عبدالرحمن السميط.. 11 عاماً على رحيل أيقونة العمل الخيري الكويتي
ليست الإنسانية تجربة آنية أو مهنة يحترفها البعض لأهداف مؤقتة بل هي تماه مع واقع مؤلم وتخل عن مباهج الحياة لتوفير أدنى متطلبات العيش الكريم لكل محتاج.
وتلك الإنسانية بكل معانيها جسدها أيقونة العمل الخيري الكويتي الدكتور عبدالرحمن السميط الذي انتقل إلى رحمة الله في 15 أغسطس 2013 تاركا وراءه جموعا من الإنسانيين وجيشا من الذين بكوه بحرقة وما زالوا يذكرون أعماله حتى اليوم.
وغادر الحياة الدنيا قبل 11 عاما أيقونة العمل الخيري الكويتي الدكتور عبد الرحمن السميط لكن أعماله وإنجازاته ستظل على مدار العقود المقبلة منارة للأجيال يستلهمون منها كيفية إسعاد الآخرين والحد من معاناتهم.
وعلى الرغم من رحيل الفقيد الذي كان يحمل هم الأمة الإسلامية ومجتمعاتها فإن مشروعاته التي بدأها في عام 1981 في القارة الأفريقية ما زالت مستمرة تؤتي ثمارها من خلال (جمعية العون المباشر) التي تنشط في تلك القارة وتقدم المساعدات لملايين الأشخاص من أبنائها.
ومنذ أن انطلق الراحل في عطائه الخيري والإنساني فانه عرف بأعماله التي لا تميز بين انسان وآخر بسبب الدين أو العرق أو الجنس وبمبادراته التي خلدت ذكراه في نفوس معظم أبناء القارة وتركت بصماتها على حياتهم ومجتمعاتهم ومن ثم على أجيالهم.
سيرة الراحل
ولد السميط عام 1947 في الكويت وتخرج من كلية الطب ببغداد عام 1972 ثم حصل على الدبلوم في أمراض المناطق الحارة من جامعة (ليفربول) عام 1974 ليتخصص بعدها في الأمراض الباطنية وأمراض الجهاز الهضمي من جامعة (ماكجيل) الكندية عام 1978.
وبعد حصوله على تلك الشهادات الطبية وغيرها عمل في مستشفى (مونتريال) بكندا ثم في مستشفى (كينجز كوليدج) بلندن وانتهى به المطاف ما بين عامي 1980 و1983 كطبيبا متخصصا في أمراض الجهاز الهضمي بمستشفى الصباح في الكويت.
ومثلت زيارته إلى جمهورية ملاوي عام 1981 نقطة تحول في مسيرته في العمل الخيري والإنساني إذ تألم لأوضاع البلد الأفريقي ومعاناة أبنائه فعاد إلى الكويت ليؤسس (لجنة مسلمي ملاوي) بالتعاون مع عدد من المعنيين بالعمل الخيري.
وتطور ذلك العمل المؤسسي فأنشأ (لجنة مسلمي أفريقيا) في الكويت ثم غير إسمها لتصبح (جمعية العون المباشر) التي تفرغ للعمل فيها تاركا مهنة الطب ليركز على إحداث تغيير في حياة الفقراء في دول القارة الأفريقية.
الجودة والاحتراف
وحرص السميط على تطوير العمل الخيري في الكويت ليكون في مصاف المنظمات الإنسانية العالمية من حيث الجودة والاحتراف فحرص منذ إنشاء الجمعية على تحويل ذلك العمل إلى نظام مؤسسي يعمل وفق خطط استراتيجية وبنظم إدارية متطورة.
وأصبحت (جمعية العون المباشر) وهو على قيد الحياة أكبر منظمة إنسانية في أفريقيا حيث يدرس في منشآتها التعليمية أكثر من نصف مليون طالب كما تمتلك أكثر من أربع جامعات وعددا كبيرا من وسائل الإعلام اضافة إلى بنائها آلاف المساجد والمراكز الصحية وحفر عشرات الآلاف من الآبار وإعداد وتدريب نحو 4000 داعية ومعلم وكفالة آلاف الأيتام.
وكان من أهم استراتيجيات الجمعية تنمية الموارد البشرية في عدة مجالات إذ استطاعت عبر مشروعاتها المتنوعة لاسيما في الصحة والتعليم والزراعة والبنى التحتية والأعمال اليدوية وتغيير حياة أكثر من 20 مليون إنسان.
جوائز وأوسمة
وحصل الراحل على عدد من الجوائز والأوسمة منها وسام رؤساء دول مجلس التعاون الخليجي عن العمل الخيري عام 1986 وجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام عام 1996 ووسام النيلين من الدرجة الأولى من السودان عام 1999 وجائزة العمل الخيرى من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي - للعمل الخيرى والإنساني.
جائزة السميط للتنمية الأفريقية
وتقديرا من الكويت له وتكريما لعطائه أعلن أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه في (القمة العربية الأفريقية الثالثة) التي استضافتها الكويت في نوفمبر 2013 تخصيص جائزة سنوية تحمل اسم (جائزة السميط للتنمية الأفريقية).
وتهدف الجائزة التي تبلغ قيمتها مليون دولار إلى المساهمة في دفع عجلة التنمية الإقتصادية والإجتماعية وتنمية الموارد البشرية والبنية التحتية في القارة الأفريقية وتمنح سنويا في أحد المجالات الثلاثة الأمن الغذائي أو الصحة أو التعليم.
وعاش الراحل حياة بسيطة وعانى معاناة شديدة في عمله الخيري لكنه كان يشعر بسعادة غامرة حينما يسعى في تخليص منطقة ما من أحد الأمراض المعدية أو يفتتح مشروعا خيريا يسهم في نهضة مجتمع صغير ومحو أميته وكفالة أيتامه وإعلاء شأن أبنائه.