إطلالة

لهيب النيران... الدرس القاسي لإسرائيل

تصغير
تكبير

الحرائق الضخمة التي التهمت جبال القدس وأشجارها هي نتيجة حجم الخلافات الداخلية الكبيرة التي تعاني منها إدارة إسرائيل، فانتشرت الحرائق سريعاً مثلما انتشر الصراع الداخلي بينهم، إلا أن هذه المرة كانت مختلفة تماماً، إذ توسعت مناطق الحرائق جراء ارتفاع درجات الحرارة والرياح العاتية في المنطقة الحرجية ما أدى الى فرار الإسرائيليين من بيوتهم وسياراتهم كالجرذان.

وكعادتها بهذا الهلع الكبير طلبت حكومة الاحتلال بمساعدات دولية للسيطرة على هذه الكارثة، لأن جهاز الإطفاء الذي يتظاهرون به لم يستطع إتمام السيطرة عليه بشكل كامل رغم إعلانهم بأعلى مستوى التأهب! ما أدى إلى إعلانه حال التعبئة القصوى لرجال الإطفاء في كل أنحاء البلاد خوفاً على مئات المدنيين بعد تعرضهم لإصابات جراء استنشاقهم دخان الحرائق من كل جانب وتقديم المساعدات الطبية والعلاج للعالقين في الشوارع الداخلية جراء أزمة الازدحام والهلع المروري من ألسنة اللهب التي أتت على الأحراج وهو ما دفع الكثير من الناس ترك مواقعهم.

والسؤال هنا: هل الاحتلال عرف معنى الكوارث التي أتت من النيران الحمراء، وهل الاحتلال تعلّم من درس الهلع الذي أصاب مواطنيه جراء الدخان الكثيف الذي أحجب الرؤية إلى درجة أنهم لم يستطيعوا الاختباء في أماكن اللجوء، وهل الاحتلال قارن بما يحدث في قطاع غزة من لهيب حرائق القنابل على البيوت وعلى المستشفيات وأماكن اللجوء ومن دمار لكل المناطق، أم أن عيون الاحتلال فقط تتفتح لمساعدة مواطنيه بالمناطق الواصلة والمتصلة بين القدس وتل أبيب، وهل سأل الاحتلال نفسه، لماذا تم إلغاء الاحتفال عن تنظيم الاحتفالات الوطنية ليوم الاستقلال في القدس؟! ولماذا جاءت هذه الحرائق الضخمة في يوم الاحتلال بيوم الاستقلال بالذات؟!

أوساط معارضة لسياسة ونهج بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الاسرائيلي، يقولون إن الاحداث الأخيرة التي أتت من لهيب الحرائق التي التهمت جزءاً كبيراً من جبال القدس لا تفسير له سوى أنه غضب إلهي وعقاب رباني ناتج من سياسة التجويع الجماعي الممنهج الذي ينتهجه نتنياهو وحكومته لسكان قطاع غزة، ناهيك عن سياسة القتل الصامت للشيوخ والأطفال وهي بالتأكيد دوافع سياسية صهيونية الغرض منها قتل شعب بأكمله من أجل الاستيلاء على أرضه، فالاحتلال مازال يمارس سياسة البطش ولم يتوقف قيد أنملة عن حرب الإبادة على القطاع رغم قتل الآلاف من الفلسطينيين في غارات استهدفت من خلالها مناطق متفرقة.

وعلى الرغم من تحذير منظمة الأونروا من تدهور الأوضاع الإنسانية هناك بشكل غير مسبوق إلا أن الحصار الإسرائيلي والتجويع الممنهج لم يتوقف يوماً وهذا ما يمثل على أنه أطول حصار عاشه القطاع على مر السنين أمام أعين العالم، ناهيك عن سياسة الضرب الوحشية والتعذيب التي تتعامل بها قوات الاحتلال ضد أفراد «الأونروا» واستخدامهم كدروع بشرية بكل وقاحة، مؤكدين أن لا وعود لحل الدولتين وسط كل أدوات حرب الإبادة والتجويع الجماعي الذي وصل ذروته في قطاع غزة، إذاً، كيف يمكننا التحدث عن الاتفاق من أجل التوصل إلى وقف الحرب وإتمام عملية تبادل الرهائن والمحتجزين أمام ما نراه من كوارث ناتجة من حرب الإبادة على قطاع غزة وبقية المناطق؟!

بالأمس شاهدنا كارثة حرائق جبال القدس والأشجار والتي تحمل مع نيرانها شبهة إرهاب وجناية في أكثر من 24 ألف دونم وهذا ما أدى إلى اعتقال مجموعة مشتبه بهم في إشعال هذه الحرائق والتي عمقت الخلافات الداخلية بشكل أكبر وسط انتقادات واسعة لأداء حكومة نتنياهو في مواجهة كم الحرائق والكارثة البيئية حولها، وغداً حتماً سيطول العقاب الرباني أكثر من ذلك طالما العدو مازال مستمراً في بطشه في المجازر اللاإنسانية في غزة، والإبادة طالت آلاف العائلات الفلسطينية مع تجدد حالة الحرب، وما نشاهده الآن انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان حيث ينوي جيش أن يسوي بالأرض ما تبقى من أنقاض في مدينة رفح، وهناك مخاوف خشية من أن يكون ذلك جزءاً من خطة محتملة لمحاصرة الشعب الفلسطيني الأعزل في معسكر ضخم لا نعرف مداه على أرض الواقع، واليوم ما تبقى من الشعب الفلسطيني إلا القليل منهم على قيد الحياة، فأين أنتم يا أمة الاسلام؟!

يعيش اليوم قطاع غزة بسكانه في أسوأ حالاته المأسوية بعد تفشي حالات الموت والقتل والتجويع والإصابات من دون وجود مستشفيات أو عمليات إنقاذ دولية وهي بحد ذاتها خطة لتفعيل عملية الترحيل الجماعي، وبالتالي ما تفسير رفض العدو السماح بدخول المساعدات الإنسانية، أليس ذلك انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي؟! أليس سيفتح لشعب بأكمله أبواب الجحيم من جديد؟!

ولكن كما يبدو أن اسرائيل لم تتعلم من الدروس الماضية بل وحتى من درس إشعال الحرائق التي اجتاحت جبال القدس وأكلت الأخضر واليابس، ولم تتعلم من خلافاتها الداخلية وتورط «اليسار» فيه ولكنها بدت مستمرة في قتل الأطفال الأبرياء بصمت رهيب وتطبيق سياسة التجويع لجميع الصامدين ومنع المساعدات الغذائية والادوية أمام أعين دول العالم أجمع!

ولكن على أي حال علينا أن نصبر ونحتسب ونتعظ بما قاله الله سبحانه في كتابه الكريم:

«ولا تحسبنَّ اللهَ غافلاً عمّا يعملُ الظّالمون إنّما يُؤخرهم ليومٍ تشخصُ فيهِ الأبصارُ».

صدق الله العظيم

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي