المنطقة الحرة

المتاحف... شواهد على العصر

تصغير
تكبير

في كل رحلة أقوم بها، أحرص أن أبدأ زيارتي بالمرور على المتاحف والمكتبات، فهما مرآة أي أمة ونبض ثقافتها. أستمع إلى الأغاني الوطنية لتلك البلدان، أقرأ ترجماتها، أحاول أن أفهمها كما يفهمها أهلها، لأنها تخبرني بما لا تقوله الكتب الرسمية. لكنني ذات مرة، في زيارتي لمتحف اللوفر، في باريس، شعرت بشيء مختلف... شعرت بالغيرة.

كان هناك قسم كامل مخصص للفن والتراث العربي والإسلامي، معروض بأناقة وفخر وشرح مبسط يحكي كيف كنّا وكيف أثّرنا في العالم. لحظتها، قلت في نفسي: «لماذا لا نحتفل نحن بهذا التراث كما يحتفلون به هم؟ لماذا لا يكون لنا متاحف تروي قصتنا نحن، بكل ما فيها من فخر وإبداع وتنوع بالقيمة نفسها؟

نعم، نحن أولى من غيرنا بأن نحتفي بتراثنا، ونعرضه بأفضل صورة، ونفتخر به أمام التاريخ . ليس المطلوب فقط متاحف لعرض القطع القديمة، بل مؤسسات حية تنبض بالحكايات، تتحدث بلغتنا ولهجاتنا، وتعيد تقديم تاريخنا بشكل يجعل الأجيال القادمة تعتزّ بانتمائها».

من أرض الجزيرة العربية، انطلقت حضارات ضاربة في عمق التاريخ، صنعت للإنسانية علماً وأدباً وتجارة وفنوناً. وفي قلب هذه الأرض، تبرز الكويت كإحدى الحلقات اللامعة في هذه السلسلة الحضارية، بتاريخها البحري، وثقافتها التجارية، وريادتها الثقافية الحديثة. إن التراث في هذه المنطقة ليس مجرد ذكرى، بل هو شاهد على نهوض الإنسان في بيئة قاسية، استطاع أن يحوّلها إلى مركز للتفاعل والحياة. والمتاحف ليست مجرد مبانٍ تحتوي على مقتنيات، بل هي أرشيف الذاكرة، وقصص النضال، والإبداع، والصمود.

الكويت تميّزت بخصوصيتها في مزج تراث البحر بالصحراء، وتاريخها حافل بصفحات من الكفاح والعمل الجماعي. من صناعة السفن (البوم والجالبوت) إلى الغوص بحثاً عن اللؤلؤ، ومن الأسواق القديمة مثل سوق المباركية إلى المجالس الأدبية التي احتضنت الروّاد، يظهر التراث الكويتي كصورة حية للنهضة المبكرة في الخليج.

ولم يكن التراث الكويتي محصوراً في الماضي فحسب، بل شكّل أساساً لنهضة ثقافية ومعمارية وسياسية جعلت الكويت رائدة في التعليم والفكر والإعلام في المنطقة.

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي