للثقافة في مصر ألف تحيّة

تصغير
تكبير

كنا في الخمسينات وستينات القرن الماضي نسمع مقولة جميلة تتردّد على مسامع مريدي عالم الثقافة في الوطن العربي وهي (الكُتّاب يكتبون في مصر فتطبع الكتب في لبنان والقرّاء في بغداد).

هكذا اختزل المثقفون العرب حجم عجلة الثقافة العربية في تلك الفترات من الزمن الذي كان الكتاب هو خير صديق وأفضل جليس وقد يكون أكثرهم فائدة للمرء من أي شيء آخر في الوجود، ففي بين الجموع الثقافية العربية رهط من المعاصرين لا داعي لذكر أسمائهم في هذه العجالة الثقافية التي أتناولها للحديث عما وصلنا إليه من تردٍ وتراجع خطير من المؤكد سيطول ضرره الأجيال القادمة.

فبوادر التراجع الفكري والثقافي والفني قد عمّت الجزء الأكبر من الساحة الثقافية في الوطن العربي باستثناء براقة الأمل الذي يشع من مسقط رأس الثقافة العربية مصر الحبيبة، فما زالت تحافظ على الأُسس والمنابع الثقافية فيها وتنشئ لرواد الأطياف المتنوعة مشارب يرتوي منها العطشى للفنون والثقافات المختلفة رغم ضحالة وقلة الموارد المادية الداعمة بشكل رئيسي لاستمرار الأنشطة الثقافية والاجتماعية والفنية فيها بشكل مستمر.

فكما شاهدت بأم عيني بالأمس القريب بشائر الخير الثقافي والفني في مصر المعمورة تزخر بالكثير من الأنشطة التي قلت للأسف كثيراً في الوطن العربي رغم وجود الوفرة المالية المطلوبة لكنها تسير دون بوصلة أو ربان يشار إليه بالبنان، كما كنا في السابق بوجود قامات عربية شامخة تغمر مؤلفاتهم السوق الثقافي العربي بالكثير من العناقيد اليانعة التي تربى عليها أجيال الأربعينات لغاية الثمانينات من القرن الماضي.

لفت انتباهي إلى هذا الأمر معالي وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو، وهو يقود سفينة النهضة الثقافية في مصر اليوم بكل عزم ودعم وعطاء رغم كل الصعاب التي تواجهه في مسالك ودروب الثقافة العربية، حيث كنت هناك في القاهرة وكانت الأنشطة واحدة تتبع الأخرى وتلحقها أخرى في دار الأوبرا وفي مكتبة الإسكندرية والقصور الثقافية والقاعات التشكيلية وخشبات المسرح والموسيقيين، ولا أبالغ إن قلت إنّ معالي وزير الثقافة المصري يشرف بنفسه وبحضوره المتواصل لتلك الأنشطة المتنوعة التي ذكرتها رغبة صادقة منه لإحياء الجسد الثقافي المتهالك نوعاً ما في الوسط العربي، ليس هذا فقط، بل نمى إلى علمي من بعض الزملاء الفنانين التشكيليين والممثلين بأن الدكتور هنو، تواصل معهم هاتفياً إن لم يكن زار أحدهم في بيته أو مرسمه أو حضر أمسية شعرية نظمها المركز الثقافي المصري في دار الأوبرا، أو مكتبة الإسكندرية لإحياء طيف من ذكرى علي الجارم والعقاد والحكيم وغيرهم من عمالقة الأدب العربي الذين تركوا لنا إرثاً حقيقياً لا ينضب بحاجة ماسة لطاقات شبابية تؤمن بالمنهج الصحيح للثقافات العربية المتنوعة، ويعرف جيداً كيف يقود جموع القوى الناعمة.

هذا ما لمسته وشاهدته مما يقدمه الدكتور أحمد هنو، بصفته وزيراً للثقافة في أم الدنيا مصر الغالية، اسأل الله العلي القدير أن يوفقه ويسدّد للخير والصالح العام خُطاه، اللهم آمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي