تفكيك المنظومة الإنسانية... قرار إسرائيلي مُتعمّد
غزة... «الجوع يتجاوز نقطة اللاعودة»
- تل أبيب تفرض سياسة التجويع وتنقل المسؤولية إلى الأمم المتحدة
- الأرقام تكشف الكارثة: شاحنة واحدة لكل 34 ألف شخص يومياً
قبل أشهر، نجحت الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية في منع مجاعة كاملة في قطاع غزة عبر شبكة تضم مئات مراكز توزيع الغذاء، ومطابخ جماعية، ومخابز. لكن في 2 مارس 2025، بدأت إسرائيل في تفكيك هذه المنظومة عبر:
- إغلاق المعابر لمدة 78 يوماً، مما أفقر المخازن من المواد الغذائية.
- استبدال الآلية الفعّالة بمنظومة «صندوق المساعدة لغزة» التابعة لها، والتي تعتمد على 4 مراكز توزيع فقط، تقع في مناطق خطيرة يصعب على المدنيين الوصول إليها.
- عرقلة حركة شاحنات المساعدات التابعة للأمم المتحدة، حيث رفض الجيش الإسرائيلي 15 من أصل 16 طلباً لتوزيع الغذاء الأسبوع الماضي، وفقاً لوثائق أممية.
الكذب الإسرائيلي
وفي محاولة لإلقاء اللوم، نشر الجيش الإسرائيلي صوراً لشاحنات مساعدات أممية متوقفة عند معبر كرم أبوسالم، مدعياً أن الأمم المتحدة «فشلت في التوزيع». لكن الواقع يكشف عكس ذلك:
- إحدى القوافل التي وُصفت بـ«الفاشلة» كانت تحمل معدات طبية طارئة لمنظمة الصحة العالمية. تمت الموافقة على تحركها مساء اليوم السابق، لكن الجيش أعاق انطلاقها 9 ساعات، ثم غيّر مسارها فجأة، وأمر بإخلاء منطقة التفريغ المخطط لها.
- الشاحنات التي تصل إلى غزة تُفرغ تحت سيطرة الجيش، الذي يحدد المسارات والجداول الزمنية، بل ويُجبر السائقين على استخدام تطبيق إلكتروني لمراقبتهم.
الأرقام تكشف الكارثة: شاحنة واحدة لكل 34 ألف شخص يومياً...
في ردّها على التماس قدمته منظمات حقوقية إسرائيلية، كشف جيش الاحتلال عن أرقام تثبت سياسة التجويع:
- في الأشهر الأخيرة، دخلت غزة شاحنة مساعدات واحدة يومياً لكل 34 ألف نسمة، وهو ما لا يكفي لسدّ 1 في المئة من الاحتياجات الأساسية.
- حتى هذه الكميات الضئيلة لا تصل إلى السكان بسبب القواعد الإسرائيلية التي تمنع التوزيع المنظم.
وأفادت الأمم المتحدة في تقرير، بأنه رغم ادعاءات إسرائيل بأن حماس «تسرق المساعدات»، فإن تحقيقات الأمم المتحدة بتوثيق من صحيفة «نيويورك تايمز» ووكالة «رويترز»، كشفت:
- لا يوجد دليل على أن «حماس» سيطرت على كميات كبيرة من غذاء الأمم المتحدة.
- وزارة الخارجية الأميركية فحصت 136 حالة ضياع مساعدات ولم تجد أي انحراف لصالح الحركة.
- الجيش الإسرائيلي نفسه اعترف بأن المنظمات الأممية «تعمل بكفاءة»، وفقاً لتسريبات نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز».
وأكدت أن النظام الإسرائيلي الجديد للتوزيع يفضّل القوي على الضعيف:
- الشباب والمسلحون يستطيعون الوصول إلى مراكز التوزيع الخطرة، بينما يموت الأطفال والنساء والشيوخ جوعاً.
- 50 من أصل 127 ضحية سقطوا في الأسبوع الأخير فقط، مع انتشار صور لأطفال هزيلين تحوّلوا إلى «جلد وعظام».
هل فات الأوان؟
وأوضحت الأمم المتحدة أن «الجوع يتجاوز نقطة اللاعودة»، وحذّر أطباء في غزة من أن «الجوع قد أصبح قاتلًا حتى مع عودة الغذاء، عندما يصل الجسم إلى مرحلة الهزال الشديد، لا يكفي الطعام العادي لإنقاذ الضحايا، بل يحتاجون إلى علاج طبي مكثف وأغذية علاجية».
«جريمة حرب» بمرأى من العالم
وختم تقرير الأمم المتحدة أمس، «إسرائيل تُجري تجربة جماعية على شعب محاصر، بينما تحاول إخفاء الجريمة وراء اتهامات زائفة للأمم المتحدة».
السؤال الآن: هل سيتحرك المجتمع الدولي لوقف هذه الكارثة الإنسانية، أم سيواصل المراقبة حتى يُكتب الفصل الأخير من مأساة غزة؟!