مواقف متأصلة: خدمة دولة الكويت في الشدائد

تصغير
تكبير

في ذكرى الغزو العراقي لدولة الكويت في 2 أغسطس 1990، تتجدّد في الذاكرة مواقف الصمود والتضحية، حيث اتحدت إرادة شعب الكويت وحكومته بالالتفاف حول الشرعية، لتكتب ملحمة وطنية خالدة.

هذه الذكرى تأكيد على هوية كويتية متأصلة تجسدت في مواقف مشرفة بروح الفخر والاعتزاز.

صمود شعبي وإيمان راسخ

الإيمان بالقضاء والقدر كان عماد صمودنا.

تَحْتَ وطأة الاحتلال الغادر، أظهرت الكويت تلاحماً شعبياً أثلج صدور المحبِّين وخيّب سعي العدو.

شهداء أبرار قدّموا دماءهم، وأسرى ذوو كرامة تحملوا الأسر بشرف، ومقاومة باسلة أبت الخضوع أو الخنوع، والمرأة الكويتية سطرت صفحات ناصعة في تاريخ الكويت المجيد.

بدافع مشترك للتضحية والفداء بين كل الأوفياء، ألا وهو الحبّ الحقيقي للوطن والشرعية.

تلكم المواقف نابعة عن عقيدة راسخة وقربة إلى الله سبحانه وتعالى، ترسخت بفضله، ثم هي ثمار تنشئة طيبة بتوجيهات سديدة من آبائنا وأجدادنا وتعليم صحيح من مربِّين ومعلِّمِين.

(فلله درّ الأبرار!)

إسهامات تطوعية في زمن المحنة

خلال الاحتلال، كان شرف الإسهام في خدمة الكويت نابعاً عن مواطنة حقّة بدافع إيماني، بفضل الله الذي هدى ووفّق من 2 أغسطس 1990 حتى التحرير في 26 فبراير 1991.

تعاونْتُ على أعمال جليلة مع لجنة زكاة الفيحاء المباركة.

وأمَمْتُ المصلِّين في مسجدَيْ أحمد بن حنبل ومعاذ بن جبل، داعياً لنصرة وتحرير الكويت.

كما زرتُ الأسرى ذوي الكرامة في بغداد قبيل انطلاق «عاصفة الصحراء»، في رحلة استغرقت خمسة أيام عَبر مطار الكويت الدولي وقاعدة علي السالم الجوية إلى مطار بغداد الدولي وبالعكس، بمشاركة أربعة من الكرام، منهم امرأتان وطفلة، رغم المخاطر وإجراءات الاحتلال المشددة.

التقيتُ الأسرى في مكان أشبه بنادٍ رياضي حُوِّل إلى أشبه ما يكون بثكنة عسكرية، وعَرضتُ على أسير كريم أن يخرج وأبقى مكانه، لكنه رفض بعزة نفس.

هانت المتاعب أمام شرف الغاية.

بعد التحرير: بناء المستقبل

بعد التحرير، مباشرة: زرتُ أخي الدكتور المهندس المرابط بجسر المسيلة، المشارك مع إخوانه النشامى في «عاصفة الصحراء». وعَملتُ مع الهيئة العامة لشؤون القصر الموقرة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الغزو.

وأَسهمتُ في بناء كويت المستقبل بإذن خروج وعودة صادر من وزارة الداخلية الموقرة في 7 أبريل 1991.

وشرفتُ باستقبال الأسرى ذوي الكرامة بصالة الفارسي في السرة، لكن الفرحة لم تكتمل لعدم إطلاق سراح الجميع، والحمد لله على كل حال.

وأَذكر قيامي في 2003 بترميم وتقديم وثائق كويتية صادرة من منطقة الصالحية للمتطوع والدي ومن اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي تعميم بشأن الحراسة وحمل السلاح، إبّان التهديدات العراقية التي تعرضت لها دولة الكويت في 1961.

دروس مستلهمة وعبر خالدة

الغزو الغاشم ترك آثاراً مدمرة، لكنه أنتج دروساً خالدة.

فما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا، (رُفِعَت الأقلام وجفَّت الصحف).

ومع ذلك، كانت مواقف الشرعية باهرة، حيث اضطلعت بمسؤولياتها كاملة، بفضل الله، مقارنة بتلك الأوضاع وقتئذ.

أظهرت المقاومة الكويتية استبسالات مشهودة في الدفاع عن الحقّ الكويتي.

(فذلكم المعهود!)

شكر وعرفان

نشكر الشعوب والحكومات الخليجية والعربية والإسلامية والصديقة، خصوصاً دول التحالف، الداعمة للكويت في محنتها عام 1990، ونثني على كل من أَسهَم في أعمال جليلة لخدمة الكويت.

تطلعات المستقبل

لا تعارض بين استذكار يعزز هوية الكويت الغالية والتطلع لحسن الجوار مع الجمهورية العراقية، داعين الله أن يهيئ لها من أمرها رشداً.

نسأل الله أن يوفقنا للمزيد من المبادرات الوطنية السامية، لتظل الكويت رمزاً للفخر والعزة، وأن يحفظ بلادنا وسائر بلاد الخير من كل سوء.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي