شمخاني: اللعبة لم تنته بعد... والمواد المخصبة لاتزال سليمة

ترامب يُعلن «محو» منشآت إيران النووية ويمد «يد الدبلوماسية» لبرنامج سلمي

تصغير
تكبير

- الرئيس الأميركي: أمام إيران المتنمرة «السلام أو المأساة»
- بزشكيان يشارك في تظاهرة مناهضة للضربات: يجب أن يتلقى الأميركيون رداً
- لون جبل فوردو تغيّر عما كان عليه في 19 يونيو
- فانس: ليس لدينا أي مصلحة في إرسال قوات برّية
- القواعد الأميركية في المنطقة ترفع حال التأهب القصوى

بعد أيام من الغموض بشأن إمكان التدخل إلى جانب إسرائيل في الحرب التي بدأتها في 13 يونيو، شنّت الولايات المتحدة ضربات غير مسبوقة، فجر أمس، على المنشآت الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في ناتانز وفوردو وأصفهان، مستخدمة للمرة الأولى، أقوى قنبلة غير نووية في العالم، وأكدت أنها «ليست في حالة حرب مع إيران وإنما مع برنامجها النووي».

وأعلن الرئيس دونالد ترامب أنه «محا» المواقع النووية الرئيسية في ضربات جوية بقنابل ضخمة خارقة للتحصينات، اعتبرتها طهران تجاوزاً لـ«الخط الأحمر»، في حين أكد مصدر إيراني رفيع المستوى لـ «رويترز»، أن معظم اليورانيوم عالي التخصيب في فوردو، نُقل إلى مكان آخر قبل الهجوم، وأن عدد العاملين هناك انخفض إلى الحد الأدنى.

وتباينت ردود فعل قادة العالم، بين إشادة إسرائيلية وإدانة عربية ودعوة الأمم المتحدة إلى التهدئة، فضلاً عن تنديد إيران وبعض الدول الأخرى بالهجمات، بينما رفعت القواعد الأميركية في منطقة الشرق الأوسط حال التأهب القصوى، تحسباً لرد فعل انتقامي من قبل إيران.

«صنع السلام»

وفي خطاب مقتضب، استمر ثلاث دقائق ونصف الدقيقة، من القاعة الشرقية في البيت الأبيض، أعلن الرئيس الأميركي، إثر أكبر مغامرة في السياسة الخارجية خلال فترتي رئاسته، أن الضربات «الناجحة جداً»، دمرت منشآت التخصيب النووي الرئيسية «بشكل تام وكامل»، قائلاً إن «على إيران المتنمرة في الشرق الأوسط، أن تصنع السلام الآن»، وإلا «ستكون الهجمات المستقبلية أكبر وأسهل بكثير».

وأضاف أن مستقبل إيران يحمل «إما السلام وإما المأساة»، وإن هناك عدداً من الأهداف الأخرى التي يمكن أن يستهدفها الجيش الأميركي.

من جانبه، اعتبر نائب الرئيس جاي دي فانس، أن الضربات أخّرت «إلى حد كبير» قدرة إيران على تطوير سلاح نووي.

وصرح لشبكة «إن.بي.سي»، «لسنا في حالة حرب مع إيران، بل في حالة حرب مع برنامجها النووي».

وتابع أنه «ليس لدى الولايات المتحدة أي مصلحة في إرسال قوات برية».

وأعلن وزير الدفاع بيت هيغسيث، من جهته، أنّ الضربات غير المسبوقة، «دمّرت» البرنامج النووي، مؤكداً في الوقت ذاته أنّ هذا الهجوم لا يهدف إلى تغيير النظام.

وأبدى وزير الخارجية ماركو روبيو استعداد واشنطن «لإجراء محادثات» مع طهران تتناول برنامجها النووي المدني.

واعتبر أن الضربات جعلت العالم أكثر أمناً، مقللاً من المخاوف من أن الهجوم قد يشعل نزاعاً أوسع نطاقاً.

إلى ذلك، كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة، لمحطة «سي بي إس»، أن الإدارة الأميركية تواصلت بشكل مباشر مع طهران، لإبلاغها بأن الضربة العسكرية، «هي كل ما خططت له»، أي أنها لا تنوي توجيه ضربات جديدة، و«لا تسعى إلى تغيير النظام»، في محاولة واضحة لاحتواء التصعيد وعدم الانزلاق إلى حرب شاملة في المنطقة.

لون الجبل... تغيّر

إلى ذلك، وبحسب تحليل أجرته «فرانس برس» لصور الأقمار الاصطناعية باستخدام بيانات من شركة «بلانيت لابس بي بي سي»الأميركية، يبدو أنّ الأرض في المكان تأثّرت بالضربات، بينما تغيّر لون جبل فوردو عما كان عليه في 19 يونيو الجاري.

وفي طهران، شارك الرئيس مسعود بزشكيان في تظاهرة للتنديد بالضربات.

وهتف المتظاهرون «الثأر، الثأر» رافعين قبضاتهم، فيما حاول الرئيس الإيراني شق طريقه عبر الحشد المتجمع في ساحة الثورة في وسط طهران.

ونقلت وكالات أنباء إيرانية عن بزشكيان قوله لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في اتصال هاتفي «يجب أن يتلقى الأميركيون رداً على عدوانهم».

وصرح وزير الخارجية عباس عراقجي الموجود حالياً في إسطنبول، بأن طهران تدرس خياراتها للرد، ولن تفكر في اللجوء إلى الدبلوماسية إلا بعد تنفيذ ردها، مشيراً الى أنه سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، اليوم لإجراء «مشاورات جدية».

ولم يستبعد عراقجي، انسحاب طهران من معاهدة حظر الانتشار النووي.

وأكد علي شمخاني، مستشار المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، أن بلاده لا تزال تحتفظ بمخزونها من اليورانيوم المخصب

وكتب على منصة «إكس»، «حتى لو دمرت المواقع النووية فإن اللعبة لم تنته. إن المواد المخصبة والمعرفة المحلية والإرادة السياسية باقية».

وأضاف أن «المبادرة السياسية والعملانية هي الآن لدى الطرف الذي يمارس اللعبة بذكاء ويتجنب الضربات العمياء. المفاجآت مستمرة».

«منعطف تاريخي»

وفي القدس، شكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترامب على الهجوم«الجريء»، قائلاً إنه يُمثل «منعطفاً تاريخياً» قد يقود الشرق الأوسط إلى السلام.

وأشاد بـ «السلام من خلال القوة»، قائلاً «أولاً تأتي القوة، ثم يأتي السلام».

كما اعتبر رئيس الوزراء، أنه وفى بوعده بتدمير البرنامج النووي الإيراني.

وفي ظل استمرار الحرب، تعرّضت ثلاث مناطق إسرائيلية بينها تل أبيب لقصف صاروخي.

وأعلنت القوات الإيرانية أنها استهدفت مطار بن غوريون الدولي بالقرب من تل أبيب، واستخدمت «للمرة الأولى» صواريخ بالستية متعددة الرؤوس لشن ضربات «أكثر دقة وتدميراً».

وأفادت «وكالة إرنا للأنباء»، باطلاق 40 صاروخاً على إسرائيل، ما تسبب في أضرار جسيمة وجرح 23 شخصاً على الأقل.

جاء ذلك فيما توعد الحرس الثوري بجعل الولايات المتحدة «تندم» رداً على الهجمات التدميرية.

في المقابل، أفاد الجيش الإسرائيلي بأن «نحو 30 طائرة حربية ضربت عشرات الأهداف العسكرية في أنحاء إيران»، بينها «مركز قيادة صواريخ الإمام الحسين الإستراتيجي في مدينة يَزد (وسط) حيث تم تخزين صواريخ خرمشهر بعيدة المدى».

مواقع نووية إيرانية

منشأة تخصيب اليورانيوم في ناتانز

تقع المنشأة النووية، على بعد نحو 220 كيلومتراً جنوب شرقي طهران، وهي موقع التخصيب الرئيسي، وسبق أن استهدفتها الغارات الجوية الإسرائيلية.

وخصبت هذه المنشأة، اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60 في المئة، وهو مستوى معتدل، لكنه على بعد خطوة قصيرة من درجة التخصيب اللازمة لصنع الأسلحة، وذلك قبل أن تدمر إسرائيل مباني فوق الأرض تتبع المنشأة النووية، وفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ويوجد جزء آخر من المنشأة الواقعة في الهضبة المركزية الإيرانية تحت الأرض، للحماية من الضربات الجوية المحتملة. وهي تشغّل سلاسل أو مجموعات عدة من أجهزة الطرد المركزي التي تعمل معاً لتخصيب اليورانيوم بسرعة أكبر.

وتعتقد الوكالة الذرية أن معظم أجهزة الطرد المركزي، إن لم يكن كلها، قد دُمر بسبب ضربة إسرائيلية قطعت الكهرباء عن الموقع.

وأضافت أن تلك الضربات تسببت في تلوث الموقع نفسه فقط، وليس المنطقة المحيطة به.

وسبق أن استُهدفت منشأة ناتانز، بفيروس «ستاكسنت» الذي يُعتقد أنه من صنع إسرائيلي وأميركي، وتسبب في دمار أجهزة الطرد المركزي، كما تعرضت المنشأة لهجومين منفصلين، نُسبا إلى إسرائيل.

منشأة فوردو للتخصيب

تقع المنشأة النووية على بعد نحو 100 كيلومتر جنوب غربي طهران. وتستضيف أيضاً سلاسل الطرد المركزي، لكنها ليست بحجم منشأة ناتانز. بدأ بناء المنشأة عام 2007، وفقاً للوكالة الذرية، رغم أن إيران لم تبلغ الوكالة عنها إلا في 2009، بعد أن علمت الولايات المتحدة ووكالات الاستخبارات الغربية، بوجودها.

مركز أصفهان

يعمل في مركز أصفهان للتكنولوجيا النووية، على بعد نحو 350 كيلومتراً جنوب شرقي طهران، آلاف العلماء النوويين. ويضم 3 مفاعلات بحثية صينية ومختبرات مرتبطة بالبرنامج الذري.

وضربت إسرائيل مباني في موقع أصفهان النووي، من بينها منشأة لتحويل اليورانيوم.

مواقع نووية أخرى

لدى إيران مواقع أخرى في برنامجها النووي لم يُعلَن عنها بوصفها أهدافاً في الضربات الأميركية.

تقع محطة الطاقة النووية التجارية الوحيدة بإيران في بوشهر على الخليج العربي. كما تبني إيران مفاعلين آخرين في الموقع. ويتم تزويد بوشهر بالوقود من اليورانيوم المنتج في روسيا، وليس في إيران، وتخضع لمراقبة الوكالة الذرية.

ويقع مفاعل آراك للماء الثقيل على بعد 250 كيلومتراً جنوب غربي طهران. ويساعد الماء الثقيل في تبريد المفاعلات النووية، لكنه ينتج البلوتونيوم كمنتج ثانوي يمكن استخدامه في الأسلحة النووية.

وكانت إيران قد وافقت بموجب الاتفاق النووي الذي أبرمته مع القوى العالمية عام 2015 على إعادة تصميم المنشأة لتخفيف مخاوف الانتشار النووي.

دول إسلامية تشكل مجموعة اتصال

أعلنت منظمة التعاون الإسلامي، أنها ستشكل فريق اتصال على مستوى الوزراء لإجراء اتصالات منتظمة مع الأطراف الدولية والإقليمية لدعم جهود خفض التصعيد و«وقف العدوان على إيران».

وفي إعلان مشترك عقب اجتماع وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي في إسطنبول، دانت المنظمة المكونة من 57 عضواً «عدوان إسرائيل» على إيران، مشددة على «الحاجة الملحة لوقف الهجمات الإسرائيلية وقلقها الكبير إزاء هذا التصعيد الخطير».

وحضت المنظمة المجتمع الدولي على اتخاذ «إجراءات رادعة لوقف هذا العدوان ومحاسبة إسرائيل على الجرائم التي ارتكبتها».

ولم يتطرق الإعلان إلى الغارات الأميركية.

تعزيز دوريات «الباسيج»

عززت قوات التعبئة (الباسيج) المرتبطة بالحرس الثوري، دورياتها في المدن الإيرانية بهدف ضبط الأمن.

وقالت الناطقة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني عبر التلفزيون الرسمي «في ظل الحاجة إلى تعزيز الأمن، خصوصاً في الليل، تمت زيادة عدد الدوريات في المدن»، معربة عن «الامتنان لقوات الباسيج وكل القوات الشعبية».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي