إصدارٌ للكاتب والباحث البريطاني آليكس راول بنسخته العربية

«بالروح بالدم: الناصرية ومواريثها»... قراءة في الماضي لفهم الحاضر

تصغير
تكبير

- استند الكاتب إلى أكثر من 1300 خطاب وتصريح لعبد الناصر
- قسّم راول بحثه على سبعة بلدان كان للناصرية فيها تأثير واضح
- الكتاب لا يُقرأ كبحث أكاديمي جافّ... بل يميل في لغته إلى السرد الأدبي

بعد صدوره قبل عامين في بريطانيا والولايات المتحدة عن دارَي «سايمون أند شوستر» و«نورتون أند كومباني»، صدر أخيراً الكتاب السجالي «بالروح بالدم: الناصرية ومواريثها» للكاتب والباحث البريطاني آليكس راول، بنسخته العربية عن «دار الجديد» في بيروت، ليُتاح لقرّاء العالم العربي، فرصة القراءة في الماضي لفهم الحاضر.

ورغم كثرة ما كُتب عن جمال عبدالناصر وسياساته، يأتي هذا الكتاب من زاوية جديدة، تتخطى سيرة القائد أو نقد النظام، لتسلّط الضوء على الشعوب التي خضعت للحكم الناصري، وعلى أشكال الرفض والمقاومة التي أبداها الناس من داخل المشروع ذاته، قبل عقود من «انتفاضات 2011».

وفيما «يتفادى الباحثون دراسة الشعوب التي حكمها ناصر، والتي لم تنصع بالضرورة لاستبداده، بل ثارت مراراً وتكراراً على النظام الذي أرساه»، يكتب راول، مشيراً إلى نقطة قلّما تطرّق إليها باحث أو مؤرخ من قبل.

«مصادر غنية»

واستند راول في كتابه إلى مصادر غنية ومفتوحة، منها أكثر من 1300 خطاب وتصريح لعبدالناصر محفوظة في مكتبة الإسكندرية، بالإضافة إلى مذكرات زملائه وأقاربه ومعاصريه، ومقابلات خاصة مع شخصيات وناشطين عايشوا التجربة الناصرية، ليرسم من خلالها «بروفايلات» فردية لضحايا السلطة.

كما رأى راول، أن يُقسّم بحثه على سبعة بلدان كان للناصرية فيها حضور قوي أو تأثير واضح، بينها مصر، العراق، سوريا، لبنان، الأردن، اليمن وليبيا.

ولعلّ اختيار هذه البلدان يمنح الكتاب طابعاً عربياً يعكس مدى تشابك مصائر الشعوب العربية في ظل المشروع القومي الناصري.

«بين البحث والرواية»

اللافت في الكتاب، أنه لا يُقرأ كبحث أكاديمي جافّ، بل يميل في لغته إلى السرد الأدبي، ويزخر بمعلومات طريفة وتفاصيل إنسانية.

إذ تأتي بعض فصوله أشبه بـ «روايات مصغّرة»، تتتبّع فيها مصير فردٍ أو مجموعة في خضم الزمان الناصري.

فما من صفحة تخلو من معلومة جديدة، وما من فقرة لا تدفع القارئ إلى إعادة التفكير في المسلّمات أو الخروج من أسر الأفكار المعلّبة.

ومن بين المقتطفات اللافتة، يورد الكاتب قولاً منسوباً لعبدالناصر عام 1948، حين كان محاصراً مع كتيبته في الفالوجة «إن المصريين يخوضون الحرب الخطأ، مع العدو الخطأ، في الوقت الخطأ».

هذه العبارة، بقدر ما تختصر خيبة جيلٍ بكامله، تضيء أيضاً على الوعي المبكر بمأزق الأمة، حتى قبل أن يصبح ناصر نفسه على رأس المشروع القومي.

«كتاب العام»

لا شك في أن «بالروح بالدم» هو واحد من أهم الكتب التي صدرت عن العالم العربي في السنوات الأخيرة، ليس فقط لأنه يعيد قراءة مرحلة مركزية من تاريخه، بل لأنه يحرّض على التفكير خارج الاصطفافات والانتماءات.

أما أولئك الذين يناقشونه قبل قراءة سطرٍ منه، فإنهم يثبتون ما يؤكّده الكاتب، ان «مواريث ناصر والشعبوية لا تزال حيّة فينا».

«ضرورة ثقافية»

لم يكن إصدار النسخة العربية مجرد ترجمة، بل ضرورة ثقافية ومعرفية.

فالمصري قد لا يعرف تماماً ما جرى في لبنان أيام الوحدة مع سورية، والعراقي قد لا يحيط بتفاصيل ما جرى في مصر.

غير أن الكتاب يملأ هذه الفجوات، ويوسّع رقعة الإدراك النقدي للتاريخ المشترك.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي