رأي نفطي

إغلاق «هرمز»... النفط فوق 100 دولار

تصغير
تكبير

في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، تبرز المخاوف من إغلاق محتمل لمضيق هرمز، أحد أهم الممرات الملاحية الحيوية في العالم لنقل الطاقة. فمثل هذا الإغلاق سيؤدي إلى توقف تدفق النفط الخام، والمشتقات النفطية، والغاز الطبيعي نحو الأسواق العالمية، وبخاصة نحو القارة الآسيوية التي تعتمد بشكل كبير على صادرات الخليج العربي من الطاقة.

تتجاوز الكميات اليومية المصدّرة من الخليج أكثر من 23 مليون برميل من النفط المكافئ، وهو ما يعكس حجم الاعتماد العالمي، وخاصة الآسيوي، على هذا الشريان الحيوي. حرية الملاحة في مضيق هرمز تمثل إذاً مسألة أمن قومي للدول الآسيوية التي تعتبر إمدادات الخليج مسألة مصيرية.

ورغم أن أسعار النفط قد ارتفعت بالفعل من نحو 67 دولاراً إلى 73 دولاراً للبرميل، فإن إغلاق المضيق سيكون حدثاً استثنائياً ذا تداعيات يصعب التنبؤ بها بدقة من حيث النطاق السعري. إغلاق المضيق يعني أزمة عالمية بكل المقاييس، وتدخلاً حتمياً من كل دولة تعتمد على واردات النفط من الخليج.

يُذكر أن الطلب العالمي الحالي على النفط يبلغ حوالي 103 ملايين برميل يومياً، وهو قريب من حجم الاستهلاك المحلي في الولايات المتحدة وحدها. ورغم هذا، فإن واشنطن تعتمد بنسبة محدودة على نفط الخليج، إذ تستورد ما بين 8 إلى 10 ملايين برميل يومياً، 60 % منها تأتي من كندا، و10 % من المكسيك، ثم من السعودية والعراق بنحو 11 %، إضافة إلى كولومبيا بنسبة 4 %، فضلاً عن إمدادات من الكويت والإمارات. وتبقى السعودية من بين أبرز المورّدين للولايات المتحدة، بحوالي 400 ألف برميل يومياً.

أما المخاوف من ارتفاع أسعار النفط، فلا تزال حتى اللحظة في إطار التوقعات، خصوصاً مع تأكيد أن استهداف المنشآت النفطية في الخليج يمثل «خطاً أحمر» لا تقبل به أي دولة مستوردة.

وحتى لو خرج النفط الإيراني من المعادلة، فإن هناك احتياطيات كافية قد تسد العجز موقتاً. فالسعودية تملك فائضاً احتياطياً يقدّر بنحو 3 ملايين برميل يومياً، في حين يمكن للعراق، والإمارات، والكويت أن تساهم في تعويض النقص. كما يمكن للنفط الروسي - بنحو 500 ألف برميل يومياً - أن يغطي جزءاً من الفجوة.

مع ذلك، تظل هذه الحسابات ضمن إطار «السيناريوهات المحتملة»، إذ إن توقف صادرات النفط الإيراني كلياً سيؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار، قد يتجاوز 100 دولار للبرميل، ليس فقط بسبب نقص الإمدادات، بل نتيجة الهلع والاندفاع العالمي نحو تأمين الموارد.

ومن المتوقع أيضاً أن يشهد السوق العالمي نقصاً في الناقلات النفطية وارتفاعاً في تكاليف الشحن البحري، مما يزيد من تعقيد المشهد.

باختصار، فإن إغلاق مضيق هرمز لن يكون مجرد أزمة اقتصادية، بل سيشكل إعلان حرب بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ويهدد بإشعال صراع عالمي على الطاقة لا يُعرف مداه.

محلل نفطي مستقل

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي