«ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون»
طب القلوب (5) / أهداف الزواج وفوائده الصحية والنفسية والاجتماعية

الأزواج السعداء في مأمن من الاصابة بارتفاع الضغط

الزواج السعيد يحمي من الأزمات القلبية

شرع الله سبحانه وتعالى الزواج لحكمة بالغة اراد بها تكريم الإنسان







| اعداد د. أحمد سامح | عاطفة الحب أهم عواطف الإنسان التي استحوذت على اهتمام الأطباء وهي الشغل الشاغل للشعراء والأدباء والكتاب والفنانين.
الكل يحاول الاطلاع على كوامن النفس الإنسانية ليصل إلى معرفة الحقيقة الإنسانية والطبية والعلمية ويجيبون عن السؤال الشهير القديم الجديد ما هو الحب، وما مصدره هل هو القلب أم العين.
وقد اتفق الأطباء مع الأدباء والشعراء تماماً في وصف مشاعر وأعراض وعلامات الحب لكن اختلفوا في مصدره فالطب يقول ان المخ مهد الحب والشوق والغرام وليس القلب الذي يتفعل ويخفق لمشاعر الحب والشوق.
والحب وانفعالاته عملية كيميائية بحتة ليس للإنسان حيلة فيها ولذلك يفتر الحب الرومانسي بعد فترة من الزمن نتيجة طبيعة هذه التفاعلات الكيميائية لأن مادة فينل ايثل آمين مثلها مثل بقية الامفيتامينات يقل تأثيرها مع الزمن ولذلك تفتر مشاعر الحب بعد حين.
وفي الحلقة الثانية من طب القلوب نشرنا قائمة افروديت الغذائية التي تزيد مشاعر الحب والشوق والغرام بين الأزواج وفي الحلقة الثالثة تناولنا اعراض وعلامات الحب الاكلينيكية التي حددها الطب الحديث استناداً إلى العلوم الفسيولوجية والكيمياء الحيوية ويتفق الأطباء تماماً مع الشعراء والأدباء في وصف مشاعر الحب والشوق والفرح.
ووضحنا ان مشاعر الحب والشوق هي عملية كيميائية تحدث نتيجة منبه معين يأتي عن طريق الحواس الخمس تنتج عنها موجات كهرومغناطيسية تؤدي إلى التجاذب أو إلى التنافر. ومبيناً ان للعين اثرا كبيرا في اذكاء مشاعر الحب والشوق وكذلك حاسة السمع واللمس والتذوق والشم.
وذكرنا جهود العلماء في اكتشاف وسائل لقياس درجة حرارة الحب وشدته والكشف عن صدقه وكذلك جهود العلماء في اكتشاف عقاقير تقوي عاطفة الحب بين الأزواج.
وفي هذا العدد نعدد فوائد الزواج الذي شرعه المولى عز وجل لحكمة بالغة اراد بها تكريم الإنسان وكشفت الأبحاث الطبية عن فوائد الزواج السعيد الناجح من الحماية من امراض القلب وشرايين وخفض ضغط الدم المرتفع وتقوية عمل جهاز المناعة والوقاية من خطر مرض الزهايمر «الخرف».
«ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون» سورة الروم21.
كما قال تعالى: «هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها». لقد شرع الله عز وجل «الزواج» لحكمة بالغة اراد بها تكريم الإنسان وتفضيله على سائر مخلوقاته.
ومما لا شك فيه ان «إباحة الجنس» إباحة مطلقة دون تنظيم تحط من كرامة الإنسان وتساوي بينه وبين البهائم وحيوانات الغابة وتؤدي إلى نقوص المجتمع الإنساني من أساسه وتجمع العلوم الإنسانية والطبية والنفسية والاجتماعية على ان فوائد الزواج تتلخص في ما يلي:
• اشباع الغرائز وأبرزها الغريزة الجنسية وغريزة البقاء لأن الأولاد امتداد للآباء والأمهات في الحياة «وغريزة حب الاحتماء والاستئناس بأليف».
• بقاء النوع الإنساني عن طريق التناسل بتكوين الأسرة التي هي أساس المجتمع.
• الاستعفاف وتحصين الزوجين من الوقوع في الرذيلة وذلك باشباع الشهوة الجنسية بالاتصال الجنسي المشروع ولقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه اغض للبصر وأحصن للفرج وان لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» والباءة هي الجماع أومؤن النكاح.
• ترويح النفس وحصول المؤانسة ودفع الملل.
• مجاهدة النفس وترويضها على رعاية مصالح غيرها فيتحقق الكمال الإنساني.
• تفرغ الرجل للعلم والعمل وفراغ قلبه من شؤون المنزل بتركها لزوجته تعنى بها فتكون خير معين له ويتحقق تعاون مثمر مربح بين الشريكين.
ويكفل الزواج حقوقاً مشتركة للزوجين من بينها حق الاستمتاع والاتصال الجنسي وحسن العشرة وثبوت نسب الأولاد وحق التوارث.
الزواج السعيد
يقوي المناعة
توصلت دراسة حديثة إلى ان الزواج له فوائد كثيرة تنعكس على الصحة العقلية والجسدية للزوجين.
وأوضح الباحث ان الصحة العامة للأزواج أفضل كثيرا من غير المتزوجين، كما ان فرص اصابتهم بالأمراض تقل بعد الزواج، وأضاف ان نسبة الانتحار بين المتزوجين أقل منها بين غير المتزوجين.
ومن الفوائد التي تعود على المتزوجين أيضاً أن متوسط اقامة المتزوجين في المستشفيات يقل كثيرا بينما يرتفع معدل شفائهم. وتبين للباحثين أيضاً أن الجهاز المناعي لدى المتزوجين أقوى أداءً، وفي ما يتعلق بالصحة النفسية وجد البحث ان المتزوجين أقل عرضة للاكتئاب والتوتر والقلق. والزواج السعيد الذي يمنح السعادة يقوي جهاز المناعة المرتبط بالحالة النفسية والعصبية للزوج.
الزواج السعيد
يخفض ضغط الدم
أكدت دراسة أميركية أن الزواج السعيد يخفض ضغط الدم لدى الرجال والنساء في حين أن الزواج التعيس يرفع ضغط دم الزوجين.
واكتشفت جوليات هولت لتستاد من جامعة برمنغهام يونغ ان ضغط الدم المسجل خلال 24 ساعة لدى الرجال والنساء السعداء في زواجهم كان أقل بأربع درجات منه عند غير المتزوجين.
وشملت الدراسة مراقبة ضغط دم 204 أشخاص متزوجين و99 شخصاً من غير المتزوجين على مدى 24 ساعة.
وكشفت الدراسة أن المتزوجين التعساء يعانون من ارتفاع ضغط الدم أكثر من المتزوجين والعزاب السعداء لكن الدراسة أظهرت آن وجود أصدقاء داعمين لا يحسن وضع ضغط الدم لدى غير المتزوجين أو المتزوجين التعساء.
وقالت هولت لتستاد: «يبدو ان ثمة فوائد صحية للزواج لكن لا يكفي أن تكون متزوجاً حتى تكون بصحة جيدة لكن ما يحمي الصحة ويحسنها هو أن يكون الزواج سعيداً».
واكتشف الباحثون ان ضغط دم المتزوجين وبخاصة السعداء منهم ينخفض وقت النوم أكثر منه عند غير المتزوجين.
يخفض خطر الزهايمر
إلى النصف
أكد باحثون ان الزواج يخفض خطر الاصابة بمرض الخرف «الزهايمر» إلى النصف مشددين على أهمية أن يكون للإنسان علاقة وثيقة مع الغير خصوصاً في منتصف العمر.
وتعد الدراسة التي أعدها باحثون سويديون ونوقشت خلال المؤتمر الدولي للزهايمر في شيكاغو هي الأولى من نوعها لأنها ركزت على دور الزواج في خفض الاصابة بالخرف.
وذكرت صحيفة «الدايلي مايل» البريطانية أن الدراسة التي استغرق إعدادها 21 عاماً ركزت على الضعف الذي يصيب الذاكرة وضعف الادراك عند الذين يعيشون بمفردهم أو المطلقين وغير المتزوجين.
وأجرى الدكتور كريستا دهاكانسون من معهد كارولينسكا في ستوكهولم دراسة شملت 1449 شخصاً يعيشون في فنلندا في منتصف العمر ثم أجرى دراسة أخرى بعد مضي نحو 21 عاماً على ذلك.
وكان من بين المرضى 192 يعانون من بعض أشكال الخرف و22 من ضعف الادراك و84 من مرض الزهايمر حيث تبين أن الذين يعيشون مع شريك أو زوج ينخفض خطر اصابتهم بالزهايمر «الخرف» إلى النصف مقارنة بنظرائهم الذين يعيشون بمفردهم والمطلقين أو الأرامل.
كما تبين أن المطلقين الذين لا يتزوجون بعد الانفصال عن أزواجهم معرضون للاصابة بالخرف ثلاثة أضعاف أكثر من غيرهم.
يحميك من الأزمات القلبية
توصلت دراسة علمية إلى ان زواج الرجل من امرأة ذكية ومتعلمة يقلل خطر إصابته بالنوبات والأزمات القلبية بنحو النصف.
وذلك لأن الزوجة ذات المستوى الثقافي والتعليمي الجيدين تقلل من خطر اصابة زوجها بارتفاع ضغط الدم وتفرض أنماط الحياة الصحية على أسرتها.
ودلت نتائج الدراسة التي قام بها باحثون في جامعة ماكجيل بكندا على وجود علاقة بين عدد السنوات التي قضتها المرأة في التعليم وصحة زوجها بصرف النظر عن المستوى التعليمي للزوج.
وكانت الوقاية من أمراض القلب أقوى عند الرجال الذين أنهوا تعليمهم المدرسي والجامعي وتزوجوا من نساء متعلمات بالمستوى نفسه.
ووجد الباحثون في الجامعة الكندية ان الرجال الذين قضوا أكثر من 11 عاماً من عمرهم في التعليم وتزوجوا من نساء قضين المدة نفسها أقل عرضة للوفاة بسبب أمراض القلب بنسبة 50 في المئة مقارنة مع الرجال المتعلمين المتزوجين من نساء ذوات مستويات تعليمية أدنى حيث يميل هؤلاء الرجال إلى الافراط في الوزن مع اصابتهم بارتفاع ضغط الدم والكوليسترول، وتبني حياة رتيبة مملة تعتمد على الجلوس لساعات طوال أمام جهاز التلفزيون، كما يكونون أكثر اقبالاً على التدخين بنحو الضعف مقارنة بغيرهم.
وخلصت الدراسة إلى ان الأثر الوقائي على صحة الأزواج كان أكبر عند من كانت زوجاتهم من ذوات التعليم الأعلى نظراً لقوة شخصيتهن في فرض الغذاء الصحي وعدم التدخين والالتزام بالنصائح الطبية وقدرتهن على التدبير وتحسين الوضع الاقتصادي للعائلة ما يخفف التوتر والضغط على الزوج.
لماذا تختلف مشاعر الحب بعد الزواج؟
هل تختلف مشاعر الحب بعد الزواج؟ ولماذا تختلف؟
جاءت دراسة اميركية حديثة اجرتها جامعة ميامي لتؤكد ان الشعور بالحب يساعد على افراز مادة الدوبامين داخل المخ التي تعطي الاحساس باللهفة والرغبة.
وكذلك اعراض القلق التي قد تصاحب الحب مثل خفقان القلب وجفاف الحلق ورعشة اليدين لكن العلماء الذين اجروا الدراسة وجدوا ان بعد الارتباط والزواج يفرز المخ مادة اخرى هي «الاوكستوسين» التي تعطي الاحساس بالامان والالفة والراحة لذلك نجد شعور الزوجين نحو بعضهما بعد الزواج قد اختلف عن فترة الخطبة.
وبالتالي فالعطاء والتضحية لا ترتبط بفترة دون اخرى وانما ترتبط برغبة في انجاح الاسرة وتحقيق الاهداف المشتركة كذلك فإن العطاء وروح التضحية تختلف من شخص لآخر فهناك رجال كثيرون يقدمون على التضحية والعطاء مثل النساء تماما في حين ان بعض السيدات يكن اقل تنازلا من ازواجهن.
ومن جانبه، اوضح الدكتور طارق عكاشة استاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس ان الحب الحقيقي الذي يستمر لسنوات هو الذي يجمع بين مشاعر الرغبة واللهفة مع الاحساس بالأمان والراحة في آن واحد.
واثبتت دراسات علمية ايطالية ان العمر الافتراضي للحب لا يزيد على عام واحد فقط من اشتعال جذوته الذي يختلف في السنوات التالية التي يعتقد ان شعلة الحب تنطفىء عندها.
واثبتت الدراسات العلمية الايطالية ان الحب الرومانسي لايدوم لأكثر من عام واحد بقليل ثم يتلاشى وتخف جذوته ويتحول إلى ذكريات.
والتفسير العلمي لهذه النتائج وفق باحثين بجامعة «بافيا» تشير إلى ان كيمياء المخ قد تكون مسؤولة عن شرارة الحب الاولى وارتفاع معدلات بروتين معين يطلق عليه «نيرو تروفنيز» له علاقة بمشاعر النشوة.
واستندت هذه الدراسة الى اختبارات اجريت على مجموعة من الناس في علاقات قصيرة وطويلة او من دون علاقة ووجد خلالها ان معدل هذا البروتين يتباين.
ووجدت الدراسة ان معدل هذا البروتين كان مرتفعا لدى بدء العلاقة في حين تراجع إلى المعدل الطبيعي بعد مرور عام عليها.
وقال الباحث برحلويجي بوليني «ان ذلك لا يعني اختفاء الحب وانما يعني فقط ان جذوة الحب لم تعد متقدة فالحب بات اكثر استقرارا فيبدوا ان الحب الرومانسي قد انتهى».
واضاف قائلا: «من هذه الدراسة يتبين ان كيمياء المخ التي تلعب دورا مهما في تغير المزاج تتغير ما بين بداية العلاقة واخذها منحى اكثر استقرارا.
وقال الدكتور لانسي وركمان استاذ الطب النفسي ان الحب الرومانسي يخفت بعد سنوات قليلة ويتحول إلى عشرة ولاشك ان عوامل بيولوجية معنية تلعب دورا في ذلك.
ولقد اوضحنا في الحلقة الاولى من طب القلوب ان مشاعر الحب واحاسيس الشوق تصل إلى المخ عن طريق الحواس الخمس لتحدث تغيرات كيميائية، ذلك لان العمليات الكيميائية التي تحدث في المخ تنتج مادة تسمى «فنيل ايثيل امنين - phenyl ethyl amin» المعروفة اختصارا «PEA» وهي من المواد المنشطة من ابناء عمومة «الامفيتنامينات» وعندما تلتقي شخصا تجذب اليه يكون هذا الاعجاب هو الشرارة التي تطلق هذه المادة فتعطينا حالة السعادة والبهجة والنشاط إلا ان هذه المواد لا يستمر افرازها بنفس المعدلات العالية التي تفرز في بداية الحب.
وبالتالي فإن بعض العلماء يقول ان الحب الرومانسي او الجارف او الملتهب قصير العمر والسبب في ذلك ان الجسم يتعود
ويقاوم هذه المادة «فنيل ايثيل امين» كما يتعود ويقاوم بقية الامفيتامينات.
وذلك مثلما يحدث في حالات الادمان على الامفيتامينات لهذا فإنه وبعد ان كان المزاج يتأثر بجرعة معينة نجد ان الجسم ومع مرور الوقت يحتاج الى جرعة اكبر كي يحصل على نفس التأثير.
والشائع انه بعد مرور 3 سنوات او 4 من بداية الحب الرومانسي يصاب الانسان بالملل نتيجة نقص هذه المادة من المخ واحتياجه لكمية اكبر منها.
ولذلك يوصي العلماء بضرورة ان يحاول الزوجان تجديد اواصر العلاقة العاطفية بالتمتع بالاجازات والاسترخاء والرحلات الترفيهية الممتعة التي تجدد النشاط كلما شعرت بسحابة الملل من اجل تحفيز المخ على انتاج هذه المواد الكيميائية المطلوبة لعودة الدفء والشوق ومشاعر الحب واحاسيس الشوق كسابق عهدها.
الجينات الوراثية
وراء تردد الرجل في الزواج
يتردد الرجل كثيرا قبل الزواج وذلك نظرا لظروفه المالية او لانه لم يجد شريكة حياته ولكن الأمر لم يعد هكذا فقد وجد باحثون ان سبب تردد الرجل في الزواج يرجع الى خلل جيني يصيب هرمون الارتباط.
مؤكدين ان الرجال الذين يرثون متبدلا جينيا يؤثر على هرمون الارتباط معرضون لمواجهة مشاكل زوجية عديدة كما ان احتمالات زواجهم اقل بكثير من غيرهم.
وقام فريق البحث السويدي من معهد كارولنيسكا بمراقبة الحمض النووي لدى 552 توأما كانوا جميعا في علاقة طويلة ولديهم اطفال بعضهم متزوجون وآخرون يسكنون مع شركائهم فقط وطرحت على الرجال والنساء سلسلة اسئلة عن علاقاتهم وقورنت الاجوبة حسب تكوينهم الجيني. وتبين ان الرجال الذين يملكون الصيغة 334 من الجين «AVPR1A» حصلوا على نقاط منخفضة من زوجاتهم او شريكاتهم فيما يتعلق بمتانة العلاقة وكان احتمال زواجهم منخفضا اما اذا كانوا متزوجين فقد تبين انهم يعانون مشاكل زوجية كثيرة.
واظهر البحث ان فرص تعرض الزواج لأزمة كبيرة خلال السنة الماضية تضاعفت لدى الرجال الذين تبين ان لديهم نسختين من الصيغة «334».
واستنتج الباحثون ان هذا الجين الذي يحمله 40 في المئة من الرجال يؤثر على طريقة استخدام الدماغ لمادة «فازوبرسين» مع العلم ان هذا الجين مرتبط ايضا بمرض التوحد الذي يتميز بوجود مشاكل في التفاعل الاجتماعي.
يذكر ان النساء المتزوجات من رجال يحملن نسخة واحدة او اكثر من الجين اقل اكتفاء بعلاقاتهن من النساء المتزوجات برجال ليس لديهم هذا الجين.
الكل يحاول الاطلاع على كوامن النفس الإنسانية ليصل إلى معرفة الحقيقة الإنسانية والطبية والعلمية ويجيبون عن السؤال الشهير القديم الجديد ما هو الحب، وما مصدره هل هو القلب أم العين.
وقد اتفق الأطباء مع الأدباء والشعراء تماماً في وصف مشاعر وأعراض وعلامات الحب لكن اختلفوا في مصدره فالطب يقول ان المخ مهد الحب والشوق والغرام وليس القلب الذي يتفعل ويخفق لمشاعر الحب والشوق.
والحب وانفعالاته عملية كيميائية بحتة ليس للإنسان حيلة فيها ولذلك يفتر الحب الرومانسي بعد فترة من الزمن نتيجة طبيعة هذه التفاعلات الكيميائية لأن مادة فينل ايثل آمين مثلها مثل بقية الامفيتامينات يقل تأثيرها مع الزمن ولذلك تفتر مشاعر الحب بعد حين.
وفي الحلقة الثانية من طب القلوب نشرنا قائمة افروديت الغذائية التي تزيد مشاعر الحب والشوق والغرام بين الأزواج وفي الحلقة الثالثة تناولنا اعراض وعلامات الحب الاكلينيكية التي حددها الطب الحديث استناداً إلى العلوم الفسيولوجية والكيمياء الحيوية ويتفق الأطباء تماماً مع الشعراء والأدباء في وصف مشاعر الحب والشوق والفرح.
ووضحنا ان مشاعر الحب والشوق هي عملية كيميائية تحدث نتيجة منبه معين يأتي عن طريق الحواس الخمس تنتج عنها موجات كهرومغناطيسية تؤدي إلى التجاذب أو إلى التنافر. ومبيناً ان للعين اثرا كبيرا في اذكاء مشاعر الحب والشوق وكذلك حاسة السمع واللمس والتذوق والشم.
وذكرنا جهود العلماء في اكتشاف وسائل لقياس درجة حرارة الحب وشدته والكشف عن صدقه وكذلك جهود العلماء في اكتشاف عقاقير تقوي عاطفة الحب بين الأزواج.
وفي هذا العدد نعدد فوائد الزواج الذي شرعه المولى عز وجل لحكمة بالغة اراد بها تكريم الإنسان وكشفت الأبحاث الطبية عن فوائد الزواج السعيد الناجح من الحماية من امراض القلب وشرايين وخفض ضغط الدم المرتفع وتقوية عمل جهاز المناعة والوقاية من خطر مرض الزهايمر «الخرف».
«ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون» سورة الروم21.
كما قال تعالى: «هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها». لقد شرع الله عز وجل «الزواج» لحكمة بالغة اراد بها تكريم الإنسان وتفضيله على سائر مخلوقاته.
ومما لا شك فيه ان «إباحة الجنس» إباحة مطلقة دون تنظيم تحط من كرامة الإنسان وتساوي بينه وبين البهائم وحيوانات الغابة وتؤدي إلى نقوص المجتمع الإنساني من أساسه وتجمع العلوم الإنسانية والطبية والنفسية والاجتماعية على ان فوائد الزواج تتلخص في ما يلي:
• اشباع الغرائز وأبرزها الغريزة الجنسية وغريزة البقاء لأن الأولاد امتداد للآباء والأمهات في الحياة «وغريزة حب الاحتماء والاستئناس بأليف».
• بقاء النوع الإنساني عن طريق التناسل بتكوين الأسرة التي هي أساس المجتمع.
• الاستعفاف وتحصين الزوجين من الوقوع في الرذيلة وذلك باشباع الشهوة الجنسية بالاتصال الجنسي المشروع ولقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه اغض للبصر وأحصن للفرج وان لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» والباءة هي الجماع أومؤن النكاح.
• ترويح النفس وحصول المؤانسة ودفع الملل.
• مجاهدة النفس وترويضها على رعاية مصالح غيرها فيتحقق الكمال الإنساني.
• تفرغ الرجل للعلم والعمل وفراغ قلبه من شؤون المنزل بتركها لزوجته تعنى بها فتكون خير معين له ويتحقق تعاون مثمر مربح بين الشريكين.
ويكفل الزواج حقوقاً مشتركة للزوجين من بينها حق الاستمتاع والاتصال الجنسي وحسن العشرة وثبوت نسب الأولاد وحق التوارث.
الزواج السعيد
يقوي المناعة
توصلت دراسة حديثة إلى ان الزواج له فوائد كثيرة تنعكس على الصحة العقلية والجسدية للزوجين.
وأوضح الباحث ان الصحة العامة للأزواج أفضل كثيرا من غير المتزوجين، كما ان فرص اصابتهم بالأمراض تقل بعد الزواج، وأضاف ان نسبة الانتحار بين المتزوجين أقل منها بين غير المتزوجين.
ومن الفوائد التي تعود على المتزوجين أيضاً أن متوسط اقامة المتزوجين في المستشفيات يقل كثيرا بينما يرتفع معدل شفائهم. وتبين للباحثين أيضاً أن الجهاز المناعي لدى المتزوجين أقوى أداءً، وفي ما يتعلق بالصحة النفسية وجد البحث ان المتزوجين أقل عرضة للاكتئاب والتوتر والقلق. والزواج السعيد الذي يمنح السعادة يقوي جهاز المناعة المرتبط بالحالة النفسية والعصبية للزوج.
الزواج السعيد
يخفض ضغط الدم
أكدت دراسة أميركية أن الزواج السعيد يخفض ضغط الدم لدى الرجال والنساء في حين أن الزواج التعيس يرفع ضغط دم الزوجين.
واكتشفت جوليات هولت لتستاد من جامعة برمنغهام يونغ ان ضغط الدم المسجل خلال 24 ساعة لدى الرجال والنساء السعداء في زواجهم كان أقل بأربع درجات منه عند غير المتزوجين.
وشملت الدراسة مراقبة ضغط دم 204 أشخاص متزوجين و99 شخصاً من غير المتزوجين على مدى 24 ساعة.
وكشفت الدراسة أن المتزوجين التعساء يعانون من ارتفاع ضغط الدم أكثر من المتزوجين والعزاب السعداء لكن الدراسة أظهرت آن وجود أصدقاء داعمين لا يحسن وضع ضغط الدم لدى غير المتزوجين أو المتزوجين التعساء.
وقالت هولت لتستاد: «يبدو ان ثمة فوائد صحية للزواج لكن لا يكفي أن تكون متزوجاً حتى تكون بصحة جيدة لكن ما يحمي الصحة ويحسنها هو أن يكون الزواج سعيداً».
واكتشف الباحثون ان ضغط دم المتزوجين وبخاصة السعداء منهم ينخفض وقت النوم أكثر منه عند غير المتزوجين.
يخفض خطر الزهايمر
إلى النصف
أكد باحثون ان الزواج يخفض خطر الاصابة بمرض الخرف «الزهايمر» إلى النصف مشددين على أهمية أن يكون للإنسان علاقة وثيقة مع الغير خصوصاً في منتصف العمر.
وتعد الدراسة التي أعدها باحثون سويديون ونوقشت خلال المؤتمر الدولي للزهايمر في شيكاغو هي الأولى من نوعها لأنها ركزت على دور الزواج في خفض الاصابة بالخرف.
وذكرت صحيفة «الدايلي مايل» البريطانية أن الدراسة التي استغرق إعدادها 21 عاماً ركزت على الضعف الذي يصيب الذاكرة وضعف الادراك عند الذين يعيشون بمفردهم أو المطلقين وغير المتزوجين.
وأجرى الدكتور كريستا دهاكانسون من معهد كارولينسكا في ستوكهولم دراسة شملت 1449 شخصاً يعيشون في فنلندا في منتصف العمر ثم أجرى دراسة أخرى بعد مضي نحو 21 عاماً على ذلك.
وكان من بين المرضى 192 يعانون من بعض أشكال الخرف و22 من ضعف الادراك و84 من مرض الزهايمر حيث تبين أن الذين يعيشون مع شريك أو زوج ينخفض خطر اصابتهم بالزهايمر «الخرف» إلى النصف مقارنة بنظرائهم الذين يعيشون بمفردهم والمطلقين أو الأرامل.
كما تبين أن المطلقين الذين لا يتزوجون بعد الانفصال عن أزواجهم معرضون للاصابة بالخرف ثلاثة أضعاف أكثر من غيرهم.
يحميك من الأزمات القلبية
توصلت دراسة علمية إلى ان زواج الرجل من امرأة ذكية ومتعلمة يقلل خطر إصابته بالنوبات والأزمات القلبية بنحو النصف.
وذلك لأن الزوجة ذات المستوى الثقافي والتعليمي الجيدين تقلل من خطر اصابة زوجها بارتفاع ضغط الدم وتفرض أنماط الحياة الصحية على أسرتها.
ودلت نتائج الدراسة التي قام بها باحثون في جامعة ماكجيل بكندا على وجود علاقة بين عدد السنوات التي قضتها المرأة في التعليم وصحة زوجها بصرف النظر عن المستوى التعليمي للزوج.
وكانت الوقاية من أمراض القلب أقوى عند الرجال الذين أنهوا تعليمهم المدرسي والجامعي وتزوجوا من نساء متعلمات بالمستوى نفسه.
ووجد الباحثون في الجامعة الكندية ان الرجال الذين قضوا أكثر من 11 عاماً من عمرهم في التعليم وتزوجوا من نساء قضين المدة نفسها أقل عرضة للوفاة بسبب أمراض القلب بنسبة 50 في المئة مقارنة مع الرجال المتعلمين المتزوجين من نساء ذوات مستويات تعليمية أدنى حيث يميل هؤلاء الرجال إلى الافراط في الوزن مع اصابتهم بارتفاع ضغط الدم والكوليسترول، وتبني حياة رتيبة مملة تعتمد على الجلوس لساعات طوال أمام جهاز التلفزيون، كما يكونون أكثر اقبالاً على التدخين بنحو الضعف مقارنة بغيرهم.
وخلصت الدراسة إلى ان الأثر الوقائي على صحة الأزواج كان أكبر عند من كانت زوجاتهم من ذوات التعليم الأعلى نظراً لقوة شخصيتهن في فرض الغذاء الصحي وعدم التدخين والالتزام بالنصائح الطبية وقدرتهن على التدبير وتحسين الوضع الاقتصادي للعائلة ما يخفف التوتر والضغط على الزوج.
لماذا تختلف مشاعر الحب بعد الزواج؟
هل تختلف مشاعر الحب بعد الزواج؟ ولماذا تختلف؟
جاءت دراسة اميركية حديثة اجرتها جامعة ميامي لتؤكد ان الشعور بالحب يساعد على افراز مادة الدوبامين داخل المخ التي تعطي الاحساس باللهفة والرغبة.
وكذلك اعراض القلق التي قد تصاحب الحب مثل خفقان القلب وجفاف الحلق ورعشة اليدين لكن العلماء الذين اجروا الدراسة وجدوا ان بعد الارتباط والزواج يفرز المخ مادة اخرى هي «الاوكستوسين» التي تعطي الاحساس بالامان والالفة والراحة لذلك نجد شعور الزوجين نحو بعضهما بعد الزواج قد اختلف عن فترة الخطبة.
وبالتالي فالعطاء والتضحية لا ترتبط بفترة دون اخرى وانما ترتبط برغبة في انجاح الاسرة وتحقيق الاهداف المشتركة كذلك فإن العطاء وروح التضحية تختلف من شخص لآخر فهناك رجال كثيرون يقدمون على التضحية والعطاء مثل النساء تماما في حين ان بعض السيدات يكن اقل تنازلا من ازواجهن.
ومن جانبه، اوضح الدكتور طارق عكاشة استاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس ان الحب الحقيقي الذي يستمر لسنوات هو الذي يجمع بين مشاعر الرغبة واللهفة مع الاحساس بالأمان والراحة في آن واحد.
واثبتت دراسات علمية ايطالية ان العمر الافتراضي للحب لا يزيد على عام واحد فقط من اشتعال جذوته الذي يختلف في السنوات التالية التي يعتقد ان شعلة الحب تنطفىء عندها.
واثبتت الدراسات العلمية الايطالية ان الحب الرومانسي لايدوم لأكثر من عام واحد بقليل ثم يتلاشى وتخف جذوته ويتحول إلى ذكريات.
والتفسير العلمي لهذه النتائج وفق باحثين بجامعة «بافيا» تشير إلى ان كيمياء المخ قد تكون مسؤولة عن شرارة الحب الاولى وارتفاع معدلات بروتين معين يطلق عليه «نيرو تروفنيز» له علاقة بمشاعر النشوة.
واستندت هذه الدراسة الى اختبارات اجريت على مجموعة من الناس في علاقات قصيرة وطويلة او من دون علاقة ووجد خلالها ان معدل هذا البروتين يتباين.
ووجدت الدراسة ان معدل هذا البروتين كان مرتفعا لدى بدء العلاقة في حين تراجع إلى المعدل الطبيعي بعد مرور عام عليها.
وقال الباحث برحلويجي بوليني «ان ذلك لا يعني اختفاء الحب وانما يعني فقط ان جذوة الحب لم تعد متقدة فالحب بات اكثر استقرارا فيبدوا ان الحب الرومانسي قد انتهى».
واضاف قائلا: «من هذه الدراسة يتبين ان كيمياء المخ التي تلعب دورا مهما في تغير المزاج تتغير ما بين بداية العلاقة واخذها منحى اكثر استقرارا.
وقال الدكتور لانسي وركمان استاذ الطب النفسي ان الحب الرومانسي يخفت بعد سنوات قليلة ويتحول إلى عشرة ولاشك ان عوامل بيولوجية معنية تلعب دورا في ذلك.
ولقد اوضحنا في الحلقة الاولى من طب القلوب ان مشاعر الحب واحاسيس الشوق تصل إلى المخ عن طريق الحواس الخمس لتحدث تغيرات كيميائية، ذلك لان العمليات الكيميائية التي تحدث في المخ تنتج مادة تسمى «فنيل ايثيل امنين - phenyl ethyl amin» المعروفة اختصارا «PEA» وهي من المواد المنشطة من ابناء عمومة «الامفيتنامينات» وعندما تلتقي شخصا تجذب اليه يكون هذا الاعجاب هو الشرارة التي تطلق هذه المادة فتعطينا حالة السعادة والبهجة والنشاط إلا ان هذه المواد لا يستمر افرازها بنفس المعدلات العالية التي تفرز في بداية الحب.
وبالتالي فإن بعض العلماء يقول ان الحب الرومانسي او الجارف او الملتهب قصير العمر والسبب في ذلك ان الجسم يتعود
ويقاوم هذه المادة «فنيل ايثيل امين» كما يتعود ويقاوم بقية الامفيتامينات.
وذلك مثلما يحدث في حالات الادمان على الامفيتامينات لهذا فإنه وبعد ان كان المزاج يتأثر بجرعة معينة نجد ان الجسم ومع مرور الوقت يحتاج الى جرعة اكبر كي يحصل على نفس التأثير.
والشائع انه بعد مرور 3 سنوات او 4 من بداية الحب الرومانسي يصاب الانسان بالملل نتيجة نقص هذه المادة من المخ واحتياجه لكمية اكبر منها.
ولذلك يوصي العلماء بضرورة ان يحاول الزوجان تجديد اواصر العلاقة العاطفية بالتمتع بالاجازات والاسترخاء والرحلات الترفيهية الممتعة التي تجدد النشاط كلما شعرت بسحابة الملل من اجل تحفيز المخ على انتاج هذه المواد الكيميائية المطلوبة لعودة الدفء والشوق ومشاعر الحب واحاسيس الشوق كسابق عهدها.
الجينات الوراثية
وراء تردد الرجل في الزواج
يتردد الرجل كثيرا قبل الزواج وذلك نظرا لظروفه المالية او لانه لم يجد شريكة حياته ولكن الأمر لم يعد هكذا فقد وجد باحثون ان سبب تردد الرجل في الزواج يرجع الى خلل جيني يصيب هرمون الارتباط.
مؤكدين ان الرجال الذين يرثون متبدلا جينيا يؤثر على هرمون الارتباط معرضون لمواجهة مشاكل زوجية عديدة كما ان احتمالات زواجهم اقل بكثير من غيرهم.
وقام فريق البحث السويدي من معهد كارولنيسكا بمراقبة الحمض النووي لدى 552 توأما كانوا جميعا في علاقة طويلة ولديهم اطفال بعضهم متزوجون وآخرون يسكنون مع شركائهم فقط وطرحت على الرجال والنساء سلسلة اسئلة عن علاقاتهم وقورنت الاجوبة حسب تكوينهم الجيني. وتبين ان الرجال الذين يملكون الصيغة 334 من الجين «AVPR1A» حصلوا على نقاط منخفضة من زوجاتهم او شريكاتهم فيما يتعلق بمتانة العلاقة وكان احتمال زواجهم منخفضا اما اذا كانوا متزوجين فقد تبين انهم يعانون مشاكل زوجية كثيرة.
واظهر البحث ان فرص تعرض الزواج لأزمة كبيرة خلال السنة الماضية تضاعفت لدى الرجال الذين تبين ان لديهم نسختين من الصيغة «334».
واستنتج الباحثون ان هذا الجين الذي يحمله 40 في المئة من الرجال يؤثر على طريقة استخدام الدماغ لمادة «فازوبرسين» مع العلم ان هذا الجين مرتبط ايضا بمرض التوحد الذي يتميز بوجود مشاكل في التفاعل الاجتماعي.
يذكر ان النساء المتزوجات من رجال يحملن نسخة واحدة او اكثر من الجين اقل اكتفاء بعلاقاتهن من النساء المتزوجات برجال ليس لديهم هذا الجين.