ومازالت غزة العزة تُغربل العالم منذ السابع من شهر أكتوبر عام 2023م، حيث طوفان الأقصى الذي قام بتحريك المياه الراكدة للقضية الفلسطينية وأثبت هشاشة الصهاينة وأنهم دون مساعدة الدول العظمى لا يمتلكون مقومات البقاء.
نعم، إن غزة باتت تغربل العالم أجمع وليس المحيط بها فكان صمودها اختباراً صعباً للإنسانية سيكتبه التاريخ، وظهرت دول مع الحق الإنساني لأهل غزة مثل جنوب أفريقيا وبقية دول العالم بشكل نسبي.
وانتفضت بعض دول العالم بشكل عام والدول الأوروبية بشكل خاص، منها أن قادة بريطانيا وفرنسا وكندا، باتوا يهددون بفرض عقوبات على إسرائيل ناهيك عن ثورة الغرب التي بدأت بطلبة الجامعات وسرعان ما انتقلت إلى عقول وقلوب الشعوب الغربية التي اتحدت وهي متعددة دينياً وأيديولوجياً من أجل وقف القتل في غزة.
رئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن، ندّد بجرائم إسرائيل في غزة، مؤكداً أن الايرلنديين يعلمون أن ما يحصل في غزة خلال الأشهر السابقة هو خطأ بكل المعايير وبشكل جوهري وهو خطأ أخلاقي وقانوني وإهانة للكرامة البشرية والإنسانية.
بدوره، وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، قال إن هناك مَنْ يرفض توجيه نقد الممارسات الفاضحة لحكومة نتنياهو كما أعلن عن تعليق المفاوضات التجارية مع إسرائيل.
وأيضاً، المتحدثة باسم الخارجية الصينية ماو ننينج، قالت إن غزة جزء لا يتجزأ من فلسطين حيث إن الصين تدعو إلى التنسيق مع المجتمع الدولي لتهدئة سريعة للوضع. بل إن بعض سكان إسرائيل عبّروا عن رفضهم لسلوكيات حكومة نتنياهو، منهم عضو الكنيست الإسرائيلي عوفر كسيف، الذي قال «إن هناك إبادة وإن دولتي باتت ترتكب جرائم حرب».
وفي المقابل فإن إسرائيل مازالت ترتكب شتى جرائم الحرب بحق المدنيين من أطفال ونساء وكذلك بحق الإعلاميين وممثلي الأمم المتحدة، بل إنها أطلقت النار قرب الوفد الغربي الذي زار جنين كما تم إطلاق النار بصورة قريبة جداً من السفير المغربي وهو يُجري حواراً صحافياً مع إحدى القنوات. كما أن نتنياهو، لا يريد وقف الحرب لأنها ستكون بداية نهايته سياسياً وربما تعرضه للمساءلة والسجن. لذا، فهو لا يكترث للمضي في صفقة مع حماس من أجل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين.
الدكتور نظيم محمود، الذي كان متطوعاً كطبيب في غزة قال إن إسرائيل تطلق القنابل على مناطق مزدحمة ومليئة بخيام النازحين، وهناك مآس كبيرة يواجهها السكان وسجل الكثير من مراسلي القنوات العالمية تلك الأهوال.
أما السياسي الإيطالي ميشيل سانتورو، عضو البرلمان الأوروبي سابقاً، ذكر أن العالم اعتاد على القتل في غزة وهي مسألة وضعتها إسرائيل حيث إن عملية إطلاق صواريخ ضد المدنيين شيء مرعب، وإسرائيل تقوم بمسح كل ما هو أمامها دون مبالاة ودون استثناء.
وأعلن المؤثر البريطاني ماكس لا مانا، أنه وبعد مشاهدة أطفال وعائلات غزة وهم في حال يأس بسبب التجويع قرّر الإضراب عن الطعام، مؤكداً أنه بعد مرور مئة وست وستين ساعة بات يشعر بالصداع، وقال إن التوقف كان باختياره بينما كان شعب غزة لا يملك الاختيار.
الصُحف الغربية منحت مساحة واسعة لأحداث غزة، فقد نشرت «التايمز» البريطانية عنواناً رئيسياً مفاده أن إسرائيل لا تستطيع تدمير البرنامج النووي الإيراني دون دعم أميركي، وقالت «اللوموند الفرنسية» إن إسرائيل خططت لجعل غزة تعتمد تدريجياً على الغذاء الذي تسمح بدخوله فقط، وقالت «نيويورك تايمز» إن المساعدات لم تصل إلى فلسطينيي غزة رغم مرور أيام على إعلان دخولها، وذكرت «الغارديان» البريطانية إن الإدانة الدولية وحدها غير كافية لتغيير سياسة إسرائيل تجاه غزة، وبدورها، قالت «معاريف» الإسرائيلية إن تصاعد التوتر بين إسرائيل والدول الغربية مضر للاقتصاد الإسرائيلي.
ونشرت الأخبار أنه تم طرد عضو الكنيست الفلسطيني الإسرائيلي أيمن عودة، بعد أن هاجم نتنياهو، والجرائم التي يرتكبها الجيش الصهيوني في غزة.
كما فوجئ العالم بقيام أميركي من أصل لاتيني اسمه إلياس رودريغز، بقتل موظفين في السفارة الإسرائيلية في واشنطن أمام المتحف اليهودي في العاصمة الأميركية، انتقاماً لما يجري في غزة، وانتظر الشرطة بعد ارتكابه لجريمته غير مبالٍ، ليهتف حين تسليم نفسه لرجالها «الحرية لفلسطين».
جون واين، جار رودريغز، قال عنه «إنه كان إنساناً لطيفاً، وارتبك العالم بعد مقتل اثنين من الدبلوماسيين الإسرائيليين، بينما قتل أكثر من خمسين ألفاً في غزة دون الاكتراث من قبل الناس وأنه كان يضع على باب غرفته صورة طفل فلسطيني طعن حتى الموت، الأمر الذي يعكس أنه إنسان حساس تجاه القتل الذي نرفضه جميعاً».
ويبرز اسم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ توم فليتشر، الذي يقود مطالب الأمم المتحدة بإدخال المساعدات إلى غزة وقد لاقى انتشاراً واسعاً.
وقد ضجت وسائل الإعلام الإسرائيلية بعد تصريحات زعيم حزب الديمقراطيين الإسرائيلي يائير غولان، إذ قال «إن الدولة الطبيعية لا تخوض حرباً ضد المدنيين ولا تقتل الأطفال كهواية وتضع لنفسها هدف تهجير السكان».
همسة:
سوف تستمر غزة بغربلة العالم إلى ما لا نهاية.