تعديل الدستور ضرورة وطنية إستراتيجية

تصغير
تكبير

في ضوء ممارسات السلطتين على مدى السنوات السابقة والتي امتدّت إلى أكثر من 70 عاماً في العمل بالدستور وما أفرزته العملية السياسية خلال تلك السنوات في تباين الكثير من الأمور القانونية وفي فهم الممارسة الدستورية، الأمر الذي أوجد شرخاً بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وتنامي السطو على أعمال السلطة التنفيذية من قِبل السلطة التشريعية خلال تلك الأعوام، الأمر الذي أدى إلى حل مجلس الأمة مرات عدة، بأمل أن يقوم الشعب في حسن الاختيار لممثليه، إلا أن الرياح لم تأتِ حسب ما يرغبه المُخلِصون لهذا البلد، كما أن هذا التباين في فهم النصوص الدستورية أدى إلى تخلف البلاد في الكثير من القضايا بل وساعد هذا إلى تفشي الفساد بصورة كبيرة والإضرار بمصالح البلاد العُليا.

من خلال نقاشي مع بعض المختصين الدستوريين وأنا أتفق معهم في أن الدستور بحاجة ماسة إلى تعديله للأفضل، وأنهم يرون أن حل مجلس الأمة الحالي لمدة أربع سنوات هو الفرصة الذهبية للدولة لمراجعة نفسها ولإجراء الإصلاحات المطلوبة في جميع المجالات بدءاً في إعادة صياغة بعض مواد الدستور الحالي لتطوير الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

لاشك أن هناك بعض مواد في الدستور الحالي أصبحت عبئاً سياسياً على البلاد، الأمر الذي نرى أنه من الضرورة الإستراتيجية الوطنية مراجعتها، وتطوير صياغة تلك المواد لما هو في صالح البلاد والعباد، ولحل الكثير من الإشكاليات في ضوء الالتباس الذي ساد المرحلة الماضية في تفسير المواد الدستورية دون الاستناد على قاعدة فقهية واضحة، خصوصاً المتعلقة بالعلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة، وما أُثير حولها الكثير من اللغط والتحليلات والتفسيرات.

ومثال على تلك الإشكالات والتساؤلات:- هل يمكن عقد اجتماع لمجلس الأمة دون حضور الحكومة؟ أو ربط شرعية تشكيل الحكومة بوجود على الأقل نائب في الحكومة؟ أو تحديد مدة أسبوعين لرئيس الوزراء في إجراء المشاورات لتشكيل الحكومة بعد ظهور نتائج الانتخابات؟ ولماذا ينص على عدد أعضاء مجلس الأمة بخمسين، وما هي الحكمة من ذلك؟ ولماذا يجب ربط عدد أعضاء الحكومة قياساً على عدد أعضاء مجلس الأمة؟

هذه بعض التساؤلات، وهناك الكثير من تلك التساؤلات الأخرى المنصوص عليها دستورياً لا يسعني في هذه الرسالة أن أذكرها، وقد أدى مثل هذه التساؤلات وما دار حولها من لغط إلى شل العمل السياسي في البلاد ما ساهم في تخلفنا الاقتصادي والاجتماعي قياساً على دول الجوار.

إنني كمواطن أدعو الحكومة إلى سرعة تشكيل لجنة متخصصة من رجال القانون والسياسة، ثقاة في العلم وسمو في الأخلاق والنزاهة والشرف وبعيداً عن المحاصصة، وذلك لمراجعة الدستور وما يحتاجه من تعديلات جوهرية وأساسية لما فيه مصلحة البلاد ومستقبلها السياسي وكيانها القانوني.

والله المستعان.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي