د. عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / بعض كتاب التيار الليبرالي

تصغير
تكبير
غريب أمر بعض الكتاب الليبراليين في بلدي، أو من يتسمون بالليبراليين مجازاً، والذين خرجوا لنا هذه الأيام بمصطلح التيار المدني، وما أدراك ما التيار المدني، وكأن غيرهم لا يعرف من المدنية شيئاً، فالمثقفون هم وحدهم لا غير، والمتنورون الفاهمون لبواطن الأمور وظاهرها هم ذاتهم لا سواهم، أما الإبداع فهو يدور في فلكهم دون الآخرين، ولذا فلهم الحق كل الحق في وصف مخالفيهم بالرجعية والتخلف، ووصفهم بأقذع الأوصاف.

يزداد استغرابي أكثر عندما يدعون تمسكهم بأهداب حرية التعبير، وهم يسفهون الرأي الآخر، كما أراهم يضيقون ذرعاً عندما يعبر غيرهم عن نظرته للحياة، يدعون امتلاك ناصية الحريات، وهم أول من يبطش بها، ويعلقها على مقصلة القلم، ثم يرجمها بقاموس من الكلمات والعبارات التي يعف الإنسان عن ترديدها في داخلة نفسه، فكيف بكتابتها ليقرأها الجميع.

أمثال هؤلاء يعانون فصاماً داخلياً بين النظرية والتطبيق، بين التنظير والواقع، وأنا هنا لا أشمل الجميع، فهناك العقلاء الذين فرضوا احترامهم على الجميع، وهناك الفضلاء الذين حفروا أسماءهم في سجل التاريخ والوطن، ومهما اختلفنا معهم في أطروحاتهم الفكرية، فإننا نكن لهم كل التقدير.

أمثال هؤلاء تجدهم يبحثون عن أي جنازة ليشبعوا فيها لطماً، حتى ليخيل إليك أنهم يرمونك من قوس واحدة، المنطق المعوج نفسه، الأطروحات البالية نفسها التي أكل عليها الدهر وشرب، دون دليل أو حجة أو برهان، إلا مخيلات مريضة لم تجد من يسمع لها، ولكنها وجدت صحفاً شرّعت أبوابها لهم من باب الإثارة، وزيادة نسبة التوزيع.

آخر تلك الجنائز التي شقوا فيها الجيوب، ولطموا فيها الصدور والخدود، موضوع فريق الفتيات لكرة القدم، وإذا كانوا يتهمون التيار المتأسلم، على حد زعمهم، بالانشغال في قضايا تافهة كهذه، فلِمَ أشغلوا العالم بها، ولم سوّدوا أعمدتهم بموضوع تافه، وكان الأولى بهم أن ينشغلوا عنه وعنهم بما هو أهم.

أعيد وأكرر أن هناك العديد من الكتاب الليبراليين العقلاء الذين نرفع لهم القبعات احتراماً لأقلامهم الحرة، وعقولهم النيرة، من أمثال الأستاذ الكبير أحمد الديين والأستاذ الأديب صالح الشايجي، وكابتن الكتاب الأستاذ سامي النصف، وغيرهم الكثير.





د. عبداللطيف الصريخ

مستشار في التنمية البشرية

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي