رأي نفطي

ارتياح في أسواق النفط ... ولكن!

تصغير
تكبير

تتمتع أسواق النفط حالياً بحال من الاستقرار، حيث تشير التقلبات الحالية في أسعار النفط إلى عدم وجود زيادات مفاجئة، وهو ما يبعث على الطمأنينة في الأسواق. ويسود الآن الهدوء مع استقرار الأسعار عند حدود 75 دولاراً للبرميل، مما يصعب الوصول إلى مستويات 80 دولاراً. يعود ذلك إلى التوجه الأميركي الرامي إلى خفض أسعار النفط، وبالتالي عدم إمكانية زيادة إنتاج النفط الأميركي بما يتجاوز 13.5 مليون برميل يومياً.

علاوة على ذلك، هناك فائض من النفط من منظمة أوبك يزيد على 6 ملايين برميل يومياً يمكن استخدامها للحد من أي زيادة مفاجئة في الأسعار. وتبدو المنظمة مرتاحة لهذا النطاق السعري، وهو ما يعزز من استقرار السوق ويشجع على زيادة الطلب على النفط دون أن يواجه السوق تقلبات كبيرة في الأسعار.

مع ذلك، يبقى السؤال قائماً حول كيفية التعامل مع المخزونات المحجوزة للنفط، وما هو الدور الذي تلعبه روسيا في هذه المرحلة، حيث تسعى لزيادة مبيعاتها بينما تواجه ضغطاً كبيراً من الولايات المتحدة والدول التي تتعامل مع النفط الروسي مثل الهند والصين، اللتين تحتاجان إلى النفط الروسي بأسعار مخفضة.

وفي الوقت ذاته، لا يمكن تجاهل الإجراءات التي تقوم بها الإدارة الأميركية للحد من كميات النفط الآتية من إيران، عبر فرض ضغوط على الصين والهند لتقليص استيرادهما من النفط الإيراني. هذا من شأنه أن يشكل ضغطاً على أسواق النفط وأسعارها، لكن من جانب آخر، هناك كميات كافية من النفط يمكنها تعويض هذا النقص في حال حدوثه. تتمثل هذه الكميات في فائض الإنتاج من أوبك، التي يمكن لبعض أعضائها مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة زيادتها لتلبية أي عجز.

إضافة إلى ذلك، هناك إنتاج من دول مثل البرازيل وكندا يمكن استخدامه لسد أي نقص في حال الحاجة، خاصة أن تلك الدول تحصل على أسعار جيدة لتصدير نفطها إلى الولايات المتحدة، التي تطالب بخفض الأسعار.

فيما يخص الكويت، يتساءل البعض حول كيفية التعامل مع نطاق الأسعار الحالي للنفط الذي يقل عن 80 دولاراً للبرميل، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى سعر نفط يبلغ 90 دولاراً لتحقيق توازن مالي. الكويت تواجه تحديات مالية متواصلة على مدار السنوات التسع الماضية، مع عجز مالي متكرر، ويظل السؤال قائماً حول ما إذا كانت الحكومة ستلجأ إلى الاقتراض لسد هذا العجز، أم أنها ستسعى لخصخصة بعض القطاعات النفطية للحد من الحاجة إلى الاقتراض.

من جهة أخرى، يتطلب الوضع المالي في الكويت اتخاذ خطوات جادة لترشيد النفقات، خاصة في ظل الزيادة الكبيرة في الإنفاق على الرواتب، حيث ارتفع من 12 مليار دينار في 2020 إلى أكثر من 15 مليار دينار في الميزانية المقبلة لعام 2025. وهذا يمثل زيادة بنسبة 25 % خلال السنوات الست الماضية. كما أن هناك زيادة ملحوظة في مصروفات الدعم، وخاصة دعم الكهرباء والمشتقات النفطية، التي لا تزال تعد من الأرخص في منطقة الخليج.

من هنا، يجب النظر في إمكانية تخفيض الدعم، خاصة في قطاع الكهرباء والوقود، وتشجيع المواطنين على تقليص استهلاكهم لهذه الموارد، خصوصاً في فصل الصيف، حيث يجب عليهم التخفيف من استخدام الكهرباء والماء. ولا بد من تشجيع الجميع على تحمل المسؤولية وتقليص الفاقد في الاستهلاك، خاصة عندما يترك المواطنون منازلهم دون أن يراعوا تكاليف الدولة في توليد الكهرباء باستخدام النفط والغاز المستورد. في النهاية، هذه التكاليف يتم دفعها من جيب المواطن، كما أن هناك تأثيراً على صناديق الأجيال القادمة في حال لم يتم إيجاد حلول بديلة مستدامة.

على الرغم من أن أسعار النفط الحالية قد تكون مريحة للمستهلك العالمي، إلا أنها لا تلبي احتياجات دول الخليج العربي التي تعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط. ومع زيادة الإنفاق الحكومي، أصبح هذا الوضع غير مستدام، خاصة مع التوقعات بأن سعر البرميل سيكون أقل من 90 دولاراً.

من الممكن أن تكون بداية الحلول تكمن في خصخصة بعض القطاعات النفطية لسد العجز المالي، أو في اللجوء إلى الاقتراض لسد العجز المتوقع والذي يصل إلى 6 مليارات دينار بنهاية مارس من العام المقبل. في هذا السياق، قد لا تكون أسواق النفط في حالة أزمة كبيرة، ولكن دول الخليج بشكل خاص تواجه تحديات كبيرة في ظل هذه الأسعار.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي