أسواق ومراكز بيع.
• 5 في المئة للخدمات، تشمل المرافق العامة والرعاية الصحية والاجتماعية.
• 12 في المئة للمساحات الخضراء والمفتوحة، لضمان جودة الهواء وتوفير متنفس طبيعي داخل التجمعات.
• 5 في المئة للبنية التحتية من شبكات مياه وصرف وكهرباء وطرق داخلية.
• 36.3 في المئة للطرق الدائرية، تسهّل الحركة الداخلية وتربط المجمعات ببعضها وبالطرق العامة.
• 16.7 في المئة للمنطقة العازلة، تضمن الخصوصية وتُقلّل من التداخل مع الاستخدامات المجاورة.
جليب الشيوخ ... مرآة لمشكلة أمنية
الحملات الأمنية الأخيرة على جليب الشيوخ ليست جديدة، إلا أن تكرارها يسلّط الضوء مجدداً على أزمة سكن العزاب في البلاد، وهي أزمة قديمة، عمرها يزيد على عقدين، ولاتزال الحلول المطروحة بعيدة عن الوصول إلى مبتغاها، في مواجهة التحديات المتراكمة.
ولا تقتصر آثار هذه الفوضى السكنية على البعد الإنساني والعمراني فحسب، بل تتعداها إلى الجانب الأمني، فالأحياء العشوائية والمساكن المزدحمة تُصعّب من مهمة الرقابة، وتخلق بيئة خصبة للمخالفات والجرائم والتستر على الهاربين من القانون، ما يجعل من معالجة ملف سكن العزاب أولوية أمنية لا إدارية فقط.
مجمعات العمال...استثمار في الأمن
يرى بعض المطورين أن إنشاء مجمعات سكنية للعمال داخل المناطق الصناعية والتجارية، حلٌ واقعي ومتعدّد الأهداف، حيث تكون هذه المجمعات أقرب إلى مواقع العمل، كما أنها ستدار بطريقة أكثر انضباطاً؛ من حيث الطاقة الاستيعابية والمرافق والرقابة.
ولفتوا إلى أن هذا النموذج ليس خياراً عملياً فقط، من حيث تحسين شروط السكن، بل يعتبر وسيلة لتعزيز السيطرة الأمنية وتسهيل الرقابة وتخفيف الضغط عن الأحياء السكنية المأهولة بالأسر.
وأكدوا أن توفير سكن منظم، يمكن تتبّع قاطنيه وتوفير الخدمات الأساسية فيه، يُعد استثماراً مباشراً في استقرار المجتمع وأمنه، كما في كرامة من يقيمون على أرض الكويت.