وسط توقعات تشاؤمية قاتمة
اقتصاد أميركا يواجه شبح التضخم الركودي خلال 2025
- هل ينجح «الفيدرالي» في كبح التضخم دون إغراق أميركا في مستنقع الركود؟
- تقلبات بورصات أميركا تعكس مخاوف المستثمرين من أزمة 2025 المتوقعة
- السياسات الحمائية... هل ستكون السبب في انهيار الأسواق الأميركية؟
في ظل توقعات اقتصادية قاتمة، بات متوقعاً إلى درجة اليقين أن يواجه الاقتصاد الأميركي تحديات غير مسبوقة خلال 2025، حيث يلوح في الأفق شبح «التضخم الركودي»، وهو مزيج خطير من ارتفاع التضخم مصحوباً بتباطؤ عجلة النمو الاقتصادي.
ووفقا لتقرير تحليلي نشره موقع «بيزنس إنسايدر»، تشير تحليلات إلى أن هذا السيناريو سيؤدي بطبيعة الحال إلى ارتفاع معدلات البطالة الأميركية وانهيار محتمل في أسعار الأسهم، وهو الأمر الذي يثير قلق المستثمرين وصناع السياسات على حد سواء.
فالتضخم، الذي بلغ مستويات قياسية السنوات القليلة الأخيرة، ما زال يواصل الضغط على الأسر الأميركية. حيث ارتفعت تكاليف المعيشة 7 في المئة سنوياً مدفوعة بزيادة أسعار الطاقة والأغذية. ويقترن هذا الارتفاع مع تباطؤ النمو الاقتصادي، حيث تتوقع مؤسسات مالية أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي الأميركي إلى أقل من 2 في المئة خلال 2025. وهذه الظروف تخلق حال من عدم اليقين في الأسواق المالية هناك.
وشهدت بورصة «نيويورك» تحديداً تقلبات حادة، مع توقعات بأن يؤدي رفع أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى تقليص الاستثمارات في القطاعات الحيوية مثل التكنولوجيا والعقارات. أما معدلات البطالة، والتي كانت مستقرة في السابق عند مستوى 4 في المئة، فإنها قد ترتفع إلى أكثر من 6 في المئة بحلول نهاية 2025. ووفقاً لخبراء ومراقبين اقتصاديين، فإن هذا الارتفاع يعكس تراجع الطلب على العمالة في قطاعات مهمة، مثل التصنيع والخدمات.
تطورات سلبية
وتثير هذه التطورات السلبية تساؤلات حول مدى قدرة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على تحقيق التوازن بين كبح التضخم من ناحية وبين تجنب الركود من ناحية ثانية. وفي تلك الأثناء، يدعو بعض الاقتصاديين الأميركيين إلى رفع أسعار الفائدة بوتيرة أكثر عدوانية، بينما يحذر آخرون من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة.
وفي هذا السياق، تواجه شركات أميركية عملاقة - مثل «آبل» و«أمازون» وغيرهما - ضغوطات لتعديل إستراتيجياتها الاستثمارية من أجل مواجهة هذا الواقع الجديد.
وتسهم السياسات التجارية الحمائية التي تتبناها الإدارة الأميركية في تعقيد هذا المشهد المتأزم أصلاً. فلقد فرضت الإدارة الأميركية رسوماً جمركية مرتفعة على الواردات من الصين والاتحاد الأوروبي وغيرهما، وذلك بهدف تعزيز الصناعات المحلية. لكن هذه السياسات قد تؤدي إلى نتائج عكسية، حيث سترتفع تكاليف الإنتاج وهو الأمر الذي يؤثر على الأسعار وعلى سلاسل التوريد العالمية. وعلى سبيل المثال، تشير تقديرات إلى أن أسعار السلع الاستهلاكية قد ترتفع بنسبة تصل إلى 10 في المئة على الأقل.
ومن جهة أخرى، يدعو مستثمرون كبار إلى تبني إستراتيجيات دفاعية، مثل الاستثمار في الأصول الآمنة كالذهب والسندات الحكومية. ومع ذلك، يحذر خبراء من أن هذه الإستراتيجيات قد لا تكفي لمواجهة الأزمة الوشيكة المحتملة. وفي هذا الإطار، يبرز الحديث عن ضرورة إصلاحات هيكلية تشمل تحسين البنية التحتية ودعم القطاعات المتضررة مثل الزراعة والتصنيع.
في ضوء كل هذا، يمكن القول إن الاقتصاد الأميركي يقف حالياً عند مفترق طرق تتطلب تحدياته الضاغطة قرارات جريئة ومدروسة.
ومع استمرار الجدل والنقاش حول السياسات الاقتصادية، سيبقى المستثمرون والمواطنون الأميركيون في حال من الترقب، وسط آمال بأن تتمكن الولايات المتحدة من تجاوز هذه العاصفة الاقتصادية بأقل قدر ممكن من الخسائر. وفي كل الأحوال، فإن نجاح هذه الجهود سيعتمد على مدى القدرة على تحقيق التوازن الدقيق بين النمو والاستقرار الاقتصاديين.