بعد غدٍ ستحل الذكرى الـ 35 لغزو العراق للكويت... هذا الحدث الكبير والمأسوي لم يعد فقط حدثاً تاريخياً، بل عاد محطة للوعي السياسي والوطني، إنه حدث يؤكد أهمية وحدة الصف الوطني والاعتماد على المؤسسات الدستورية.
كما يؤكد أهمية اليقظة الدائمة في ظل عالم مضطرب، حيث التهديدات لا تأتي دائماً من الأعداء المعلنين، فقد كانت الكويت قبل الغزو، سنداً كبيراً للعراق وداعماً له في حربه الطويلة، فكافأ العراق وقياداته الكويت بأبشع صور النكران التي لم يعرفها العرب من قبل...
وما زاد قهر الكويتيين الذين كانت أذرع الخير فيهم تمتد إلى كل بقاع العالم وبالأخص بلادنا العربية.
وما زاد من قهرهم أن التضامن العربي الحقيقي لم يكن بحجم التوقعات آنذاك، ما دفع الكويت إلى إعادة تقييم تحالفاتها.
وفي الوقت نفسه، تأكد لكل منصف من أبناء الكويت أن الوفاء والحب ونجدة المظلوم متوافر في خليجنا المعطاء، فقد هبّ الشعب الخليجي وحكوماته بقيادة الشقيقة المملكة العربية السعودية ليقفوا مع الكويت قلباً وقالباً ومن دون تردد أو حسابات سياسية.
لقد دفع الشعب الكويتي ثمناً باهظاً نتيجة الثقة التي منحها للطاغية صدام حسين، ثمناً كان يمكن أن يؤدي إلى ضياع الوطن والكرامة والأمان، ولولا رحمة الله الكبيرة بنا وثقتنا به سبحانه وتلاحم الشعب وعدم انزلاقه وراء المحاور والانقسامات، لولا كل ذلك، لما عاد الوطن ورفرف عَلم الكويت فوق أرضها المحررة.
ستأتي ذكرى الغزو العراقي الغاشم كل عام لتؤكد حقيقة تغيب عن كثير من شعوب البلاد العربية ، حقيقة وحدة الشعب ووقوفه صفاً واحداً في الأزمات من أجل حماية الوطن، هناك كما نرى اليوم شعوباً مزّقتها الأحزاب وسمحت للغرباء في إعطاء الأوامر لهم بل إن بعض أبناء تلك البلاد يتسلّم الأسلحة من بلاد أجنبية تحت شعارات كاذبة من أجل إبقاء أوطانها رهينة الانقسامات.
مثل تلك الشعوب لن تسترجع أوطانها ولن تنعم بالاستقرار وعليها أن تتعلّم من تجربة الكويت ، تلك التجربة التي تحمل رسالة قوية لمن أراد أن يحمي وطنه من أعاصير الطغيان والتخلف كما حمى الشعب الكويتي وطنه بوحدة الصف.
تأتي ذكرى الغزو في كل عام لتؤكد أن الشعوب لا تنسى، وأن الكويت التي نهضت من بين الدمار والرماد، استطاعت أن تعيد بناء نفسها أقوى مما كانت عليه، مستندة إلى شرعيتها الدولية، ووحدتها الداخلية، وقيادتها الحكيمة. ويبقى الثاني من أغسطس يوماً محفوراً في الذاكرة الوطنية، لا يُستحضر إلا مقروناً بكلمة: لن ننسى.