قيم ومبادئ

بزنس يعني بزنس

تصغير
تكبير

تنافس حاد وسريع بين الشركات الدولية الاستشارية في جميع القطاعات الحكومية في دول العالم الثالث، حيث تشارك في وضع إستراتيجيات عالية المستوى خصوصاً في مجال الطاقة المتجددة والبيئة وتكنولوجيا المعلومات، وعلى الرغم من أن هذا أمر شائع في كل دول العالم إلا أنه في عالمنا العربي يتخذ مساراً خاصاً من حيث أحجام المشاريع التي تراعي الكم وليس الكيف؟

ومن حيث النطاق والطابع المؤسسي حيث تتولى هذه الشركات عجلة القيادة في تحديد مسارات الشعوب بأكملها... الأمر الذي يظهر لكل متابع بأن هذه الأنشطة تتجاوز مجرد تطوير إستراتيجيات التنمية والاستثمار إلى جهة الولوج إلى خصوصيات الثقافة وثوابت المجتمع بل حتى الضمان الاجتماعي والمرأة والطفل!

ولا يخفى على أي متابع لهذه الشركات خصوصاً دورها المعاصر وما يترتب عليه من آثار سلبية تتعلق بالاقتصاد تارة وبالأمن القومي تارة أخرى. فضلاً عن كلفتها المادية مروراً بمدى جودة وفعالية السياسات المنفذة والبرامج التي تم إعدادها خارجياً وتم استيرادها على شكل علب وكراتين! ومع مرور الزمن سلّم على الطبقة المتوسطة في المجتمع والمشاريع الصغرى المحلية! والقيم التي كانوا يسمونها ثوابت؟

هذا فضلاً عن افتقار هذه الشركات للشفافية والمساءلة القانونية حيث نجدها تشق طريقها كلاعبين رئيسيين في ملف الأمن السيبراني!

ويمكننا الرجوع إلى جذور هذا النمط الجديد من النيوليبرال (الاستعمار الجديد) إلى حقبة الاستعمار التقليدي، ففي سنة 1926 عين التابع البريطاني مستشاراً يرسم مساراً إقليمياً جديداً للخليج العربي وفي عام 1957 وصلت مجموعة من المستشارين من طرف صندوق النقد الدولي لرسم خطط التنمية للمنطقة من خلال استهداف المسؤولين الحكوميين الذين يتقبلون مثل هذه المبادرات وترفعهم إعلامياً من خلال المنتديات والمناسبات، ومما ساعد على هذا النوع من السيطرة من خلال الاستعانة بما هو أجنبي – ثقافة الشغف – للمعرفة المستوردة – وهذا إرث استعماري قديم ما زال يعشش بأدمغة أذناب الليبرالية الذين ما زالوا يربطون التقدم والعصرنة بالمعارف الأجنبية مع الأسطوانة المشروخة – ما عندنا موارد بشرية ولا خبرات فنية – ومما يدحض هذا الزعم ارتفاع معدلات البطالة من حملة الشهادات العليا والتخصصات النادرة والمطلوبة، والمؤسف حقاً أن الحكومات لا تأخذ هذا الملف بمأخذ الجد إلا إذا وافقت عليها الشركات الأجنبية؟

إنّ حقيقة ما نعانيه اليوم أن يتم تسييس مشاريع التنمية والتعليم، فالأكاديميون ورجال الأعمال في القطاع الخاص وشركات الاستثمار يُفترض أن يكون لديهم أجندات وطنية وثوابت وقيم مجتمعية يتجاوزون بها مفهوم الثروات أو منطق الأعمال التقليدي الذي عفى عليه الزمان ويغضون الطرف عن حقيقة معاناة فئة الشباب، وعن عمل الشركات الاستشارية فهي تعمل بعيداً عن الأضواء والمعلومات لديها محمية إلى حد كبير بعيداً عن الرأي العام والجماهير!

إضافة إلى أن غالب هذه الاستشارات المقدمة لدول العالم الثالث هي (نسخ ولزق) وتدور كلها حول خصصة القطاعات الحكومية وتحرير التجارة والبنية التحتية والاقتصاد المفتوح... وعليه نقول يتعين إعادة النظر في الاتجاه نحو تقييم المشاريع نوعياً وليس كمياً وتفعيل مراقبة أداء الشركات بما يحفظ الأمن القومي أساساً.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي