في خطوة تعكس التقدم المذهل في مجالات الفيزياء وعلوم الحاسوب، أعلنت لجنة نوبل منح جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2024 إلى كل من البريطاني الكندي جيفري هينتون، والأميركي جون هوبفيلد، تقديراً لإسهاماتهما الأساسية في تطوير تقنيات التعلم الآلي، التي أرست دعائم الشبكات العصبية الاصطناعية، وهي التقنية التي أحدثت ثورة في علم الذكاء الاصطناعي.
وذكرت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم في بيان أن «هوبفيلد، وهينتون»، استفادا من أدوات مستمدة من علم الفيزياء لبناء نماذج قادرة على معالجة البيانات، وتحليلها بشكل يجعل الحواسيب قادرة على تعلم أنماط جديدة، من دون الحاجة إلى برمجة دقيقة لكل خطوة.
وأضافت: «الحائزان جائزة نوبل في الفيزياء هذا العام استخدما أدوات من الفيزياء لتطوير أساليب تشكل أساس التعلم الآلي القوي اليوم... التعلم الآلي المستند إلى الشبكات العصبية الاصطناعية يُحدث في الوقت الراهن ثورة في العلوم والهندسة والحياة اليومية»، وأكّدت اللجنة أن ابتكاراتهما أدت إلى «انفجار» في تطوّر التعلّم الآلي خلال العقدين الماضيين، ما أتاح للآلات تقليد وظائف مثل الذاكرة والتعلّم.
ووصف هينتون حصوله على الجائزة بأنه «مذهل»، وأكد في مقابلة هاتفية بعد الإعلان أهمية التكنولوجيا التي أسهم بحثه في تطويرها، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي سيكون له «تأثير هائل» على المجتمع، يشابه الثورة الصناعية، ولكن في مجال القدرة العقلية بدلاً من البدنية.
وتوقّع هينتون أن تُحدِث التكنولوجيا ثورة في مجالات مثل الرعاية الصحية، ما سيؤدي لـ«تحسين كبير في الإنتاجية»، لكنه حذّر من العواقب السلبية المحتملة، مثل خطر خروج هذه التكنولوجيا عن السيطرة.
وقال هينتون لشبكة «CNN»، في وقت سابق: «إنه مجرد عالم أدرك فجأة أن هذه الأمور تصبح أذكى منا، أريد أن أُبلغ عن ذلك وأقول إنه يجب علينا أن نكون جادّين بشأن كيفية منع هذه الأشياء من السيطرة علينا».
وذكر البروفيسور مايكل وولدرج، عالم الكمبيوتر في جامعة أكسفورد، أن الجائزة تعكس التأثير العميق للذكاء الاصطناعي، موضحاً أنها «مؤشر على تحول العلم». بات من الواضح أننا أمام تحولات كبيرة ستغير شكل العالم بصورة غير متوقعة.
وبات من الواضح بعد دخول الذكاء الاصطناعي عالمنا أننا أمام تحولات كبيرة مقبلة وبقوة تحتاج من كل فرد أن يكون واعياً، ويعرف كيف يستخدم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لصالحه، لأنها ستغير شكل الحياة وفي شتى المجالات. وستختفي وظائف كثيرة، ولكن ستبرز احتياجات ووظائف أكثر، ولكن التفاضل سيكون على حسب المهارة، فلابد من الاستعداد الجيد لهذه المرحلة القريبة.
في السابق، كان الأُمي الذي لا يعرف القراءة والكتابة، ثم تحول بعد الألفية للذي لا يجيد استخدام الكمبيوتر والبرامج التي تحتويها الأجهزة... ولكن في قادم الأيام سيكون الأُمي هو الذي لا يعرف التعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي ويفهم لغة البرمجة.
وكل الأعمال تقريباً سيؤثر عليها الذكاء الاصطناعي بشكل مباشر، حتى في الطب والاقتصاد والقانون والنشر والتوزيع والكتابة والمحاسبة وتحليل البيانات واستخلاص النتائج، لذلك الذي سيكون جاهزاً لهذه المرحلة لن تكون لديه أي مشكلة، والدول التي مازالت غير جاهزة لاستخدام التكنولوجيا ستشعر وكأنها لا تعيش على هذا الكوكب.
ويقول د.غازي القصيبي «أنا لا أملك إحصائيات ولكني مستعد للمراهنة على أن كتب المستقبل لا تصل إلى واحد في المئة من كتب الماضي: الذكريات، المذكرات، والسير الذاتية، وكتب التاريخ، وكتب البكاء على الأطلال... إلى آخر القائمة»، لذلك من يجيد قراءة وكتابة الكتب التاريخية أكثر من استشراف المستقبل مصيره سيكون في ذيل القائمة.