نادين البدير / المنحرفون وقيمهم
نادين البدير
| نادين البدير |
بالأمس التقيت سيدة خليجية شابة تعمل طبيبة وتظهر في القنوات التلفزيونية بحكم عملها لتقديم استشارات صحية مختلفة. تظهر دون حجاب رأس، ولأنها خليجية ولا تغطي رأسها ولأنها سعودية بالتحديد، فأعداد من المشاهدين لن تلتفت إليها كامرأة صاحبة وظيفة محترمة تقدم نصيحة صحية، كل الذي سيدور بذهنهم أنها سعودية وتخرج دون غطاء، لذا يحدث أن يفاجئها بعض المشاهدين مرات عدة بالاتصال وتوجيه اللعنات والشتائم على الهواء مباشرة، يقفل المعدون الخط، فيما الاستديو يصدح بالشتائم المقززة.
غريب كيف يتعاطى أفراد من المجتمع المحافظ مع النساء، الشتائم تخرج من أفواه كثير من المدافعين عن التزمت والالتزام والحشمة والحياء، فهل تمثل ألفاظهم الخارجة عن الحياء نموذج الأخلاق التي ينادون إليها؟ وهل يمثل فكرهم الدوني نموذج المجتمع الذي يرغبون بتعميمه؟
منهم كتاب ومنهم صحافيون، قراء، مشاهدون تجمعهم صفة واحدة: لغة سوقية.
معروف أن الكلمات التي تخرج من المرء دليل تربيته وتنشئته فأين نشأ مثل أولئك الرجال الذين لا يملكون من الحجج والردود غير الشتائم الساقطة.
ما الشوارع التي لعبوا بها؟ المدارس التي ارتادوها؟ وما طبيعة الأمهات اللواتي أنجبن مثل هذا الانحدار؟
أعرف أن هذه الوسيلة هي أسهل طريقة لإحراج المرأة في عقر عملها لترجع عن سفورها وتلزم منزلها، وأعرف أن التي جربت السفور وإثبات الوجود لن يضيرها أي محاولات للتلويث.
لكني أستغرب سهولة استخدام ذلك الابتذال بطريقة يبدو فيها وكأن ألسنتهم تتعاطاها يومياً في بيئة يودون لو تنتشر بكل أركان البلد، الألفاظ النابية تتناقض وشعار التمسك بالدين لكن الازدواجية هي الشعار بعض الأحيان، منهم من ينتقد الدعوة للانفتاح، لأن الانفتاح حسب قوله مرتبط بالفساد والزنا وقائمة طويلة من الموبقات التي ستجرح الإطار المحافظ للمجموعة، فما خطته لانتقاد تلك الدعوة؟ خطته عابثة ترتكز على العيب والحرام رغم زعمه التمسك بالحلال، توجيه رسائل جنسية فاضحة، كتابة كلمات رذيلة، إرسال صور لممارسات تتناقض وزعمه محاربة الزنا، كيف تجرأ على قيمه والتزامه الشرعي فتعاطى مع طرق غير شرعية؟ أباح لنفسه الدخول للمواقع المحرمة (شرعا) وتداول أفلام (الزنا) واختيار الأفضل منها لإرساله إلى بريد امرأة؟
أم أن هذه هي القيم والتقاليد التي أصدعوا رؤوسنا بالدفاع عنها ليل نهار؟
أعتقد أنه وجب وصف وتسمية الأشخاص بمسمياتهم، فهؤلاء ليسوا متدينين ولا محافظين ولا علاقة لهم بالأخلاق، إنهم المنحرفون الذين تجب إعادة تربيتهم ليتناسبوا مع شكل مجتمعنا الراقي والمحافظ.
هذا المنحرف يرى من خلال عقده الخاصة أن أمه وأخته اللتين لم تخرجا عن طاعته، حسب ظنه السطحي بهما، هما المثاليتان، أما المرأة العاملة فلا تقل شأنا عن أي فتاة يصادفها ضمن عيشته الماجنة.
انحرف بأفكاره كثيرا، فهل مثله جدير بالالتفات إلى آرائه بصفتها تمثل رأيا مجتمعياً؟ أم التفكير جديا بكيفية علاج مشاكله النفسية وتخليصه من رواسب التربية الخاطئة التي أوقعته بها أم جاهلة أو أب مهمل أو بيئة شوارعية غير حضارية؟
كاتبة وإعلامية سعودية
[email protected]
بالأمس التقيت سيدة خليجية شابة تعمل طبيبة وتظهر في القنوات التلفزيونية بحكم عملها لتقديم استشارات صحية مختلفة. تظهر دون حجاب رأس، ولأنها خليجية ولا تغطي رأسها ولأنها سعودية بالتحديد، فأعداد من المشاهدين لن تلتفت إليها كامرأة صاحبة وظيفة محترمة تقدم نصيحة صحية، كل الذي سيدور بذهنهم أنها سعودية وتخرج دون غطاء، لذا يحدث أن يفاجئها بعض المشاهدين مرات عدة بالاتصال وتوجيه اللعنات والشتائم على الهواء مباشرة، يقفل المعدون الخط، فيما الاستديو يصدح بالشتائم المقززة.
غريب كيف يتعاطى أفراد من المجتمع المحافظ مع النساء، الشتائم تخرج من أفواه كثير من المدافعين عن التزمت والالتزام والحشمة والحياء، فهل تمثل ألفاظهم الخارجة عن الحياء نموذج الأخلاق التي ينادون إليها؟ وهل يمثل فكرهم الدوني نموذج المجتمع الذي يرغبون بتعميمه؟
منهم كتاب ومنهم صحافيون، قراء، مشاهدون تجمعهم صفة واحدة: لغة سوقية.
معروف أن الكلمات التي تخرج من المرء دليل تربيته وتنشئته فأين نشأ مثل أولئك الرجال الذين لا يملكون من الحجج والردود غير الشتائم الساقطة.
ما الشوارع التي لعبوا بها؟ المدارس التي ارتادوها؟ وما طبيعة الأمهات اللواتي أنجبن مثل هذا الانحدار؟
أعرف أن هذه الوسيلة هي أسهل طريقة لإحراج المرأة في عقر عملها لترجع عن سفورها وتلزم منزلها، وأعرف أن التي جربت السفور وإثبات الوجود لن يضيرها أي محاولات للتلويث.
لكني أستغرب سهولة استخدام ذلك الابتذال بطريقة يبدو فيها وكأن ألسنتهم تتعاطاها يومياً في بيئة يودون لو تنتشر بكل أركان البلد، الألفاظ النابية تتناقض وشعار التمسك بالدين لكن الازدواجية هي الشعار بعض الأحيان، منهم من ينتقد الدعوة للانفتاح، لأن الانفتاح حسب قوله مرتبط بالفساد والزنا وقائمة طويلة من الموبقات التي ستجرح الإطار المحافظ للمجموعة، فما خطته لانتقاد تلك الدعوة؟ خطته عابثة ترتكز على العيب والحرام رغم زعمه التمسك بالحلال، توجيه رسائل جنسية فاضحة، كتابة كلمات رذيلة، إرسال صور لممارسات تتناقض وزعمه محاربة الزنا، كيف تجرأ على قيمه والتزامه الشرعي فتعاطى مع طرق غير شرعية؟ أباح لنفسه الدخول للمواقع المحرمة (شرعا) وتداول أفلام (الزنا) واختيار الأفضل منها لإرساله إلى بريد امرأة؟
أم أن هذه هي القيم والتقاليد التي أصدعوا رؤوسنا بالدفاع عنها ليل نهار؟
أعتقد أنه وجب وصف وتسمية الأشخاص بمسمياتهم، فهؤلاء ليسوا متدينين ولا محافظين ولا علاقة لهم بالأخلاق، إنهم المنحرفون الذين تجب إعادة تربيتهم ليتناسبوا مع شكل مجتمعنا الراقي والمحافظ.
هذا المنحرف يرى من خلال عقده الخاصة أن أمه وأخته اللتين لم تخرجا عن طاعته، حسب ظنه السطحي بهما، هما المثاليتان، أما المرأة العاملة فلا تقل شأنا عن أي فتاة يصادفها ضمن عيشته الماجنة.
انحرف بأفكاره كثيرا، فهل مثله جدير بالالتفات إلى آرائه بصفتها تمثل رأيا مجتمعياً؟ أم التفكير جديا بكيفية علاج مشاكله النفسية وتخليصه من رواسب التربية الخاطئة التي أوقعته بها أم جاهلة أو أب مهمل أو بيئة شوارعية غير حضارية؟
كاتبة وإعلامية سعودية
[email protected]