مسرح العرائس

تصغير
تكبير

لا أدري لماذا تذكرتُ في هذه الآونة مسرح العرائس! حيث يقف الراوي (العراب) متخفياً خلف ذلك الصندوق وتتدلى من بين يديه الخيوط المهترئة التي تحمل الدمى الملونة التي نُسميها العرائس.

«مرحباً بكم في العرض الكبير»... هكذا كنا نسمع الصوت الخفي وراء الصندوق معلناً بدء المسرحية، ثم تتحرك العرائس بخفة لتؤدي دورها بكل دقة، ونندمج نحن الأطفال مع المشاهد والحوارات ونضحك ونصفق لتلك القصص التي تُحاكي واقعنا وتصف مشاهد الحياة لكن بلا فوضى وبلا دماء ودون دمار، فقط خيوط وابتسامات مرسومة على وجوه الدمى.

ضحكنا وصفقنا كثيراً حين كنا أطفالاً أما الآن فنحن نعيش بما يشبه مسرح العرائس لكنه حقيقي وأكبر بكثير من ذاك الصندوق، تُحركنا تلك الخيوط وترقص وترقصنا ولا نشعر بالحبل حول أعناقنا!

في هذا العرض الكبير جداً لا حاجة للتذاكر فنحن أبطاله شئنا أم أبينا، نعم نحن أبطال مسرح العرائس نتحرك، نرقص، نتكلم لكن بصوت الراوي!

نعانق بعضنا، نبتسم، نثور، نغضب ونقتل بعضنا ثم نهدأ ونسكن كل ذلك بقرار من الخيوط الخفية (خلف الكواليس) حيث يتغير السيناريو كلما شعر الراوي بالملل!

أما المشهد الأكثر واقعية هو حين تتجمع الدمى في مظاهرة وتهتف «نحن أحرار» ثم تعود إلى الصناديق عند انتهاء العرض تطوي شعاراتها وتستعد للمشهد التالي!

في مسرح العرائس ذاك، تعرف الدمى الحقيقية - على الأقل - مَنْ يحركها بينما نحن نختلف على اسم العراب ولا نجرؤ على النظر إلى الأعلى!

وفي مسرحنا نحن، الدمى تصدق المسرحية والجمهور لا يصفق إلا حين يُطلب منه! والأبطال يتغيرون لكن الخيوط نفسها تبقى!

وفي نهاية العرض حين يسدل الستار وتطفأ الأنوار، وحده مَنْ يضحك في الظلام ويقبض الثمن... وحده الراوي (العراب)!

amwaaaj@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي