ربيع الكلمات

متى ينطلق... قطار التنمية؟

تصغير
تكبير

في بعض الأحيان يكون الحديث مكرّراً ولكن مهماً أن نتحدث فيه حتى يكون هناك رأي عام خصوصاً في القضايا المصيرية، لأن أصعب لحظات الإنسان هو العيش بوهم ثم يتفاجأ بالمستقبل لأمور لم يكن لها أي حسبان، كذلك يقولون إن نصف العلاج هو محاولة التشخيص السليم، ومن الصعب الحديث عن الإصلاحات الاقتصادية دون التطرق للسياسة لأن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة.

الحقيقة الأولى هي أن نعلم بأننا نعيش في عالم مضطرب وقد يكون خطراً في بعض الأحيان، وقد تختلف المسلمات بين فترة وأخرى نتيجة التغيرات الحاصلة بالشرق الأوسط والعالم، ونحن قد نكون أكثر دولة خليجية حالياً تعتمد اعتماداً كبيراً على النفط، ونسعد عندما نحقق فوائض مالية بسبب زيادة الأسعار فنطالب بزيادات ومكافآت، ولا يفهم من كلامي أنني ضد الزيادات مطلقاً، لأن هناك فئات فعلاً تستحق الزيادة، علاوة على توحيد رواتب التخصص ذاته في مختلف الجهات، ولكن ما أعنيه الزيادات غير المنطقية مثلاً عندما يكون العاملون في الجهات الحكومية ربع القوى العاملة تقريباً... ولكن مكافآت الصفوف الأمامية لأكثر من 70 في المئة من موظفي الدولة (!)، أو بيع إجازات موظفين أصلاً كانوا في إجازة مفتوحة أثناء فترة «كورونا» وفي الوقت نفسه هناك طوابير من الشباب تعذر توظيفهم بسبب عدم وجود ميزانية!

وشهدت الأسواق خلال السنوات الماضية تذبذباً في أسعار النفط، وهو المصدر الذي نعتمد عليه بأكثر من 90 في المئة كمصدر دخل للدولة، ومن خلاله يتم صرف الرواتب والصفوف الأمامية وبيع الإجازات. ففي الفترة من عام 1948 وحتى نهاية الستينات كان سعر البرميل 3 دولارات، ثم ارتفع سعر النفط عام 1974 أربع مرات متجاوزاً 12 دولاراً للبرميل، ثم استقرت أسعار النفط العالمية خلال 1974 وحتى 1978 ما بين 12 دولاراً و13 دولاراً، وبسبب الحرب العراقية - الإيرانية ارتفع سعر برميل النفط في 1978 إلى أكثر من 35 دولاراً للبرميل، وفي 1986 انهارت الأسعار إلى أقل من 10 دولارات، وعام 1999 صعد سعر البرميل ليصل إلى 25 دولاراً، وعام 2005 نفس أسعار هذه الأيام 78 دولاراً للبرميل...

ولماذا يجب علينا أن نقلل من اعتمادنا على النفط؟

لأننا نعيش في عالم يتغيّر بصورة لم يتخيلها العقل البشري خصوصاً مع وجود تقنيات الذكاء الاصطناعي، وستحل التكنولوجيا مكان العديد من البشر في وظائف كثيرة، وهناك وظائف ستختفي ووظائف أخرى ستظهر، والمستقبل سيكون لمن يستعد له جيداً.

الجمعية الاقتصادية نظّمت جلسة حوارية بعنوان «التنمية... الواقع والطموح» حاضر فيها وزير المالية وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار السابق، مناف الهاجري، والرئيس التنفيذي لإدارة الثروات لمجموعة بنك الكويت الوطني، فيصل الحمد، وذكر الهاجري أن «الاقتصاد الكويتي يتمتع بالعديد من المميزات التي تجعل ما يواجهه حالياً أمراً غير مقبول»، وأفاد «ضرورة الاستفادة المُثلى من الإمكانات الحالية في ظل متانة الدولة مالياً وتمتعها بمخزون نفطي جيد وتجربة وأداء استثماري عالي المستوى، وكذلك ضرورة انتهاج العديد من الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي على رأسها توزيع الأحمال والملفات والنأي بها عن سلطة وزير واحد، فلا يمكن أن يكون الوزير المسؤول عن الاستثمار هو نفسه المسؤول عن تحسين معيشة المواطنين وتوجيه الدعوم وبناء ميناء مبارك ووضع الميزانية العامة للدولة، وهذا أمر لا يمكن أن نتوقع منه نتائج ومخرجات تلامس الطموح».

المرحلة المقبلة تحتاج إلى جُهد وعمل دؤوب وبهدوء، وعضو مجلس الأمة الذي يمثل الكويت وليس القبيلة أو الطائفة والعائلة، وإلى وزراء يعملون لا يخشون المواجهة، رجال دولة يكرّسون جهدهم لخدمة البلاد والعباد. وقبل ذلك لا بد من وجود خطة واضحة المعالم حتى ينطلق قطار التنمية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي