نتنياهو يُقرر توسيع العملية العسكرية شمالاً

حصانان يجرّان جبهة لبنان في اتجاهين متعاكسيْن

سفراء «الخماسية» في مقر السفير الفرنسي
سفراء «الخماسية» في مقر السفير الفرنسي
تصغير
تكبير

- هوكشتاين إلى إسرائيل على وقع تحذير أميركي من كارثية حربٍ «لا يُتَحَكَّم بها لأنها ليست لعبة»
- حركة لافتة في اتجاه قرى حدودية... نازحون «يعودون» لإفراغ ممتلكاتهم
- تكيُّف أهلي وعسكري مع حرب مديدة في جنوب لبنان
- هدفان لنتنياهو من خلال الحفاظ على تسخين جبهة لبنان
- الجيش الإسرائيلي «يسعى لتصعيد متدرج على الجبهة الشمالية»
- محاكاة لهجوم بري على جنوب لبنان عبر الجولان ورسْمٌ تشبيهي لجهوزيةٍ مضادة «جاءت» بالحوثيين
- سفراء «الخماسية» اجتمعوا للحضّ على استنقاذ الانتخابات الرئاسية

تتوجّس أوساطٌ واسعة الاطلاع في بيروت من وقوعِ جبهة جنوب لبنان بين «فكّي كماشةِ» استنزافٍ يَطول تحت سقف ستاتيكو التصعيد «المتوسّع» ولكن المنضبط، وانفلاش الحرب في شكلٍ أشمل في الطريق إلى «هدوء ما بعد العاصفة الأقوى».

ولم يكن عابراً أن ترتسم استعداداتٌ متوازية على هذين المساريْن اللذين يعكسان أن جبهة لبنان تتهيأ لـ«خريفٍ مخيفٍ» سواء كانت الغَلَبة لخيار تقطيع الوقت الفاصل عن «رئاسية أميركا» بنسَقٍ عسكري مدروسٍ أو استباقها بـ«إعصار نار».

فمن حركة «عودةٍ» لنازحين جنوبين لقرى حدودية لإفراغ منازل أو محال تجارية ونقْلها إلى أماكن النزوح، إلى المواجهات الميدانية الآخذة في التوغّل على المقلبين، أطلّت ملامح محاولةِ تَكَيُّفٍ «أهليّ» وعسكري مع «حربٍ مديدة» وإن بقيت محدودة.

أما الاتجاه الآخَر الذي يشقّ مكاناً له بين السيناريوات الأكثر خطورة فتعبّر عنه مشهدية «حصانين يجران العربة باتجاهين متعاكسين»، أميركيّ يريد بأي ثمن تَفادي فتْح جبهة واسعة مع «حزب الله»، وإسرائيلي يعدّ الأرضية لـ «تفجيرٍ» أكبر.

توسيع الجبهة الشمالية

وفي هذا الإطار توقفت الأوساط المطلعة عند تطوريْن:

- الأولّ ما كشفته القناة 13 عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد أنه «بصدد عملية عسكرية واسعة وقوية على الجبهة الشمالية». وأضافت ان الجيش «يسعى لتصعيد متدرج على الجبهة الشمالية».

هوكشتاين

- والثاني إيفاد واشنطن المبعوث الخاص آموس هوكشتاين إلى إسرائيل غداً لبحث التطورات على جبهة لبنان مع نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت ومسؤولين أمنيين من ضمن جهود إدارة الرئيس جو بايدن لمنْع فتح جبهة جديدة مع حزب الله.

وفيما تولّى الناطق باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي كشْف خلفيات الزيارة، فإنّ رميَ واشنطن بثِقلها لعدم خروج جبهة لبنان عن السيطرة بدا في إطار السعي لتأمين «واقي صدمات» لها من تَداعي مفاوضات هدنة غزة.

وهذا البُعد كان عبّر عنه أخيراً مسؤولٌ أميركي كبير حذّر من نشوب حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله، «فهذا قد يؤدي» لعواقب وخيمة ونتائج غير متوقَّعة، إذ لا يوجد شيء اسمه حرب متحكَّم بها. إنها ليست لعبة».

وإذ لم يكن ممكناً الجزم هل سيحطّ هوكشتاين في لبنان بعد إسرائيل لنقْل الرسالة نفسها وتالياً محاولة تطبيع الوضع العسكري ولجْم أي ارتقاءٍ يجرّ لصِدامٍ مريع، فإن إعدادَ نتنياهو لنقْل الثقل العسكري إلى الشمال راوح بين حدين:

أوّلهما أنه في سياق رفْعِ منسوبِ «الحرب النفسية» بالتوازي مع تكثيف الهجمات على أهداف لـ«حزب الله» موحياً بأنها في إطارٍ «تحضيري» لحملة عسكرية واسعة جواً وبراً و«تحييد» قدراتٍ صاروخية للحزب تخفيفاً للعبء عن منظومات الدفاع الجوي.

وثانيهما أنه يَعْكِس عَدّاً عَكْسياً لحربٍ آتيةٍ، استباقاً للشتاء كما للسِباق إلى البيت الأبيض، عبر محاولةِ حَشْر إدارة بايدن بين إما الوقوف مع نتنياهو لفرض شروطه لعودة آمنة للنازحين بالقوة وإما تعزيز حظوظ دونالد ترامب بـ«عيْب التخاذل».

«رسم تشبيهي»

وفي حين كانت عملياتُ المحاكاة لحرب واسعة تشتدّ وسط أكثر من «رسمٍ تشبيهي» لمَدخلها البري، أبرزها عبر الجولان، وهو ما قابلتْه تسريباتٌ عن جهوزية عالية مضادّة من «الممانعة» في سورية سُرِّب حتى أن الحوثيين باتوا جزءاً منها، فإنّ تقديراتٍ لم تَستبعد أن تحافظ جبهة الجنوب على تصعيدٍ، يتصاعد حيناً ويخفت حيناً، ريثما يتّضح الخيط الأبيض من الأسود في الانتخابات الأميركية ما دام نتنياهو يحقق نقاطاً بضرباته التوسعية، في مقابل خشيةٍ من أن تكون المواجهة الأشمل باتت خياراً لا مفرّ منه مدفوعاً بتأييد شعبي له داخل إسرائيل تعبّر عنه استطلاعات الرأي.

وفي موازاة ذلك، وغداة رسالة شكر وجّهها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله «على التضامن الذي عبّرتْ عنه أفعالُكم في جبهات محور المقاومة إسناداً ودعماً ‏وانخراطاً في هذه المعركة»، اشتعلت جبهة الجنوب بعد ليلة عنيفة استهدف خلالها الطيران الإسرائيلي مبنى من ثلاث طبقات في بلدة كفررمان قضاء النبطية.

ومنذ ساعات الصباح الأولى شنّ «حزب الله» سلسلة عمليات تركّزتْ على مواقع عسكرية وثكن إسرائيلية، وطاولت للمرة الأولى «قاعدة ومقر اللواء المدفعي والصواريخ ‏الدقيقة 282 ومخازن التسليح والطوارئ التابعة لها في يفتاح إليفليط شمال غرب بحيرة طبريا ‏بعشرات الكاتيوشا «قبل أن يشنّ»هجوماً جويّاً بمسيرة انقضاضية على ‏مقر لواء حرمون 810 في ثكنة معاليه غولاني»، ويستهدف «المقر الاحتياطي للفيلق ‏الشمالي وقاعدة تمركز إحتياط فرقة الجليل ومخازنها اللوجستية في عميعاد بعشرات من صواريخ ‏الكاتيوشا».

وكانت القناة 12 الإسرائيلية أفادت عن سقوط عدد من الصواريخ بين منطقة روش بينا وشمال بحيرة طبريا فيما كتب المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي افيخاي ادرعي «إن جيش الدفاع هاجم المنصات الصاروخية التي استخدمت لإطلاق القذائف نحو الجليل صباح السبت ونحو الجليل الأعلى خلال ساعات الليلة الماضية. كما هاجمت قبلها مبنى عسكرياً في كفررمان في الجنوب».

وكان العدوان الجوي الإسرائيلي الذي استهدف مساء الجمعة مبنى غير مأهول قرب بلدية كفررمان - النبطية أدى إلى سقوط 13 جريحاً بين المواطنين القاطنين في جوار المبنى المستهدف، فيما أعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة اللبنانية «أن الغارة المعادية على بلدة الأحمدية في البقاع الغربي أدت إلى استشهاد شخص وارتفاع عدد الجرحى إلى سبعة بينهم أربعة أطفال عولجوا في الطوارئ».

وفي سياق متصل، تحدثت تقارير عن حركة لافتة شهدتها بعض البلدات الجنوبية أمس وبينها ميس الجبل والعديسة.

وأفادت قناة «العربية»عن مشاهد مصوَّرة لطوابير سيارات في بلدة العديسة لأهالي قصدوا منازلهم لنقل حاجياتهم من لباس وفرش وعادوا أدراجهم إلى الأماكن التي نزحوا إليها، متحدثة عن إفراغ البعض محالهم ومؤسساتهم التجارية أيضاً.

وفيما جرى التداول بمقاطع مصورة من ميس الجبل لمغادرة السكان عقب تحميل شاحنات بأمتعتهم، أفادت معلومات «العربية.نت» أن مغادرة السكان أتت بالتنسيق مع الجيش اللبناني واليونيفيل من أجل حمايتهم من القصف، وضمان أمنهم. كما نقلت عن مصادر جنوبية «أن عدداً من التجار في بلدتي ميس الجبل والعديسة عادوا من أجل نقل بضائعهم من المستودعات، وذلك بالتنسيق مع الجيش وبمواكبة من الصليب الأحمر والقوة الدولية».

«مجموعة الخمس»

وفي هذا الوقت، خرق المشهد الحربيّ، اجتماع سفراء الدول الذين يشكلون «مجموعة الخمس حول لبنان» والذين يسعون لتأمين «منطقة عازلة» بين أطراف الصراع اللبناني تتيح إمرار الانتخابات الرئاسية المعلَّقة منذ 1 نوفمبر 2022.

واجتمع سفراء كل من الولايات المتحدة، المملكة العربية السعودية، فرنسا، مصر وقطر أمس (في المقر الرسمي للسفير الفرنسي في قصر الصنوبر) وبحثوا في الملف الرئاسي في ضوء ما خلص إليه اجتماع الموفد الفرنسي جان ايف لودريان مع المسؤول السعودي عن ملف لبنان نزار العلولا في الرياض قبل أيام.

ورغم هذا الحِراك الذي يحضّ اللبنانيين على وجوب إنجاز الانتخابات سواء لاستباق حلولٍ في المنطقة تستوجب سلطةً مكتملة الصلاحيات من رأسها، وإما لـ«تصفيحِ» الواقع الداخلي بإزاء إطالة أمد الحرب لِما بعد الانتخابات الأميركية وما قد يعنيه تَبَدُّل الإدارة من ديمقراطية إلى جمهورية، فإن أحداً في بيروت لم يعبّر عن تفاؤلٍ بإمكان انتزاع «رئاسية لبنان» من فم تعقيداتٍ متشابكة وإخماد العناصر الإقليمية في استحقاقٍ لا صوت يعلو فيه فوق صوت حرب غزة وأخواتها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي