كلمة صدق

الأخلاق في الحروب

تصغير
تكبير

في مبدأ ميكافيلي «الغاية تبرر الوسيلة» غايات يرى القوي أنه يستطيع الوصول لها بأي وسيلة كانت، وهذا القوي والمتنفذ يرى أحياناً أن غايته شريفة وعادلة وإن كانت حرباً، فلماذا لا يكون هناك من يتبع أي وسيلة وإن كانت «قذرة» كما قال المستشار الألماني للوصول إلى غاية يرى أنها عادلة.

تقول أستاذة الأخلاق العالمية هيذر ويدوز، إنه لطالما حيرت الحروب الفلاسفة لقرون، فليس هناك شيء بديهي أكثر من اعتبار القتل على نطاق واسع خطأً أخلاقياً. لكن أستاذة الأخلاق تضيف أن البعض يجادل بأن هناك أوقاتاً تكون فيها الحرب جائزة أخلاقياً، بل واجبة استناداً منهم إلى ما يسمى «نظرية الحرب العادلة». وهي نظرية كما تقول ويدوز، تعود إلى القديس أوغسطين، في القرن الخامس الميلادي، والقديس توما، في القرن الثالث عشر، وهي نظرية حول متى يحق اللجوء للحرب، والسلوك حال اللجوء للحرب.

وأطر هذه النظرية أن تكون الحرب قد شنتها سلطة شرعية في قضية عادلة، وفي سلوك الحرب يكون التمييز بين المقاتل وغير المقاتل، وأن تكون الإجراءات العسكرية ضرورية.

إذا سلطنا نظريات الحروب على ما يجري في غزة، فلو كانت بادعاء القضاء على حركة حماس فهي «حرب عادلة» كما تدعي إسرائيل، وهي ليست كذلك بالطبع، فهذه الحرب على غزة لم تشنها سلطة شرعية بالمعنى الحقيقي، ولكن شنتها قوات احتلال عليها ما عليها من القرارات الدولية التي تجرم احتلالها، ولكن على فرضية قوات الاحتلال بأن حربها في غزة عادلة وهي موجهة ضد حماس التي قامت بعملية طوفان الأقصى فهل السلوك في هذه العمليات الحربية سلوك أخلاقي يفرق بين المقاتل وغيره؟ وهل عمليات الانتقام من عملية طوفان الأقصى هي عمليات عسكرية ضرورية ومتناسبة مع خسائر الإسرائيليين في طوفان الأقصى؟

تتكلم آخر التقارير عما يقارب السبعين ألف قتيل ومفقود من سكان غزة، مع مئات الآلاف من الجرحى، في هذه البقعة الصغيرة وعدد السكان الصغير نسبياً. هناك أرقام تتحدث عن أعداد أكبر من القتلى لكنها أرقام غير مؤكدة تشير إلى أن عدد القتلى والمفقودين قد يقارب المئة ألف، إن صحت هذه التقديرات.

نساء وأطفال وشيوخ وحتى شباب عزل يقفون في طوابير المساعدات وفي المخيمات، وفي الخرائب في حالة معيشية قاسية، يتم استهدافهم وقتلهم، كل يوم عشرات القتلى ومئات الجرحى بحجة أن هناك مقاتلاً بينهم! أهناك شيء من أخلاق الحروب هنا؟! أهناك ذرة من ضمير بشري؟!

إذا كان الكيان الصهيوني الغاصب يرى أن حربه عادلة، كذلك الفلسطينيون ومعهم العرب والمسلمون وأغلب شعوب العالم والقرارات الدولية، كلهم يرون ويشهدون أن قضية الفلسطينيين قضية عادلة تستحق القتال والنضال لأجلها.

الكلام كثير وأكثر منه كلام الفضائيات، والنياحات فيه كثيرة، وهي لا تكفي إن لم تتبعها خطوات ملموسة للضغط على الاحتلال وداعميه، لإيقاف القتل الجماعي الذي استرخص بشكل غير مسبوق وتحت عدسات الكاميرات الدم الفلسطيني العربي المسفوح.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي