اجتياح جوي مروّع وغارات إسرائيلية هستيرية تهجّر عشرات الآلاف من الجنوب والبقاع
حرب لبنان الثالثة
إنها «حرب لبنان الثالثة» التي انطلقت أمس على متن اجتياحٍ جوي إسرائيلي مروّع وتدميري بدا أشبه بقصفٍ سجّادي من الجو لكل الجنوب وصولاً إلى البقاع وبعلبك الهرمل مروراً بأعالي جبيل وكسروان في جبل لبنان، ويُرجّح أن يستمرّ لأيامٍ طويلةٍ تريدها تل أبيب لاستدراج تَفاهُم على «اليوم التالي» لجبهة لبنان يتمحور حول إبعاد «حزب الله» عن جنوب الليطاني لضمان عودة المستوطنين إلى منازلهم.
ولم يَعْلُ صوتٌ فوق الرقم المُرْعب الذي سجّله عدّاد ضحايا «الإبادة الجماعية» وتجاوز 300 في موازاة نحو 1100 جريح، وهو ما يعادل ربع حصيلة الأيام الـ 33 مجتمعةً في حرب يوليو 2006 بين إسرائيل و«حزب الله»، في مؤشر إلى أن لبنان دَخَلَ نفقاً مأسوياً وكارثياً عبر «جبهة الإسناد» لغزة التي فتحها «حزب الله» في 8 أكتوبر وبات الجميع عالقاً في شِباكها.
وفيما كان لبنان الذي عاش مَشاهد كأنها من غزة يستعدّ للأسوأ وإسرائيل تعلن المصادقة في شكل مستعجل على إعلان حال طوارئ في الجبهة الداخلية في كل أنحاء الدولة لمدة أسبوع، في ما بدا مؤشراً إلى توقع ردود قاسية من «حزب الله» على عدوانها وإلى نياتها باستكمال خططها لتجفيف قوته العسكرية وتسديد ضربات مؤلمة لهيكله البشري والقيادي، تعمّدت تل أبيب في غزوتها الجوية أن تعتمد إستراتيجية أخطبوطية من أعمال عسكرية عدائية، وترويعٍ للمدنيين بإسقاط أبنية فوق رؤوسهم «متخفّية» برسائل تحذير أقرب إلى نفْض اليد من جريمة الحرب، والتوغّل في الاختراقات الأمنية التي تجدّدت مساء لقلب الضاحية الجنوبية لبيروت حيث استهدفت علي كركي الذي ذكرت تقارير أنه هو قائد الجبهة الجنوبية ويوُصف بأنه الرجل الثالث في الحزب، فيما تحدثت معلومات أنه نجا من العملية نتيجة عدم انفجار الصواريخ التي استهدفتْه.
وفي الوقت الذي نُقل عن مسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي «أننا جاهزون للشروع في عملية برية في لبنان»، حمَل النسق الهستيري من الغارات استهدافاً عن «سابق تصور وتصميم» لأبنية سكنية سقطت بمن فيها وعليهم، في محاولةٍ لترويع المدنيين ودفْعهم إلى نزوح جماعي سرعان ما بدأ لتشهد شوارع عاصمة الجنوب ومدخله صيدا زحمة خانقة مع نزوح الآلاف من القرى إليها، فيما شهدت مداخل بيروت تزاحُماً على العبور إليها تسبب باختناقات مرورية لساعات.