إيران لا تحتاج إلى إعادة بناء منشآت التخصيب إلى نطاقها السابق للحصول على قنبلة نووية. في غضون 10 إلى 20 يوماً، يمكن لسلسلة واحدة مكوّنة من 174 جهازاً طردياً مركزياً من طراز IR-6، أن تنتج ما تحتاجه قنبلة واحدة من اليورانيوم المخصّب بنسبة 90 %، من المواد المخصّبة مسبقاً بنسبة 60 %، التي لا يُعرف مكانها اليوم.
الرأي الفنّي أعلاه للدكتور James M. Acton المدير المشارك لبرنامج السياسة النووية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، الحاصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء النظرية من جامعة كامبريدج المرموقة. وقد أُشير إلى هذا الرأي في مقال نُشر في مجلّة Foreign Policy في يوم الجمعة الماضي، اقتبست عنوانه ليكون عنواناً لمقالي، كتبه Matthew Duss نائب الرئيس التنفيذي لمركز السياسة الدولية.
في هذا المقال، أوضح الكاتب Duss أن الهجوم الأميركي الإسرائيلي المشترك على إيران ولّد حقبةً أكثر اضطراباً، عوضاً عن معالجة مشكلة البرنامج النووي الإيراني. وأنه إذا استمرت عقيدة الرئيس ترامب، بأن مشاكله يمكن حلها بمجرد الضغط على زر «القنبلة»، فمن شبه المؤكد أنه سيفعل ذلك كلما شعر بالإحباط في المحادثات المستقبلية. وبالتالي، بدلاً من الاتفاق على فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني، سوف تتجه واشنطن نحو حرب طويلة.
حذّر كاتب المقال من تبعات استمرار إسرائيل في توسيع نطاق تطبيق إستراتيجية «جز العشب» -التي تطبّقها في غزّة منذ عقود من الزمن- لتشتمل المنطقة بأكملها. حيث نفّذت إسرائيل، خلال الفترة الممتدّة من 7 أكتوبر 2023 إلى 13 يونيو 2025، ما يقارب 35 ألف هجوم معلن في خمس دول بالمنطقة. وذلك نقلاً عن تقرير نشرته قناة «الجزيرة».
كما حذّر الكاتب من مُستقبل مُرعب إذا لم تغيّر واشنطن مسارها. مُستقبل وصفه وحذّر منه الكاتبان Hussein Agha and Robert Malley في مقال نشر قبل أيّام في مجلّة Foreign Affair. المستقبل الذي قد يتحقّق حين «يلجأ المزيد من الفلسطينيين واللبنانيين والإيرانيين وغيرهم ممن تحرّكهم قضيتهم -يائسين، أُبيد أصدقاؤهم أو أقاربهم، يتوقون للانتقام، الظلام أفقهم الوحيد- إلى أشكال غير تقليدية من الحرب». التهديد الذي حذرا منه ينطوي على «نسخ أكثر فتكاً وتطوراً من الطائرات والحافلات المختطفة، وعمليات احتجاز الرهائن، والهجمات الانتحارية التي شهدناها في الماضي».
لذلك، دعا الكاتب Duss الديمقراطيين وغيرهم من الزعماء المناهضين للحرب إلى التركيز بقوة على ثلاث حقائق في مساعيهم لتغيير مسار واشنطن. وهي أن «الضربات التي شنّها الرئيس دونالد ترامب، على إيران غير قانونية بقدر شبه مُؤكّد، وغير ناجعة على الأرجح، وغير شعبية بلا شك».
وقدّم الكاتب خارطة طريق نحو سلام مستدام في المنطقة، من مرحلتين. في الأولى «ينبغي أن يعود ترامب، إلى المسار الدبلوماسي الذي حاول نتنياهو إفساده بهجومه على إيران. وحيث إن ترامب، أثبت بالفعل قدرته على الوقوف في وجه نتنياهو، بدفعه للموافقة على وقف إطلاق النار في غزة في يناير الماضي، وإنهاء حربه على إيران قبل أيّام. لذلك يمكنه فعل ذلك مرة أخرى، بإشراك شركاء أوروبيين في المفاوضات مع إيران، والتخلي عن مطلب عدم التخصيب، وهو الحبة السامة التي أنتجت خصوصاً لمنع التوصل إلى اتفاق نووي جديد».
وفي المرحلة الثانية «ينبغي أن يمارس ترامب الضغط نفسه من أجل وقف إطلاق نار دائم في غزة، وإنهاء الأزمة التي أشعلت هذه الحرب، وبدء عملية متعددة الأطراف تهدف إلى بناء سلام إقليمي حقيقي دائم، لا يقوم على قمع واحتلال أبديّين». «كان ينبغي لأحداث الأشهر العشرين الماضية أن تُثبت بشكل قاطع إلى أين يقود النهج الحالي».
وأنا بدوري، أناشد المعنيين تبني خارطة طريق «السلام الحقيقي» أعلاه... «اللهم أرنا الحقّ حقّا وارزقنا اتّباعه»