بريطانيا تُعيد بناء علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي
أبرمت بريطانيا والاتحاد الأوروبي اتفاقاً غير مسبوق يحدد ملامح علاقات أوثق بينهما في مجالي الدفاع والتجارة، ويفتح فصلاً جديداً بعد خروج المملكة المتحدة المثير للجدل من التكتل قبل خمس سنوات.
وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إن «الاتفاق المنصف، يمثل بداية عصر جديد في علاقتنا... نحن نتفق على شراكة استراتيجية جديدة تناسب متطلبات زمننا».
وتابع خلال مؤتمر صحافي مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلايين، في لندن، إنه «اتفاق جيد للطرفين».
ومن المفترض أن تؤدي شراكة الدفاع إلى إجراء محادثات أمنية بشكل أكثر انتظاماً، واحتمال مشاركة بريطانيا في بعثات عسكرية تابعة للاتحاد، فضلاً عن إمكانية استفادة لندن الكاملة من صندوق دفاع بقيمة 150 مليار يورو (167 مليار دولار) اتفقت دول التكتل على إنشائه.
واتفق الجانبان على رفع القيود المفروضة على الصادرات البريطانية إلى دول الاتحاد الـ27، مقابل تمديد بريطانيا حقوق الصيد للاتحاد في مياهها الإقليمية لمدة 12 عاماً إضافياً.
وأضاف ستارمر، أن المملكة المتحدة ستجني «فوائد حقيقية وملموسة» في مجالات مثل «الأمن والهجرة غير النظامية وأسعار الطاقة والمنتجات الزراعية والغذائية والتجارة»، بالإضافة إلى «خفض الفواتير وتوفير فرص العمل وحماية حدودنا».
من جهتها، قالت فون ديرلايين «هذا يوم مهم لأننا نطوي الصفحة ونفتح فصلاً جديداً. هذا أمر بالغ الأهمية في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، لأننا نتشارك في الرؤية والقيم نفسها».
وأشار دبلوماسيون أوروبيون إلى أن الاتفاق جاء بعد مفاوضات ليلية تم خلالها تجاوز الخلافات في قضايا رئيسية.
استسلام!
وأعلنت رئاسة الحكومة البريطانية، إن الاتفاق الاقتصادي الجديد يخفف من إجراءات التفتيش الجمركي على المنتجات الغذائية والنباتية، بما يسمح «من جديد بحرية تدفق السلع».
وأضافت في بيان أن هذا الاتفاق سيضيف «ما يقرب من 9 مليارات جنيه إسترليني» (12 مليار دولار) إلى الاقتصاد البريطاني بحلول عام 2040.
ورأت حكومة العمال بزعامة ستارمر، أن الاتفاق الذي أبرمته حكومة المحافظين السابقة «لا يخدم مصالح أي طرف».
لكن ستارمر، الذي تولى رئاسة الوزراء عقب انتخابات يوليو الماضي رسم خطوطا حمراء عدة، قال إنه لن يتجاوزها.
وبقيت نقاط شائكة حول بعض مطالب الاتحاد، فيما ينتقد المحافظون خطوة «إعادة تنظيم» العلاقات باعتبارها «استسلاماً».
ووقع الجانبان اتفاق «الشراكة الأمنية والدفاعية» في ختام الاجتماع الذي ضم إلى ستارمر وفون ديرلايين، رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد كايا كالاس.
وتم التوقيع كذلك على بيان مشترك في شأن التضامن الأوروبي ووثيقة تفاهم في شأن قضايا تتراوح من التجارة إلى الصيد وتنقل الشباب.
بموجب الاتفاق النهائي، تُبقي بريطانيا مياهها مفتوحة أمام الصيادين الأوروبيين لمدة 12 عاماً بعد انتهاء صلاحية الاتفاق الحالي في 2026، مقابل تخفيف دول الاتحاد الـ 27 القيود البيروقراطية على واردات السلع الغذائية من المملكة المتحدة إلى أجل غير مسمى.
ومن شأن الاتفاق «أن يؤدي إلى تنفيذ الغالبية العظمى من عمليات نقل الحيوانات ومنتجاتها والنباتات ومنتجاتها بين بريطانيا العظمى والاتحاد الأوروبي من دون الحاجة إلى الشهادات أو إجراءات الرقابة المعمول بها حاليا».
ورفض ستارمر العودة إلى حرية الحركة الكاملة، لكنه منفتح على برنامج تنقل يتيح لبعض الشباب البريطانيين والأوروبيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً الدراسة والعمل في المملكة المتحدة وبالعكس.
لكن العديد من التفاصيل المتعلقة بالشراكة الدفاعية ستترك لتنجز لاحقاً.
وستتطلب إزالة القيود أمام بريطانيا وصناعتها الدفاعية للاستفادة من برامج الاتحاد مثلاً، اتفاقاً إضافياً.
وترتبط بريطانيا أصلًا بعلاقات دفاعية متشابكة مع 23 من دول الاتحاد من خلال حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لذلك تعد شراكة الدفاع الجزء الأسهل من الاتفاقات المطروحة.