يوم الأحد الماضي، أصدرت منظمة «برنامج الأغذية العالمي» التابعة للأمم المتحدة، بياناً بشأن حادثة إطلاق نار في صباح اليوم ذاته... جاء في النصف الأوّل من البيان:
«في صباح يوم 20 يوليو، دخلت قافلة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي مكوّنة من 25 شاحنة ومُحمّلة بمساعدات غذائية إلى قطاع غزة عبر معبر زكيم متجهة إلى المناطق التي تعاني من انعدام حاد في الأمن الغذائي بشمال القطاع.
وبعد اجتياز آخر نقطة تفتيش داخل غزة، واجهت القافلة حشوداً كبيرة من المدنيين الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر الحصول على المساعدات الغذائية التي يحتاجونها بشدة.
وأثناء اقتراب القافلة، تعرضت الحشود المحيطة بها لإطلاق نار من دبابات وقناصة إسرائيلية، إضافة إلى أنواع أخرى من إطلاق النار.
نشعر بقلق بالغ وحزن عميق إزاء هذا الحادث المأسوي الذي أدى إلى فقدان أرواح لا تُحصى، فضلاً عن إصابة الكثيرين بجروح تهدد حياتهم.
هؤلاء المدنيون كانوا ببساطة يحاولون الحصول على مساعدات غذائية لهم ولأسرهم، وهم على شفا الموت جوعاً... هذا الحادث المروّع يؤكد خطورة الظروف التي تواجه العمليات الإنسانية في غزة.
وتأتي أحداث العنف اليوم رغم تأكيدات سابقة من السلطات الإسرائيلية بشأن تحسين ظروف العمل الإنساني، بما في ذلك ضمان عدم وجود قوات مسلحة في أي نقطة على طول طرق مرور القوافل الإنسانية.
ويجدد برنامج الأغذية العالمي التأكيد على أن القوافل الإغاثية يجب أن تبقى خالية تماماً من أي وجود مسلح، كما تم إبلاغ جميع أطراف النزاع بذلك مراراً.
إن حوادث إطلاق النار بالقرب من المهام الإنسانية، أو القوافل أو نقاط توزيع الغذاء، يجب أن تتوقف فوراً. أي عنف يستهدف مدنيين يسعون للحصول على المساعدة الإنسانية هو أمر غير مقبول تماماً». (انتهى النقل)
إلى جانب البيان أعلاه، أصدر «البرنامج» العديد من البيانات الأخرى بشأن أزمة المجاعة في غزّة، ومن بينها البيان الذي صدر قبل ثلاثة أشهر، جاء فيه أنه «في حين أن المخازن التابعة للبرنامج في مختلف أنحاء غزة فارغة، هناك أكثر من 116.000 طن متري من المساعدات الغذائية - تكفي لإطعام مليون شخص لمدة تصل إلى 4 أشهر - جاهزة للدخول إلى غزة حال رفع الحصار».
مجموع بيانات «البرنامج» تؤكّد أن إسرائيل تمارس صراحة سياسة تجويع، مُتّسقة مع مشروعها المعلن الخاص بتهجير الغزاويين إلى «المدينة الإنسانية»، وإلى خارج إسرائيل. وهذا الترحيل القسري ليس إلا جريمة حرب، كما جاء في بيان منظمة العفو الدولية الذي صدر في 7 /5/ 2025.
لذلك، أتفق تماماً مع من يعتبر السكوت «عن هذا المشروع الصهيوني» جريمة إنسانية.
في مقابل جريمة السكوت هذه -التي نحن براء منها- يبدو أننا مرتكبون جرائم إنسانية مشابهة، بتجاهلنا أو جهلنا -في عصر الإنترنت والثورة المعلوماتية- بما تعانيه شعوب أخرى، من بينها شعوب عربية ومسلمة، كالسودانيّين.
فحسب تقارير برنامج الأغذية العالمي، «السودان مُعرّض لأن يصبح أكبر أزمة جوع في التاريخ الحديث مع استمرار الصراع في تدمير سبل العيش والبنية التحتية والمسارات التجارية وسلاسل الإمداد». وأن 10 مناطق في السودان تعاني من «المجاعة»، ويتوقّع أن تمتد إلى 17 منطقة أخرى.
وفي السودان «يعاني إجمالي 24.6 مليون شخص (نحو نصف عدد السكان) من انعدام الأمن الغذائي الحاد، في حين يواجه 637.000 شخص -وهو أعلى رقم عالمياً- مستويات كارثية من الجوع».
كما أن «السودان يواجه أيضاً أسوأ أزمة نزوح في العالم، حيث أجبر الصراع نحو 12 مليون شخص على الفرار من منازلهم».
لذلك، حتى لا نكون من مرتكبي جرائم السكوت، علينا متابعة ونشر ودعم أنشطة الكيانات المعتبرة الموثوقة من المنظمات الإنسانية، التي تعاني الآن من انخفاض حاد في التمويل من أميركا ودول أوروبية... «اللهم أرنا الحقّ حقّاً وارزقنا اتّباعه».