روائيون أكدوا لـ «الراي» على حيوية المشهد الثقافي وغِناه

الكتابة «برستيج اجتماعي»... في عاصمة الثقافة والأدب!

تصغير
تكبير

هل ما نراه في المشهد الثقافي الكويتي من كثافة في عدد الإصدارات الأدبية لكتّاب جدد، يُمثّل حالة طبيعية في مجتمع يحتفي بالثقافة والأدب؟...

أم أن المغريات التي يبعثها - لقب الكاتب والكاتبة قبل بداية الاسم - هو ما يدفع هذه الفئة إلى الغرس في حقول الرواية، لحصد «البرستيج» الاجتماعي؟

كان هذا سؤال «الراي»، لعدد من الأدباء والروائيين، مِمن أجمعوا على أن الميزان في هذه الحالة، يكون بقيمة المكتوب لا الدافع إليه، في حين رأى البعض الآخر أنه كلما ازداد الإنتاج الأدبي ازدهرت الحالة القرائية، وهذا في حد ذاته، إشارة إيجابية إلى حيوية المشهد الثقافي وغِناه.

ساجد العبدلي: الميزان هو القيمة للمكتوب... لا الدافع إليه

رأى الروائي ساجد العبدلي، أنه «يجب ألا يُفسّر الأمر بنوايا أو دوافع الكتّاب، بل بما كتبوه. فما أكثر من كتبوا بنوايا باهتة أو ملتبسة، وانتهى بهم الحال إلى كتابات مضيئة خلدها الزمن، وما أكثر من حملوا نوايا عظيمة، فخرجوا بنصوص ركيكة لا تُقرأ».

وأضاف «الميزان إذاً هو القيمة للمكتوب لا الدافع إليه. وحين يُوضع المكتوب على ميزان المعنى، فإن الثقل هو الذي يمنح صاحبه تذكرة العبور. ولا بأس كذلك أن يبدأ الإنسان كتابةً وهو لا يدري تماماً لماذا يكتب، فالنضج أحياناً يُولد في الطريق، لا في البدايات».

وأردف «قلتُ سابقاً في كتابي (كلمة وكلمتين): الكاتب الحق يكتب نفسه، لا ما يريده غيره... يتـرك على الأوراق قطعاً من ذاته مع كل حرف وكلمة وعبارة»، لافتاً إلى أن «من يكتب هكذا، بصرف النظر عن دافعه، لا يمكن أن يُحسب على الزيف. فالمشكلة ليست في كثرة الكتّاب، بل في قلة ما يستحق أن يُقرأ».

أفراح الهندال: كلما ازداد الإنتاج الأدبي... ازدهرت الحالة القرائية

اعتبرت الروائية أفراح الهندال أنه «لا يمكن اعتبار وجود أي حراك ثقافي أو وصف حالة زيادة عدد الكتب والكتّاب إلا بأنها حالة طبيعية وإشارة إيجابية إلى حيوية المشهد وغِناه. الإنسان بحاجة إلى التعبير عن أفكاره وخبراته، يُنفّس، يرسم، يكتب، ووجود هذا النشاط الإبداعي يشير إلى سعة مساحة الحريات وتراجع الرقابة التي تقف حائلاً دون الابتكار والإبداع أحياناً، كما تدل على الانفتاح الثقافي والمجتمعي وتنوّع الأصوات والتجارب الأدبية والثقافية».

ورأت أنه «كلما ازداد الإنتاج الأدبي ازدهرت الحالة القرائية وتطوّرت الذائقة الأدبية، ما يعزز التحدي النقدي ويؤصل معايير الجودة، وذلك بنشاط عملية المتابعة المتزامنة للاعتناء بالكتب قبل النشر ومراجعتها من حيث اللغة والفكرة والضرورة، فليست كل مطبعة دار نشر، القارئ يدرك ذلك، ويمكنه فرز «الحكي» والتحيّز للإصدارات الجيدة». وأضافت «أما الكثرة فليست عيباً، العيب هو العزوف عن القراءة والتفاعل مع الأفكار وفنون الأدب الجديدة، وتراجع صناعة الكتب، وجرس الخطر يدق إن قرأنا خبر إغلاق مكتبة... وإعلان كاتب عن عجزه وتراجعه بسبب اللا جدوى والإحباط، وغياب القارئ في عصر (الميديا) وبهرجة الصور المتحركة والمقاطع التافهة الراقصة»!

سالم النخيلان: من يكتب لـ «البرستيج»... غير مُتعمّق

يعتقد الروائي سالم النخيلان، أن «الكتابة بانتشارها تأخذ الشكلين معاً في آن واحد، فهذا دليل على التطور المجتمعي والرفاهية والتنوع الفكري والمعرفي، ذلك أن في تطور المجتمع تظهر وتزداد الجوانب الفكرية عادةً والتي ترمي إما إلى أفكار مستقبلية وتطلعات ثقافية، وإما إلى نقد مجتمعي لما تزامن مع هذا التطور من ظواهر سلبية، فيكون الكاتب خير من يخوض غمارهذا الميدان أينما وجد نفسه وكان مُيسراً له». وأشار إلى أن «الكتابة بشكلها أمر يخوضه الكاتب المثقف صاحب الفكر والمبدأ، والكاتب الذي يكتب لـ (البرستيج الاجتماعي) والصورة المجتمعية، فهو يكتب من غير تعمّق في جذور الظواهر والنظر في التطلعات، فلا غاية ترجى ولا وسيلة تتخذ وإن كان لا يعدم نفعه، ومن الطبيعي هنا تختلف الأطروحات والنتاج في ميدان الكتابة... والبقاء للأصدق».

منال المزيد: الزمن كفيل بفرز الغث من السمين

اعتبرت الروائية منال المزيد، أن «ظهور العديد من الكتّاب الجدد يمكن أن يُعد ظاهرة صحية في مجتمع يحتفي بالثقافة، ويدلّ على حيوية فكرية ورغبة في التعبير والمشاركة في تشكيل الوعي الجمعي. فكل جيل يحمل قضاياه وهمومه، وظهور كتّاب جدد يعني أن هناك من يشعر بمسؤولية التعبير عنها. التكنولوجيا، ووسائل النشر الحديثة، ووسائل التواصل الاجتماعي، كلها ساعدت على تسهيل هذه المشاركة».

واستدركت «لكن من جهة أخرى، لا يمكن إنكار أن هناك من يخوض تجربة الكتابة والنشر بدافع (البرستيج الاجتماعي)، حيث أصبحت صفة كاتب أو روائي مغرية اجتماعياً، وتُمنح أحياناً من دون المرور برحلة حقيقية من القراءة والتجريب والتعلّم. وهنا يظهر نوع من الكتابة الاستعراضية أو السطحية، حيث يكون الهدف هو الظهور وليس الإضافة».

وأضافت «سنجد دائماً كتّاباً جدداً حقيقيين، يحملون فكراً وإبداعاً، وآخرين يتعاملون مع الكتابة كأداة للظهور، لا أكثر. ويبقى المعيار الحقيقي في جودة النص، واستمرارية الكاتب، وأثره على القارئ والمتلقي، والزمن كفيل بفرز الغث من السمين».

منصور العوضي: ظاهرة مفيدة وصحية

قال الروائي منصور العوضي، «برأيي المتواضع أن الإجابة تجمع الحالتين معاً سواء ظهور العديد من الكُتّاب الجدد وأيضاً ظاهرة (البرستيج الاجتماعي)، والسبب هو سرعة التواصل مع العالم، خصوصاً مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة إيصال المعلومة والتواصل مع الجهات المعنية بالنشر والطباعة، مثل دور النشر وغيرها».

وأضاف «لذلك، نرى الآن طبقة غير معهودة وجديدة من الكُتّاب بدأت بالظهور والبروز تختلف عن النمط التقليدي المتعارف عليه، فترى الآن الكاتب مثلاً ممكن أن يكون مهندساً أو طبيباً أو محامياً أو رياضياً، وليس له علاقة مباشرة بالوسط الإعلامي أو الثقافي، لذلك تعتبر هذه الظاهرة الحاضنة للثقافة و(البرستيج) مثرية في كلتا الحالتين ومفيدة وصحية لإنماء دور الكتابة والثقافة في المجتمع».

سالم شهاب: لا يستقطبهم... أدب القصة القصيرة

قال الروائي سالم شهاب، «أعتقد أن البحث في أسباب اتجاه العديد من الشباب إلى الكتابة أمر مهم، لكنه أمر يصعب تحليله وبحثه لنقص الأدوات والاستبيانات التي تهتم بهذه الظاهرة، وكذلك أيضاً بعض الإحصاءات التي تبحث نوع وجنس الأدب الذي يتجه إليه الكتاب الجدد».

وأضاف «على سبيل المثال، ومن ملاحظاتي الشخصية، أجد أن أدب القصة القصيرة لا يستقطب أو يجذب الكُتّاب الجُدد، بخلاف الرواية، التي نرى العديد من الكتاب المهتمين بها. لا أملك رأياً حتمياً عمّا إذا كانت لها علاقة بـ(البرستيج الاجتماعي)، لكن يجب أن نعتبر جودة العمل هي أساس النقد للعمل، لا دوافع الكاتب أو نواياه في نشره للعمل، لأنها - وإن كانت واضحة في بعض الأحيان - أمر يصعب الجزم به، لأن الدوافع الشخصية أمر لا يمكننا الاطلاع عليه بغير إفصاح الكاتب».

وأردف «كذلك - في معرض النقد للأعمال الأدبية - ألاحظ أن الأعمال الأدبية تتخذ سمة وشكلاً واحداً في الكويت، وهي الكتابة الواقعية الدرامية، التي تصلح لأن تكون عملاً تلفزيونياً بدرجة أكبر من كونها عملاً أدبياً.. لكن هذه لا تتعدى كونها ملاحظة شخصية».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي