الاحتلال سيطر على المعبر ومنع إدخال المساعدات... ومصر حذّرته من «حافة الهاوية»

إسرائيل «تُفاوض بالنار»... وفدها بالقاهرة ودباباتها في رفح

دبابات إسرائيلية عند الجانب الفلسطيني من معبر رفح (رويترز)
دبابات إسرائيلية عند الجانب الفلسطيني من معبر رفح (رويترز)
تصغير
تكبير

ما بين الجهود الإقليمية والدولية المكثفة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، والتصعيد العسكري من قبل الاحتلال الذي سيطر أمس، على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، بدا المشهد في غزة وكأنه سباق بين المساعي الديبلوماسية للتهدئة ومحاولة حكومة بنيامين نتنياهو «التفاوض بالنار».

ولم يتضح جلياً ما إذا كان مجلس الحرب الإسرائيلي أعطى بالفعل الضوء الأخضر لاجتياح رفح، أم أن ما حصل أمس، هو محاولة من نتنياهو للضغط على «حماس» ودفعها إلى تقديم تنازلات في مفاوضات الهدنة، خصوصاً بعد الترويج الإسرائيلي لأن الورقة التي وافقت عليها الحركة مساء الاثنين الماضي، غير مقبولة إسرائيلياً وتحتاج إلى تعديلات.

«عملية خاطفة»

وفق هذه الأسس، تواصلت المحادثات في القاهرة بمواكبة مصرية - قطرية - أميركية، في حين أرسلت إسرائيل وفداً «متوسط المستوى»، يبدو أنه سيعمل على استكشاف إمكانية انتزاع مزيد من التنازلات، على أن يليه وفد رفيع المستوى إذا سارت المفاوضات بإيجابية.

وفي هذا السياق، قال مسؤول إسرائيلي كبير لوكالة «رويترز» إن «الوفد مكون من مبعوثين متوسطي المستوى. وإذا تسنى التوصل إلى اتفاق حقيقي في المستقبل القريب، سيترأس كبار المسؤولين الوفد»، في إشارة إلى مسؤولين بارزين من جهاز المخابرات (الموساد) وجهاز الأمن الداخلي (شين بيت) الإسرائيليين.

ومن خلال إرسالها الوفد للقاهرة وقيامها في الوقت نفسه بعملية خاطفة في رفح مع مواصلة ارتكاب المجازر، تسعى حكومة نتنياهو إلى تصعيد الضغط على «حماس» من جهة، وأيضاً على الوسطاء من جهة ثانية، عبر إظهار جديتها في تنفيذ تهديداتها باجتياح رفح.

توغل إسرائيلي

وصباح أمس، توغلت الدبابات الإسرائيلية في مدينة رفح وسيطرت على الجانب الفلسطيني من المعبر، وهي ترفع علم الدولة العبرية في مشهد استفزازي، غداة غارات جوية مكثفة.

جاء ذلك بعد موافقة مجلس الحرب الإسرائيلي بالإجماع مساء الاثنين، على «أن تواصل إسرائيل العملية في رفح لممارسة الضغط العسكري على حماس من أجل تعزيز إطلاق سراح الرهائن وتحقيق الأهداف الأخرى للحرب».

وذكر جيش الاحتلال، في بيان، أن قواته مشطت المنطقة، بعد شن عملية برية وجوية في جزء من شرق رفح، أدت لسقوط 20 مسلحاً والعثور على 3 أنفاق، فيما تحدثت مصادر فلسطينية عن استشهاد 27 شخصاً.

محور صلاح الدين

وللمرة الأولى منذ العام 2005، توغلت آليات عسكرية في الجانب الشرقي من «محور فيلادلفيا» المعروف كذلك باسم محور صلاح الدين، الفاصل بين غزة ومصر، عقب إعلان الجيش سيطرته على المعبر.

إغلاق المعابر

وفي حين أعلن مسؤول إسرائيلي أن تل أبيب استبدلت معبر رفح بمعبر كرم أبوسالم، «مُنعت مئات الشاحنات المحملة بالوقود والمساعدات» من الدخول بعد إغلاق المعبرين، بحسب مصادر مصرية.

وقال الناطق باسم هيئة المعابر في غزة هشام عدوان، إن «الاحتلال يحكم على سكان القطاع بالموت بعد إغلاقه معبر رفح، ويحكم على مرضى السرطان بالموت في ظل انهيار المنظومة الصحية».

وذكرت الأمم الأمم المتحدة، أن إسرائيل منعتها من الوصول إلى معبر رفح، مؤكدة أن مخزونها من الوقود المخصص للعمليات الإنسانية في غزة يكفي ليوم واحد.

«تصعيد خطير»

من جهتها، دانت مصر، في بيان لوزارة الخارجية، «التصعيد الخطير الذي يهدد حياة نحو مليون فلسطيني، يعتمدون اعتماداً أساسياً على المعبر، باعتباره شريان الحياة الرئيسي لغزة، والمنفذ الآمن لخروج الجرحى والمرضى لتلقى العلاج، ولدخول المساعدات».

ودعت الجانب الإسرائيلي إلى «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والابتعاد عن سياسة حافة الهاوية ذات التأثير بعيد المدى، والتي من شأنها أن تهدد مصير الجهود المضنية المبذولة للتوصل إلى هدنة مستدامة داخل غزة».

وفي واشنطن، ذكر البيت الأبيض أن «إسرائيل أبلغتنا أن عملية رفح محدودة وغرضها تقليص قدرة حماس على تهريب السلاح والأموال».

«صفقة» قنابل

وكشف مسؤول أميركي، أن واشنطن علقت «صفقة» شحنات قنابل دقيقة التوجيه وقنابل ذات قطر صغير، من صنع شركة «بوينغ» إلى إسرائيل وذلك لبعث رسالة سياسية لها.

في موازاة ذلك، أعلنت «كتائب القسام» مقتل أسيرة إسرائيلية مسنة، مشيرة إلى أنها «لقيت مصرعها لعدم تلقيها الرعاية الطبية المكثفة بسبب تدمير العدو للمستشفيات في قطاع غزة».

الدمار بالأرقام

• كوري شير من جامعة مدينة نيويورك الذي أجرى أبحاثاً في صور الأقمار الاصطناعية الملتقطة لغزة: «معدل الأضرار التي تم تسجيلها لا يُشبه أي شيء قمنا بدراسته من قبل. إنه أسرع بكثير وأوسع نطاقاً من أي أمر سبق وقمنا بمسحه».

• وفق التحليلات التي أجراها كل من شير ويامون فان دين هويك، أستاذ الجغرافيا المساعد لدى جامعة ولاية أوريغون، فإن 56.9 في المئة من مباني غزة تضرّرت أو دُمّرت حتى 21 أبريل الماضي، لتصل إلى ما مجموعه 160 ألف مبنى.

• في مدينة غزة: تضرّرت أو دُمرّت ثلاثة أرباع (74.3 في المئة) مبانيها تقريباً.

• خلال الأسابيع الستة الأولى من الحرب أشير إلى «60 في المئة من المنشآت الصحية.. على أنها متضررة أو مدمّرة»، بحسب شير.

• استُهدف مجمّع الشفاء الطبي، أكبر مستشفى في القطاع، وبات «هيكلاً فارغاً» تناثرت فيه الأشلاء البشرية.

• دُمّرت خمسة مستشفيات بالكامل، ومازالت أقل من مستشفى من بين ثلاث (أي 28 في المئة) تعمل بشكل جزئي، بحسب الأمم المتحدة.

• أحصت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) 408 مدارس لحقت بها الأضرار، أي ما يعادل 72.5 في المئة على الأقل من هذه المنشآت التعليمية التي تفيد بياناتها إلى أن عددها 563. من بين هذه المنشآت، دُمّرت مباني 53 مدرسة بالكامل وتضرر 274 مبنى آخر جراء النيران المباشرة. تفيد تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ثلثي المدارس ستحتاج إلى عمليات إعادة إعمار كاملة أو رئيسية لتعود إلى الخدمة.

• في ما يتعلّق بأماكن العبادة، تظهر بيانات UNOSAT وOpenStreetMap أن 61.5 في المئة من المساجد تضررت أو دُمّرت.

مدير مستشفى الكويت التخصصي: نستقبل عشرات الضحايا من دون إمكانيات طبية

حذّر مدير مستشفى الكويت التخصصي في رفح، صهيب الهمص، أمس، من أن المحافظة «تمر بكارثة صحية كبيرة، في ظل القصف الإسرائيلي المستمر والمكثف على المحافظة لليوم الثاني على التوالي»، معلناً توقف جهاز الأشعة الوحيد لديه نتيجة ضغط الحالات.

وقال الهمص للصحافيين، إن مستشفى الكويت التخصصي، هو المستشفى الوحيد الذي يعمل الآن وبأقل الإمكانات بعد خروج مستشفى النجار عن الخدمة لتصنيفه ضمن المنطقة الحمراء في غزة.وأشار إلى أن مستشفى الكويت التخصصي يستقبل عشرات الشهداء والإصابات على مدار الساعة، ويوجد صعوبة في التعامل مع الإصابات، لانعدام الإمكانات والمستلزمات الطبية.

وناشد الهمص كل الطواقم الطبية الفلسطينية بالوقوف عند واجباتها ومسؤولياتها، والتوجه بشكل عاجل لمستشفى الكويت، لوجود نقص في الكوادر الطبية التخصصية.
ودعا المجتمع الدولي والعالم العربي والإسلامي إلى التدخل العاجل والفوري لوقف العدوان الإسرائيلي على رفح.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي