لاتزال هناك أسباب للقلق رغم استثنائها من الرسوم الإضافية حتى الآن

الحرب التجارية العالمية بين صدام الكبار والمخاطر خليجياً وعربياً

تصغير
تكبير

- تكاليف فورية على الدول التي ترتبط عملاتها بالدولار
- حرب الرسوم ستؤثر على أسعار النفط ما يضر بنمو المنطقة

إزاء الحرب التجارية المتبادلة بين الولايات المتحدة وأوروبا والصين، ثمة أسئلة تُطرح عن آثارها التي قد تطول الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط. ويتساءل مقال نشره موقع «سي إن بي سي» عن القطاعات المتأثرة ومدى خطورتها على اقتصاد المنطقة؟

وتظهر الحرب التجارية العالمية التي أثارها الرئيس الأميركي دونالد ترامب عدم وجود أي إشارات على تهدئتها، حيث تتبادل الدول الكبرى فرض الرسوم الجمركية، ما يضر باقتصاداتها، ويؤدي إلى انهيار أسواق الأسهم، ويقلل آفاق النمو، وتواجه الاقتصادات المعنية، أميركا الشمالية، الاتحاد الأوروبي، والصين، مستقبلاً غامضاً للغاية. لكن بالنسبة للشرق الأوسط، الذي تم استثناؤه حتى الآن من الرسوم الإضافية، لاتزال هناك أسباب للقلق، وكذلك الفرص التي يمكن الاستفادة منها.

ويقول اقتصاديون إن التأثير المباشر للرسوم الجمركية، مثل الرسوم الأميركية على واردات الصلب والألومنيوم، ضئيل على الشرق الأوسط، وعلى سبيل المثال، شكّلت منطقة الخليج نحو 16 في المئة من واردات الألومنيوم الأميركية في 2024، بقيادة الإمارات والبحرين، وفقاً للخبيرة الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «ستاندرد تشارترد»، كارلا سليم التي صرّحت لـ «سي إن بي سي». ورغم أن تلك القطاعات قد تتأثر، يقول المحللون إن التأثير سيكون طفيفاً.

الأثر الناتج

وحسب المقال من المرجح أن يضر الأثر الناتج عن الحرب التجارية بنمو الاقتصاد من خلال تأثيره على أسعار النفط، الذي يعد دعامة اقتصادات المنطقة. هناك أيضاً تكاليف فورية على الدول التي ترتبط عملاتها بالدولار، مثل السعودية والإمارات وقطر وعمان والبحرين، وبدأ الدولار الأميركي في التراجع منذ بداية العام، ما جعل الواردات للدول التي ترتبط عملاتها بالدولار أكثر تكلفة، وهو تحدٍ لمنطقة تعتمد بشكل كبير على السلع المستوردة.

ولكن الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة عادة ما تجعل الدولار أقوى بمرور الوقت، وإذا حدث ذلك، فإن النفط يصبح أكثر تكلفة، حيث يتم تداول السلعة بالدولار. وهذا سيمنح دفعة أولية للدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط.

أسعار النفط

لكن الأخبار السيئة قد تظهر في المستقبل مع تباطؤ الطلب على النفط بسبب ضعف التجارة العالمية والشحن، ويقول المقال: «يتوقع تأثر النظرة العامة للاقتصادات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالشكوك العالمية المتعلقة بالرسوم الجمركية بشكل غير مباشر من خلال أسعار النفط، إلى درجة أن استمرار هذه الشكوك والتأثيرات الاقتصادية العالمية قد يكون لهما تأثير سلبي على أسعار النفط الخام برنت».

وأضافت «منذ صدمة أسعار النفط عام 2014، ومع ذلك، قامت العديد من تلك الاقتصادات بتنفيذ إصلاحات هيكلية وبرامج تنويع في محاولة لتقليل اعتمادها على إيرادات النفط... تعزيز مرونة الطلب المحلي لايزال أفضل وسيلة لحماية الاقتصادات المحلية من الصدمات الخارجية العالمية، من وجهة نظرنا».

ورغم جهود التنويع، إلا أن «النفط لايزال يُشكّل أكبر حصة واحدة من الدخل»، حسب كبير الاقتصاديين بالإنابة في بنك الإمارات دبي الوطني، إدوارد بيل، الذي أشار إلى أنه «بالنسبة لاقتصاد مثل الإمارات، الذي يعد منفتحاً للغاية على التجارة ويعمل كصلة وصل للتجارة العالمية من خلال البنية التحتية والروابط اللوجستية الواسعة، فإن انخفاض التجارة العالمية سيكون أيضاً رياحاً معاكسة للنمو».

الأكثر عرضة

الدولار القوي يعني أن خدمة الديون المقومة بالدولار تصبح أكثر تكلفة. بالنسبة للبنان والأردن ومصر، التي تُعاني من مستويات عالية من الديون الخارجية، يمثل ذلك مصدر قلق كبير وقد يتسبّب في ألم اقتصادي حاد.

ووفقاً لكبير الاقتصاديين للأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس ومقره لندن، جيمس سوانستون فإن الأردن الأكثر عرضة لخطر الحروب التجارية بسبب اعتماده الكبير على صادراته إلى الولايات المتحدة. فحوالي 25 في المئة من صادرات الأردن، وخاصة المنسوجات والمجوهرات، تذهب إلى الأسواق الأميركية. وقال سوانستون لـCNBC:«اقتصاد الأردن الأكثر تعرضاً للرسوم الجمركية المحتملة».

لكن قد تجد البلاد بعض التخفيف بفضل علاقاتها الدبلوماسية مع واشنطن:«تم تأمين استثناء في ما يتعلق بالمساعدات الخارجية الأميركية بعد تعليق وكالة المساعدات الدولية الأميركية USAID بسبب الأهمية الإستراتيجية للأردن في السياسة الخارجية الأميركية»، كما أشار سوانستون، وقال «هذا قد يشير إلى أن الأردن قد يكون قادراً على التفاوض بسهولة نسبية للخروج من تأثيرات الرسوم الجمركية».

ممرات جديدة

وأحد التغييرات المهمة والإيجابية التي جلبتها الرسوم الجمركية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو الدفع نحو ممرات تجارية أكثر تيسيراً جغرافياً.

وحول هذه المتغيرات، قال المقال: «بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نعتقد أن هذا سيدفع نحو تسريع نمو ممرات التجارة ذات النمو السريع، مثل ممر التجارة بين دول الخليج وآسيا الذي شهد نمواً طويل الأجل بنسبة 15 في المئة ويبدو أنه سيستفيد أكثر».

وتوقع أن تشهد أحجام التجارة المتزايدة تزايداً موازياً في تدفقات المال والاستثمار بين دول الخليج وآسيا بشكل خاص، «بينما تقوم الشركات الآسيوية بإنشاء حضور لها في الشرق الأوسط أو توسيع أعمالها القائمة، ما يضيف زخماً للنمو العضوي الملاحظ منذ مبادرة الحزام والطريق الصينية».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي