قراءة نقدية في دور التمريض

تصغير
تكبير

في الوقت الذي يشهد فيه النظام الصحي في الكويت تطوراً ملحوظاً في البنية التحتية وتوسعاً في الخدمات المقدمة، يبقى توزيع السلطات والمسؤوليات بين أعضاء الفريق الصحي مثار جدل، خاصة فيما يتعلق بسيطرة الأطباء على اتخاذ القرارات الصحية، مقابل عدم النظر إلى الدور الفاعل الذي يقوم به الممرضون والممرضات.

تشير الأدلة البحثية من دراسة مقارنة حول التزام الممرضين بإرشادات علاج السكري في الكويت والمملكة المتحدة إلى وجود فجوة واضحة في تطبيق هذه الإرشادات، ليس بسبب نقص المعرفة أو المهارة لدى الكوادر التمريضية، بل بسبب قيود هيكلية وثقافية تحد من استقلالية التمريض في أداء دوره. فقد أظهرت الدراسة أن الممرضين في الكويت يمتلكون فهماً جيداً لدورهم في رعاية مرضى السكري، ويطبقون الجوانب التعليمية والداعمة للمريض، لكنهم يفتقرون إلى التمكين في مجالات مثل اتخاذ قرارات سريرية مستقلة.

ويرتبط هذا بالبروتوكولات العلاجية، إذ غالباً ما تُصاغ الإرشادات محلياً من قبل لجان طبية يغيب عنها التمثيل التمريضي الفعّال. الأمر الذي يُنتج وثائق توجيهية لا تعكس طبيعة العمل التكاملي ولا تأخذ بعين الاعتبار الإمكانات الفعلية للتمريض. والحقيقة تكمن بمعاناة النظام الصحي في الكويت من غياب بروتوكولات عالمية موثقة ومحدّثة تُمكّن الممرضين والممرضات من أداء مهامهم ضمن إطار واضح يضمن جودة الممارسات التمريضية.

هذا النقص أدى إلى نتائج سلبية على أرض الواقع؛ فإما أن يُكلّف الممرض بأعمال تتجاوز حدود وصفه الوظيفي من دون حماية قانونية أو مهنية، أو أنه يُجبر على العمل ضمن نطاق ضيق وفق بروتوكولات أعدها الأطباء فقط، مما يحدّ من مساهمته الفعلية في رعاية المرضى ويؤدي إلى تقصير غير مقصود في الأداء المهني. ومن هنا تظهر الحاجة الماسة إلى تطوير بروتوكولات شاملة وعادلة تراعي دور التمريض وتدعمه ضمن فريق الرعاية الصحية.

هذا الوضع ينعكس سلباً على جودة الرعاية الصحية، حيث تشير الأدلة إلى أن إشراك الممرضين والممرضات في تقديم الرعاية المتخصصة، كعيادات التمريض المتخصصة في السكري، يحقق نتائج جيدة، من حيث رضا المرضى، وتحسن المؤشرات الحيوية، وزيادة الالتزام بالخطة العلاجية.

إن هذا التباين بين الواقع والإمكانات يفرض ضرورة إعادة النظر في توزيع الأدوار داخل النظام الصحي الكويتي، بما يضمن تمكين التمريض كمهنة قائمة على العلم والممارسة المبنية على الدليل. ويتطلب ذلك:

1. مراجعة التشريعات الصحية بما يسمح للممرضين والممرضات المؤهلين بممارسة مهام موسعة.

2. إشراك التمريض في صياغة الإرشادات والبروتوكولات السريرية.

3. تعزيز دور التعليم التمريضي والبحث العلمي لدعم استقلالية المهنة.

4. نشر الوعي المجتمعي بأهمية دور التمريض كجزء أساسي في الفريق الصحي.

في الختام، لا يمكن الحديث عن نظام صحي متكامل دون الاعتراف الكامل بمكانة التمريض كشريك رئيسي في تقديم الرعاية، لتحقيق بيئة عمل صحية قائمة على التعاون والتكامل المهني.

المصدر

الشمري؛ ويندل؛ بوسكيل؛ وآدامز. (2020). إرشادات علاج مرض السكري والتزام الممرضين بها: دراسة حالة من المملكة المتحدة والكويت. مجلة التمريض والرعاية الصحية الدولية

Alshammari, M., Windle, R., Bowskill, D., & Adams, G. (2020). Diabetes Treatment Guidelines and Nurses’ Adherence to Them: A Case of the UK and Kuwait. Nursing & Healthcare International Journal, 4(1): 000214. MEDWIN Publishers. ISSN: 2575-9981.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي