كلمة صدق

نظرة إلى مكتبة الكويت الوطنية

تصغير
تكبير

«في الكتب تكمن روح الزمن الخالي بأسره، كل ما صنعته البشرية، وفكرت فيه، وكسبته أو كانته، موجود في صفحات الكتب، كما لو كان محفوظاً حفظاً سحرياً، والكتب هي ممتلكات البشر المختارة».

الكاتب الإنكليزي توماس كارليل.

بموقعها المميز في العاصمة، بِطلَّة شمالية على البحر، وطَلَّة أخرى على الأسواق المتفرعة من سوق المباركية، ومن جانب آخر يستطيع الرائي أن يمد بصره ليرى واجهة متحف الكويت الوطني من القاعة البانورامية للمكتبة، والتي تسمح لضوء النهار لِأَنْ ينتشر في القاعة التي تزينها أرفف خشبية بديعة تضم مجموعات من الكتب ذات الطابع التراثي الوطني، وكل ما يخص تاريخ الكويت.

المكتبة الوطنية تعتبر صرحاً علمياً مهماً في البلاد، وتأتي أهميتها بما تمثله من أهداف رئيسية في تأسيسها من بينها تجميع وتوثيق التراث الوطني الفكري، وحفظ حقوق المؤلفين والمخترعين والمبتكرين في البلاد من خلال حماية الملكية الفكرية. هناك دور رئيسي آخر للمكتبة الوطنية وهو تنمية وتكوين المجموعات من كتب ومجلات وخرائط وغير ذلك من إنتاج فكري معني بتاريخ البلاد.

يدخل الباحث والُمطَّلِع على المكتبة، ويثلج صدره سعة البهو الرئيسي للمكتبة، وجمال ديكوراتها، لكن عندما يبدأ بالانتقال بين أقسام المكتبة، وبين طوابق المبنى، ويحاول الاستفادة من الخدمات المكتبية التي تقدمها المكتبة، مثل الخدمة المرجعية، والاستعانة بالفهارس الإلكترونية، والولوج إلى قواعد المعلومات لمكتبات أخرى مرتبطة بعقود تعاون مع المكتبة الوطنية، هنا يشعر الباحث والمطلع بشيء من التيهان في هذه المكتبة الكبيرة.

فمعروف لدى المتخصصين في مجال المكتبات، والبحث والمعلومات، أن لدى الباحث -خصوصاً الأصغر سناً، وأقل خبرة- نوعاً من القلق، مرتبطاً بالبحث في فهارس المكتبة، ومحاولة الوصول إلى المصادر المطلوبة، والقلق يزداد أحياناً إذا كانت هناك حاجة لبحث إلكتروني، للوصول إلى مصدر المعلومات، ولا يبعد هذا القلق أو يقلله إلا وجود أمناء مكتبات، يساعدون الباحث للوصول إلى المعلومة المطلوبة.

لماذا حالة التيه تأتي لمن يزور المكتبة الوطنية، على الرغم من دماثة خلق وتعاون من يعملون فيها؟ المشكلة تكمن بشكل أساسي بنقص في الموارد البشرية التي تحتاجها المكتبة، من تخصصات في علم المكتبات أو تخصصات مساندة مثل تكنولوجيا المعلومات، وأيضاً تحتاج المكتبة لطاقات بشرية في تخصصات كثيرة مطلوبة للعمل في المكتبة الوطنية، فكما يقال عن المكتبة الوطنية إنها «أم المكتبات».

في حديث جانبي مع أحد المتخصصين في مجال المكتبات يذكر فيه أن نقص الموارد البشرية المتخصصة في المكتبة الوطنية بشكل خاص، وفي المكتبات العامة بشكل عام، يحتاج إلى حلول جذرية، من أهمها رفع مستوى القبول في الدراسات الاكاديمية الخاصة بالمكتبات، لأهمية هذا التخصص ولتطوره المستمر وارتباطه المتزايد بتكنولوجيا المعلومات، ثم بعد ذلك زياد الحوافز المالية للعاملين في المكتبة من أمناء مكتبات ومن تخصصات مطلوبة، وذلك لجعل العمل بالمكتبة عملاً جاذباً وليس عملاً طارداً للكفاءات بسبب ضعف الحوافز المادية وقلة الاهتمام بالعاملين في هذا المجال المعلوماتي الحيوي.

ختاماً، يمكن القول: إن مكتبة الكويت الوطنية، تعتبر صرحاً علمياً وتربوياً وثقافياً وتراثياً مهماً، وهو مُزدان بأجمل النقوش والأحجار والمرمر، ولكن لا يكتمل جمال المبنى بدون تحقيق أهدافه المعرفية، ولا يمكن أن تتحقق أهدافه المعرفية والثقافية بدون الاهتمام بالعاملين في هذه المنشأة الفكرية الوطنية المهمة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي