لست بعيداً عن الرياضة؛ حيث إنني أمتلك عضوية نادي القادسية منذ عام 1971م، وبالتالي فإنني عاصرت العصر الذهبي للكرة الكويتية وأعرف بعمق تفاصيل أسباب تراجع الرياضة الكويتية بشكل عام، وكرة القدم بشكل خاص، ولقد توقفت عن حضور المباريات بسبب السن والوضع الصحي، إلا أنني أتابع عبر التلفاز.
ولم أتردد في الكتابة عن مواطن كويتي رياضي خدم بلده من خلال موقعه كلاعب كرة قدم رغم أنه مدافع وليس مهاجماً كما يميل الكثير من الرياضيين لتسليط الضوء على المهاجمين، بيد أن نجوم الكرة الكويتية برزوا في كل المراكز أمثال جاسم يعقوب وفيصل الدخيل وسعد الحوطي وعبدالعزيز العنبري وعبدالعزيز حسن وناصر الغانم ومحبوب جمعة وفتحي كميل وعبدالله البلوشي ومؤيد الحداد والقائمة تطول، تنتمي إلى فترات قديمة وندرة في الأسماء المعاصرة.
لقد تابعت مباراة الكويت والعراق ضمن تصفيات كأس العالم القادمة ورغم تعادلنا إلا أنني فوجئت وأعجبت بالروح القتالية غير المعهودة لمنتخب الكويت الذي استطاع فرض رؤيته وأسلوبه في الملعب رغم أن المنتخب العراقي الذي لعب على أرضه وبين جمهوره إلا أنه قدم مباراة لا تعكس مستواه الحقيقي ولولا صحوة متأخرة لما استطاع تحقيق التعادل مع المنتخب الكويتي الذي قدم مباراة تفوق الخيال بالنسبة لمستوى منتخب الكويت المعهود، خاصة أن المنتخب العراقي الشقيق كان يطمح إلى الفوز بأكبر عدد من الأهداف لكنه وجد نفسه أمام فريق غير عادي لم يكترث لصيحات وشيلات الجمهور... من قبل انطلاق صافرة الإنذار إلى ما بعد انتهاء المباراة.
إن المنتخب الكويتي ليس سيئاً ولكنه ليس جيداً في الوقت ذاته، ويمكن التغلب على نقاط ضعفه الفني والبدني عبر بعض الأمور التي يمكن أن يتبعها الفريق متى ما وجد مدرباً يمتاز بالذكاء وبناء خطوط عريضة من أمور فنية صغيرة يعرفها الرياضيون، وهذا ما حدث؛ فقد لعب المنتخب الكويتي بحماس يفوق أي مباراة سابقة وكل لاعب كان مقاتلاً رياضياً بمعنى الكلمة بشكل عام، وكان اللاعب خالد محمد إبراهيم، هو أكثرهم حماسة بصورة تفوق وصف الكلمات بل إنني ما زلت أتذكر اللقطة حين كانت هناك هجمة ضد منتخب الكويت وكانت الكرة مرتفعة باتجاه مرمى الكويت وقفز اثنان من لاعبي العراق فقفز معهما بل إنه قفز بصورة أعلى منهما استطاع خلالها أن يتغلب عليهما، ولولا تغير اتجاه كرة الهجمة العراقية بعد أن اصطدمت بلاعب كويتي لما استطاعوا إحراز هدف، ولولا بعض الأخطاء التكتيكية لما استطاعوا إحراز الهدف الثاني خاصة أن خالد الرشيدي، قدم مباراة كبيرة استطاع خلالها صد سلسلة من الهجمات للمنتخب العراقي بكل ثقة، الأمر الذي يعكس خبرته الطويلة التي مكنته من تقديم هذا المستوى الكبير.
إن فرصة منتخبنا في الوصول إلى كأس العالم ضئيلة، إلا أنه يجب ألا تكون أمنياتنا الوصول إلى كأس العالم فقط؛ لأننا سبق أن وصلنا إليه في عام 1982م، وبالتالي فإن فكرة الوصول من أجل الوصول وكأنها رحلة سياحية رياضية أمر مرفوض ما دمنا لم نكن قادرين على إحراز إنجاز ما يضاف إلى الإنجازات السابقة كما فعلت منتخبات عربية مثل المغرب والجزائر.
ولست مستغرباً من حماس وإبداع اللاعب خالد محمد إبراهيم، الذي اكتسب هذه الروح القتالية من والده اللاعب المدرب محمد إبراهيم، فقد كان يلعب دائماً بروح قتالية سواءً في نادي القادسية أو في منتخب الكويت، وكل من تابع مسيرته فإنه يستشف هذا الأمر وانتقل الأمر بالنسبة إلى ابنه اللاعب خالد محمد إبراهيم، والأمر يشبه ما قام به مدرب أتلتيكو مدريد الإسباني دييغو سيميوني، الذي استطاع بعبقريته أن ينقل هذا القتال والحماس الرياضي لابنه اللاعب جوليانو سيميوني، الذي لم يجد أي مجاملة من والده فقد كان في الاحتياط ثم كان يلعب في الشوط الثاني ثم كان يلعب أساسياً ثم يخرجه حتى لو قام بتسجيل هدف لأن المسألة مرتبطة برؤيته كمدرب يسعى من أجل مصلحة الفريق. أما أن جوليانو ابنه فهو أمر خارج الملعب وقد تألق ابنه عبر تسجيل مجموعة من الأهداف الجميلة مع ناديه إضافة إلى هدفه الرائع ضد البرازيل ضمن تصفيات قارة أميركا الجنوبية.
إن المدرب محمد إبراهيم وابنه اللاعب النجم خالد محمد إبراهيم، إنما هو نسخة أصلية من تجربة المدرب سيميوني وابنه جوليانو، مع اختلاف التفاصيل ليكون ذلك الأمر محفزاً للمدربين المحليين وكذلك اللاعبون في الكويت، وكل من عرف سيميوني، كلاعب ثم كمدرب فإنه يعلم ما أقصده من أسلوبه الحماسي فوق العادة.
وإذا عدنا إلى إعادة بناء المنتخب الكويتي إدارياً وفنياً، وأهل الرياضة أدرى بشعابها ومسرحهم الرياضي، خاصة أن الصراعات وكذلك المجاملات هي أحد أمراض الجسد الرياضي في الكويت، ولا بد من إعادة وجود «الكشاف» ليس في الأندية فقط بل يجب البحث عن تلك المواهب في الملاعب غير الرسمية. ففي كل منطقة هناك ساحات يتم استخدامها في البحث عن المواهب الرياضية التي تفوق بمستواها مستوى الكثير من لاعبي الأندية والمنتخب الذي يجب تغيير بعض لاعبيه؛ لأن أداءهم دون مستوى الطموح. لذا، لا بد من وجود منظومة متكاملة للاحتراف ودراسة مدى إمكانية بيع الأندية الرياضية وفق قانون شامل، خاصة أن هناك شخصيات رياضية قادرة على شراء تلك الأندية المكلفة.
ومن ميزات انخراط الشباب في الرياضة هو حمايتهم من الآفات التي تعصف بالمجتمع مثل المخدرات والجرائم الأخرى، الأمر الذي يساهم في بناء مجتمع متماسك.
همسة:
قد تكون الرياضة عاملاً في تنوع الاقتصاد الكويتي.