هل انتهى البرنامج النووي الإيراني؟
شهد العالم فجر اليوم، واحدة من أكثر الضربات إثارة للجدل في العقود الأخيرة... قيام الولايات المتحدة بشن هجوم مركز على منشآت البرنامج النووي الإيراني. وبينما سارعت دوائر سياسية وإعلامية، إلى الحديث عن «نهاية» الطموح النووي الإيراني، فإن القراءة الإستراتيجية الأعمق -المدعومة بتقديرات خبراء وعلماء بارزين- تُظهر صورة مختلفة.
فقد أظهرت صور أقمار اصطناعية وجود «نشاط غير معتاد» لشاحنات ومركبات قرب منشأة فوردو لتخصيب الوقود، قبل يومين من تنفيذ الضربات الأميركية، وفقاً لما أكده محلل في شركة الأقمار الاصطناعية «ماكسار» لصحيفة «واشنطن بوست».
وبحسب التحليل، فقد رصدت في 19 يونيو، 16 شاحنة بضائع على الطريق المؤدي إلى المجمع النووي الواقع تحت الأرض.
وفي اليوم التالي، أظهرت صور جديدة أن غالبية الشاحنات تحركت بنحو كيلومتر واحد إلى الشمال الغربي، مبتعدة عن المنشأة.
كما كشفت الصور عن وجود شاحنات وجرافات أخرى متمركزة قرب مدخل الموقع، بما في ذلك شاحنة واحدة كانت متوقفة مباشرة عند المدخل، ما يثير تساؤلات حول طبيعة الأنشطة التي كانت تجري قبيل الضربة.
وفي وقت سابق من يوم أمس، قال مصدر إيراني لوكالة «رويترز»، إنه تم نقل معظم اليورانيوم عالي التخصيب من منشأة فوردو لموقع غير مُعلن، قبل الهجوم الأميركي.
وأظهرت الصور أيضاً، وجود أضرار سطحية، لكن لم ترد بعد تأكيدات قاطعة حول اختراق التحصينات العميقة للموقع أو انهيار أساسي للمبنى تحت الأرض. هذا النمط يشير إلى أن الضربة قد تكون استهدفت البنية التحتية السطحية للموقع من دون أن تحدث دماراً شاملاً في المنشآت المحصنة.
يذكر أنه في تقرير استباقي نشرته «واشنطن بوست» في 17 يونيو، أشار محللون عسكريون إلى أن منشأة فوردو، نظراً لعمقها الجيولوجي، قد لا تُدمَّر بالكامل حتى باستخدام القنابل الخارقة للتحصينات.
ويقول الخبير النووي ديفيد أولبرايت من «معهد العلوم والأمن الدولي» (آي سي آي سي) لا نرى دماراً لا رجعة فيه في فوردو... طالما الملاجئ تحت الأرض تعمل، فإن إيران تملك ساعة نووية تدقّ بصمت».
ولفت إلى أن الأسلحة الخارقة للتحصينات (إم أو بي) لم تُستخدم بالفعالية الكاملة، مما جعل الضربة «غير حاسمة إستراتيجياً».
ويشير الخبراء العلميون إلى أن البرنامج النووي «ليس مجرد أجهزة طرد مركزي أو منشآت خرسانية، بل بنية معرفية مكونة من آلاف المهندسين والفيزيائيين النوويين، وبنية تحتية للتصميم والتطوير موزعة على نطاق جغرافي واسع».
ويؤكد الخبير النووي ماثيو بون من كلية بلفر - جامعة هارفارد أن «الضربات العسكرية قد تدفع إيران إلى القناعة بأن الردع النووي هو السبيل الوحيد للبقاء... وقد تسرّع مشروع التسلّح بدلاً من إبطائه».
ويرى بعض المراقبين أن الضربة قد تكون بشكل غير متوقع دافعاً لإيران إلى التحوّل من برنامج «قابل للمراقبة» إلى برنامج أكثر سرية وجوهرية.