قبل أقل من شهر، انتشر عبر شبكات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو حول امتلاك إيران «سلاح البلازما»، واعتبره كثيرون سلاح إيران السّري الذي أشار إليه قبل أشهر المسؤول السابق في الحرس الثوري إبراهيم رستمي. ولكن وكالة تسنيم للأنباء (وكالة أنباء خاصّة تابعة للحرس الثوري) نفت في بداية هذا الأسبوع امتلاك إيران «سلاح البلازما».
وفي الأسبوع الماضي، أعادت قناة RT الروسية نشر مقال بعنوان «سلاح إيران السّري... كيف سيُسقط الاقتصاد العالمي في 24 ساعة؟»، وجاء في هذا المقال أن الجيش الإيراني القوي لن يصمد طويلاً أمام نظيره الأميركي. «لكن إيران قادرة تماماً على الرد، والتسبب في أضرار غير مقبولة لأميركا»... «لدى طهران القدرة على تفجير سوق النفط»... «يكفي إغلاق مضيق هرمز أمام ناقلات النفط».
في المقابل، يرى مراقبون أن سلاح إيران السري «الرادع» هو الذي كشفه علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى، في مقابلة مع التلفزيون الإيراني الرسمي، بتحذيره أميركا «إذا اخترتم القصف بأنفسكم أو عبر إسرائيل، فستجبرون إيران على اتخاذ قرار مختلف»، ولن يكون أمام القيادة الإيرانية سوى امتلاك السلاح النووي، لأن الشعب سيطالب به للدفاع عن نفسه.
تحذير لاريجاني يتوافق مع تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز في 3 فبراير 2025، جاء فيه أن معلومات استخباراتية جديدة بشأن البرنامج النووي الإيراني تؤكّد تشكيل فريق سري من العلماء الإيرانيين لاستكشاف نهج أسرع، وإن كان أكثر بدائية، لتطوير سلاح نووي «حين» تقرر إيران انتاجه.
وهذه المعلومات الاستخباراتية المزعومة تتناغم مع الرأي العلمي والفني الذي طرحه قبل ثلاثة أيّام، في لقاء مع قناة RT الروسية، الأستاذ الدكتور يسري أبوشادي، رئيس قسم الضمانات وكبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرّية سابقاً. حيث أكّد أنه يمكن إنتاج قنبلة نووية من «اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المئة»، وأن المخزون الحالي منه لدى إيران كافٍ لإنتاج 7 قنابل نووية على الأقل، وأن لديها أيضاً القدرة على تخصيب اليورانيوم «إلى 60 في المئة» بمعدّل كافِ لإنتاج قنبلة نووية كل شهر، وذلك وفق البيانات المؤكّدة الواردة في تقارير مفتشي الوكالة الذرّية.
كما تتسق هذه المعلومات الاستخباراتية المزعومة مع ما صرّح به الدكتور أبوشادي قبل أربع سنوات في لقاء متلفز (بودكاست)، بأن مفتشي الوكالة النووية وجدوا لدى إيران مخططات تصميم قنبلة نووية، وكان ردُّ الإيرانيين أن التصميم بدائي، لا قيمة عملية له. بمعنى أنهم مطّلعون على تصميم أو تصاميم أحدث، حسب رأي الدكتور أبوشادي.
وكذلك تنسجم هذه المعلومات الاستخباراتية المزعومة مع إشارة الدكتور أبوشادي في اللقاء ذاته إلى أن إيران تتعمّد الإعلان عن إنتاج مواد مُتعدّدة الأغراض، يمكن استخدامها في صناعة القنبلة النووية، من قبيل uranium metal، من أجل ترهيب الدول المعادية.
وأوضح أن الاختراقات النووية التي حققتها إيران كانت بسبب تعسّف الغرب. فإيران حققت التخصيب بنسبة 20 في المئة، في 2012، بعد أن امتنعت فرنسا عن التزامها التعاقدي بتزويد إيران باليورانيوم المطلوب، من الشركة EURODIF التي تمتلك إيران نسبة من أسهمها. والإنجازات النووية المتتالية في السنوات الأخيرة، ما كانت لتحقّقها إيران لولا خرقها تسعة بنود من اتفاقية 2015، التي ألغتها أميركا.
لذلك، يعتقد الدكتور أبوشادي، أن الخيار الأفضل للعالم في الأزمة الأميركية -الإيرانية هو الاتفاق على تمديد التزامات إيران الواردة في اتفاق 2015، بعد تكييفها نسبياً مع الواقع النووي الإيراني، وإضافة جدول زمني لرفع العقوبات عن إيران.
وأما الخيار العسكري، فيرى أن نتائجه كارثية على العالم، وسوف يؤدّي بالضرورة إلى لجوء إيران إلى سلاحها السّري، وهو السعي المُستعجل لامتلاك القنبلة النووية. فمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية تمنح الدول الحق بالانسحاب من الاتفاقية إذا تعرّض أمنها القومي للخطر...
اللهمّ أرنا الحقّ حقّاً وارزقنا اتّباعه.