قيم ومبادئ

تنقيح الدستور

تصغير
تكبير

خلال ستة عقود من العمل النيابي تراوح الخطاب السياسي حول مفاهيم متعددة حول الدستور مثل مصطلح (روح الدستور) و(الجوهر) و(الضمير المعاصر) و(المقاصد) و(المصالح ...).

حتى يتخيل الفقيه أن الأحكام الدستورية أحكام متذبذبة وأوصاف نسبية إضافية منوطة بالشارع السياسي وهوى الإعلام المُجيّر لمصالح الأحزاب، كلٌ في ما يراه ملائماً لمصلحته الخاصة دون أن يكون للشريعة أدنى سلطان ولا حُكم عليه في تلك الرؤية!

وحقيقة الأمر، أن المصالح العليا عند فقهاء الشريعة والقانون لا تعدو عن كونها فهماً للشريعة بالشريعة وتحكيماً للنص على النص، والسبب في ذلك أن الإسلام جاء بمقاصد كلية عامة لا يختلف حولها أي عاقل وترجع إليها كل الفروع الفقهية والدستورية ولا يُراد بربط حكم النص بالمصلحة إلا أن يختار المشرع الدستوري في كتابته للدستور لتنزيله للأحكام على الواقع إلا القول الأسعد بالدليل اللائق بتحقيق هذه المقاصد بأيسر الطرق وهي المحافظة على الدين والنفس والعقل والعِرض والمال.

ولنأخذ على ذلك مثالاً وهو تصرف الإمام في الرعية منوط بالمصلحة، فإذا أردت فهم المصلحة التي انيطت بتصرف الإمام ارجع إلى مقاصد الشريعة الخمسة وهي بالاستقراء راجعة إلى حراسة الدين وسياسة الدنيا بالدين، وعليه فإن ولي الأمر يختار في تصرفاته ما يكون محققاً لمقصد إصلاح دين الخلق وحراسته. وعليه نقول الإحالة إلى المصالح العليا إحالة إلى الشريعة نفسها التي نص عليها الدستور.

وغاية ما يُراد من المواطن خلال مرحلة تعليق الدستور أن يفهم الأحكام المنوطة بالمصلحة، وأن يرجع إلى الوراء بضع خطوات ويسترد الأنفاس كي يستشرف المقاصد الكلية للشريعة ليهتدي بهديها فيصيب مُراد خالقنا الذي أنزل إلينا تشريعاً صالحاً لكل زمان ومكان... ان عِلم مقاصد الشريعة عِلم كاشف عن مقاصد الشريعة بالنظر إلى القرآن والسنة وما حددته من المقاصد نصاً أو ما يمكن تحصيله منها عن طريق القياس والنظر وتتبع الجزئيات وهو مقام علمي رفيع المستوى يجب أن يتحلّى صاحبه بالعلم الواسع والتجرد والورع خوفاً أن يقول على الله بلا عِلم.

فهل وصلت الرسالة؟

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي