خلال عامي 2025-2026
«الوطني»: تسارع النمو الاقتصادي في السعودية إلى 3.4 في المئة سنوياً
- تحسّن مناخ الأعمال قد يؤدي إلى انتعاش تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر
- اتساع عجز المالية العامة إلى 4.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2025
أفاد تقرير بنك الكويت الوطني بأن التوقعات تشير إلى إمكانية تسارع وتيرة النمو الاقتصادي في السعودية إلى متوسط 3.4 في المئة سنوياً خلال عامي 2025-2026، بدعم من استمرار زخم الأنشطة غير النفطية، إلى جانب الانتعاش التدريجي لإنتاج القطاع النفطي.
وذكر أن عجز المالية العامة قد يتسع نتيجة لانخفاض الإيرادات النفطية على خلفية تراجع الأسعار وتقلص توزيعات أرباح «أرامكو»، متوقعاً أن يتخطى مستوى هذا التراجع الزيادة المستمرة للإيرادات غير النفطية، والتي يعززها اتساع القاعدة الضريبية والإصلاحات المالية المستمرة.
وبيّن أن أبرز العوامل المؤثرة على آفاق النمو تتمثل في إمكانية استمرار ضعف سوق النفط وتفاقم اضطرابات التجارة العالمية، ما قد يزيد الضغوط على المالية العامة ويؤثر على وتيرة الاستثمارات. وفي المقابل، فإن تحسّن مناخ الأعمال قد يؤدي إلى انتعاش تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، ما يشكّل دعماً إضافياً للنمو.
دعم إضافي
وتوقع أن يتلقى النشاط الاقتصادي دعماً إضافياً من التيسير التدريجي للسياسة النقدية، إذ قد يخفض البنك المركزي السعودي أسعار الفائدة بما يتماشى مع خطوات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
من جهة أخرى، تشير آخر المؤشرات الشهرية إلى أن نشاط القطاع غير النفطي لا يزال قوياً، إذ سجل الائتمان الممنوح للقطاع الخاص نمواً بمعدل ثنائي الرقم (14.9 في المئة على أساس سنوي في مارس).
ولفت إلى أنه رغم تباطؤ وتيرة نمو مؤشر مدير المشتريات (56 نقطة في أبريل)، إلا أنها مازالت تشير إلى توسع قوي. وساهمت الجهود المتواصلة لتطبيق الإصلاحات التشريعية في ارتفاع تسجيل الرخص التجارية بصورة ملحوظة في 2024.
وأشار التقرير إلى أن هذه الإصلاحات شملت التحديثات التي طرأت على القانون التجاري لدعم الاستثمار، وتبسيط إجراءات تأسيس الشركات، وإنشاء مناطق اقتصادية خاصة، فضلاً عن تسريع مبادرات التحول الرقمي للخدمات، وتطبيق نظام استرداد ضريبة القيمة المضافة للسياح، ما يعزز التنافسية. وقد تساهم تلك الجهود في تعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، والتي تراجعت بنسبة 19 في المئة لتصل إلى ما دون المستوى المستهدف البالغ 21 مليار دولار في 2024.
إنتاج النفط
ونوه التقرير إلى أن إنتاج النفط قد يتعافى تدريجياً في ظل خطة التخلص التدريجي من تخفيضات الإنتاج، متوقعاً أن يتعافى إنتاج النفط الخام السعودي تدريجياً بما يتسق مع الرفع التدريجي للقيود التي فرضتها منظمة «أوبك» على الإنتاج. ووفقاً لسيناريو الحالة الأساسية، فنرى أن الإنتاج قد يرتفع بنحو 0.2 مليون برميل يومياً ليصل في المتوسط إلى 9.18 مليون برميل في 2025، ثم إلى 9.81 مليون برميل يومياً في 2026. ونتيجة لذلك، رجّح التقرير أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي 1 في المئة في 2025،
وبنسبة 5.3 في المئة في 2026، ما يدفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الكلي إلى 2.9 في المئة و4 في المئة خلال عامي 2025 و2026، على التوالي.
ارتفاع التضخم
توقع التقرير أن يسجل التضخم ارتفاعاً هامشياً في عامي 2025-2026، مدفوعاً بعوامل عدة من أبرزها التباطؤ التدريجي في وتيرة ارتفاع الإيجارات وأسعار المرافق العامة (التي تجاوزت 8 في المئة في مارس)، إلى جانب تباطؤ الانكماش في أسعار عدد من السلع والخدمات الأخرى، واستمرار تصاعد أسعار مدخلات الإنتاج. ويضاف إلى ذلك الاتجاه الصعودي لأسعار المواد الغذائية، فضلاً عن احتمالية تراجع قيمة الدولار، ما قد يرفع تكلفة الواردات غير المقوّمة بالدولار نظراً لارتباط الريال السعودي بالدولار.
وتوقع أن تساهم زيادة الرسوم الجمركية في رفع تكاليف بعض مدخلات الإنتاج. وفي ظل هذه المعطيات، من المتوقع أن يبلغ التضخم 2.3 في المئة في المتوسط خلال فترة التوقعات، مقابل 1.8 في المئة في 2024، لكنه سيبقى عند مستويات متدنية نسبياً، لا سيما في ظل البيئة الاقتصادية المواتية والداعمة للنمو.
عجز المالية
ولفت التقرير إلى ارتفاع عجز المالية العامة رغم استمرار تحسن الإيرادات غير النفطية، متوقعاً أن يتسع عجز المالية العامة ليصل إلى 4.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2025، مقابل 2.8 في المئة في 2024، وذلك نتيجة لانخفاض الإيرادات النفطية، على خلفية تراجع أسعار النفط وانخفاض توزيعات أرباح أرامكو (التي عادت إلى مستوياتها الاعتيادية بعد توزيعات استثنائية في عام 2024).
الاقتصاد السعودي سيحافظ على مرونته
توقع التقرير أن يحتفظ الاقتصاد السعودي بمرونته في مواجهة التحديات الخارجية، خصوصاً مع استمرار زخم الاقتصاد غير النفطي، وقوة الإنفاق الاستهلاكي، وتقدم وتيرة تنفيذ مشاريع الاستثمار والإصلاحات ضمن رؤية المملكة، إلا أنه ما زال هناك عدد من التحديات المحتملة، أبرزها إمكانية انخفاض مستويات الاستثمار بسبب القيود المالية، لاسيما في حال هبوط أسعار النفط بشكل حاد، إضافة إلى التوترات الجيوسياسية. وعلى الجانب الإيجابي، فإن انتعاش الاستثمار الأجنبي المباشر بفضل الإصلاحات الأخيرة الصديقة للأعمال، إلى جانب تحسن التجارة العالمية، قد يدعم تسارع وتيرة نمو القطاعات غير النفطية، ويساهم في انتعاش قطاع النفط بوتيرة أسرع.