إطلالة

السيناتور ساندرز: نتنياهو «مُعادٍ للسامية»!

تصغير
تكبير

في المقالة السابقة ذكرنا أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو حاول استخدام عبارات كاذبة، ليست لتضليل شعبه فقط وإنما لتضليل العالم كله، فحينما انتقد الطلاب والطالبات والأساتذة المعتصمين في ساحات الجامعات الأميركية العريقة، استخدم عبارات مضللة مثل «إنهم لا يقولون الموت لإسرائيل، أو الموت لليهود فقط، وإنما الموت لأميركا أيضاً»، وكان ذلك حتى يستعطف مشاعر الشعب الأميركي كله ويقلب الطاولة على خطط وبرنامج طلبة الجامعة، ولكن العالم كله يعلم أن ما يحدث وراء هذه الاعتصامات هو العكس تماماً، وأن حملة «معاداة السامية» هي كذبة يهودية ابتدعها لتهييج واستفزاز المشاعر الدينية، أي أراد منها التصعيد من دون دلائل ثابتة، وبالتالي هناك مَنْ تجاهل مشاعر نتنياهو الكاذبة لأنه يعلم بالحقيقة.

وهناك مَنْ لم يستطع السكوت عن اتهاماته الكاذبة، فكان أولهم عضو مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور بيرني ساندرز، الذي كان مستعداً للرد على اتهاماته الباطلة حيث قال: كلا يا نتنياهو، فما رأيناه بأعيننا ليس معاداة للسامية أو تأييداً لـ «حماس»، وإنما حقيقة مؤلمة، فلو نسلّط الضوء على أفعالك الإجرامية على مدار الستة أشهر الماضية لرأينا الكثير من مجازر حكومتك المتطرفة التي قتلت بإصرار أكثر من 34 ألف فرد فلسطيني، وجرحت أكثر من 78 ألف فلسطيني، وكان 70 في المئة منهم من الأطفال والنساء، فما ذنب هؤلاء الأبرياء؟ لذلك رسالتي لك يا نتنياهو ألا تستهزئ بذكاء الشعب الأميركي عبر مساعيك لصرف انتباهنا عن السياسات العسكرية الفاشلة وغير الأخلاقية لحكومتك لصرف انتباهنا عن هذه الانتهاكات غير الإنسانية، فلا تستخدم كلمة «معاداة السامية» لصرف الانتباه عن الاتهامات التي تواجهها من المحاكم الإسرائيلية، مضيفاً أليست معاداة السامية أن تُحاسب على أفعالك؟!

وفي لقاء آخر للسيناتور الأميركي بيرني ساندرز، في قناة الـ CNN التلفزيونية أكد بأن دينه «يهودي» كذلك ولكن ما يفعله نتنياهو هو جزء من اللعبة السياسية حيث يتقنها جيداً ويغتنم أي لحظة سياسية يستطيع اغتنامها، لذلك خاطب نتنياهو الطلاب الأميركيين باللغة الإنكليزية هذه المرة لتكون مباشرة كما خاطب البعض الآخرين بالعبارات ذاتها حتى في وسائل الإعلام بالعودة إلى فترة الثلاثينات من القرن الماضي في أوروبا، فيما تساءلت مذيعة الـ CNN ما إذا كان السيناتور ساندرز يعتقد أن وصف نتنياهو كان دقيقاً لما يحدث هناك في الجامعات الأميركية، أم أن هناك التفافاً للحقائق؟

فرد ساندرز قائلاً: أنا يهودي مثله وهتلر قد ذبح معظم عائلتي، وأنا حساس للغاية تجاه معاداة السامية، كما آمل أن يكون كل الأميركيين كذلك، وعلينا قبل كل شيء أن نتأكد من عدم وجود «معاداة للسامية» وهذا ليس فقط في حرم الجامعات الأميركية وإنما في جميع أنحاء هذا البلد، ولكني أريد أن أؤكد أن ما يفعله نتنياهو هو دليل على أنه سياسي ماكر للغاية، وأنتِ محقة على ذلك، وبالتالي فإذا كان العالم أجمع يدين سياسات الحرب التي تتبعها حكومة نتنياهو والتي تسبّبت الآن في مقتل أو جرح 5 ٪ من سكان فلسطين ودمرت بنيتها التحتية كذلك، فاليوم العالم كله يقول بصوت واحد: ما الذي تفعلونه يا نتنياهو؟!

إن ما فعله هو صرف الانتباه عن جرائمه، وقد وقعت وسائل الإعلام الأميركية في فخ كبير، ففخ القول بأن أي احتجاج ضد إسرائيل هو «معاداة للسامية»! فإذا كنا نتحدث عن أن ثلثي الأشخاص الذين قتلوا أو أصيبوا هم من النساء والأطفال وليس من المنتمين إلى «حماس»، فهل هذا يعني معاداة للسامية، وكذلك إذا كنا نتحدث عن أن 70 ٪ من المساكن قد دمرت فهذا معاداة للسامية أيضا، وإذا كنا نتحدث عن مدى قلق الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بشأن المجاعة في فلسطين، والأطفال اليوم يموتون جوعاً في غزة بسبب نقص وسوء التغذية وقلة الماء، فإذا كنا نتحدث عن كل هذا... فأنت يا نتنياهو معاد للسامية...! وأضاف حسناً، أعتقد أن الشعب الأميركي لن يقع في هذا الفخ هذه المرة، فما نلاحظه اليوم أن نتنياهو يهين ذكاء الشعب الأميركي بشكل مباشر، ويجب محاسبته على تصرفاته وتصرفات جناحه اليميني المتطرف، وبالمناسبة فإن الحكومة العنصرية واتهام أو ادعاء كل مَنْ ينتقد نتنياهو هو معاد للسامية، فهذا أمر مشين حقاً؟!

وأضاف السيناتور ساندرز أن ما يتعلق لحملة جو بايدن، فكما تعلمون ما حصل أن هناك أشخاصاً بالماضي يشيرون إلى أن هذه الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» قد تكون فيتنام بايدن، على عكس الرئيس السابق ليندون جونسون الذي شغل منصب الرئيس السادس والثلاثين للولايات المتحدة الأميركية من عام 1963 إلى 1969 فقد كان سياسياً محنكاً في كثير من النواحي، وكان رئيساً جيداً على المستوى المحلي حيث قدم بعض التشريعات المهمة للبلاد، ولكنه اختار عدم ترشحه للرئاسة عام 68 بسبب معارضة الشعب لآرائه حول حرب فيتنام.

لذا أنا قلق للغاية من أن الرئيس الحالي جو بايدن يضع نفسه في موقف يؤدي الى أزمة ونفور وانشقاق وهذا ليس عند الشباب فقط بل عند الكثير من قاعدته الديموقراطية وبالأخص في ما يتعلق بآرائه حول إسرائيل والحرب الدائرة في فلسطين.

وفي الختام، نلاحظ أن رد السيناتور بيرني ساندرز كان رداً واقعياً وافياً وكافياً أمام اتهامات نتنياهو الأخيرة، فهل يراها العالم «باطلة» كذلك؟!

ولكل حادث حديث،،،

Alifairouz1961@outlook.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي