البركان السياسي... والخلطة الكويتية!

تصغير
تكبير

بصورة مبسطة تتشكّل البراكين بسبب الحرارة المرتفعة في باطن الأرض والتي بموجبها تنصهر الصخور ثم تنبعث منها غازات ساخنة تجد طريقها للأعلى عبر التشققات في الأرض لتصل إلى السطح، وبعدها تنبعث الأدخنة والتي قد يتلوها الحِمم النارية التي تقذف من باطن الأرض في المحيط الجغرافي للبركان.

إسقاطاً وتشبيهاً بالوضع السياسي لدينا في الكويت، نشهد سخونة في القاع السياسي نتيجة تراكمات زمنية قد تمتد منذ الغزو العراقي الغاشم.

لقد تم ترك الكثير من الملفات السياسية والاقتصادية تتراكم دون حلول جذرية حيث تم دفعها للتأجيل هروباً من مواجهة أثمانها. الفساد السياسي والاقتصادي الذي تمثل في شراء الذمم وعدم محاسبة الكثير من المقصّرين والعمل بمقتضيات الترضيات السياسية في التعيينات في الوظائف والمناصب العليا عبر التمييز وعلى حساب العدالة والكفاءة، كما أشار صاحب السمو، حفظه الله ورعاه، في نطقه السامي، إلى جانب اللهو بدغدغة الشعور السياسي من خلال المطالبات الشعبوية وغير المنطقية والتلاعب على المتناقضات الفئوية، علاوة على ترك الرسالة الإعلامية السامية لتروج كسلعة للابتزاز وصناعة المشاهير الوهميين وتحويل منصاتها إلى قذائف للشتم وبث الإشاعات، فضلاً عن تفشي المنازعات والصراعات الفوقية بين رجال السياسة ونخبها، كل تلك وغيرها من مظاهر التساخن في القاع السياسي أدى إلى تصدع الأرضية المجتمعية والسياسية لتتصاعد أدخنة الغازات الخطرة بين جدران المجتمع بعد انحباسها الطويل، والتي إن لم يتم معالجتها بطريقة «التبريد السياسي» لسوف تؤدي إلى (لا سمح الله) بتفاقم الحمم البركانية التي ستنقذف علينا جميعاً.

التبريد السياسي الذي نقصده يتمثل بالبحث عن المشكلة أو المشاكل الحقيقية وحلها بسرعة وحزم، وليس المحاولة بسد التصدعات التي تكونت أساساً بفعل السخونة في القاع. السخونة تلك التي تفاقمت درجة حرارتها بفعل الوقت نتيجة لتأجيل النظر فيها أو تجاهلها كمن قبيل التعيينات الحسبوية والمحاصصة التمييزية والتهاون مع الفاسدين وتبرير الرشوات السياسية عند السياسيين، وعدم الالتفات إلى أُمهات القضايا والالتهاء بالملهيات الفئوية.

إن الأمن والحرية صنوان متوازنان لا يفترقان ولا يمكن التفريط بأي منهما أو تغليب أحدهما على الآخر، وهذه الجدلية هي التي صنعت الدولة. فمنذ عرف الإنسان الدولة، كانت الحرية في مقابل الأمن، دون طغيان في الميزان. وهكذا انبثق عن هذه الموازنة العقد الاجتماعي الذي أتي على شكل دساتير. وهذه الحالة ذاتها تنطبق على النظام الدستوري في الكويت حيث تكون الحرية والأمن مقومات الدولة والمجتمع في ظل ميثاق دستوري استقر الاتفاق عليه بين الحاكم والمحكوم.

وفي المادة السابعة والثانية من الدستور تتجلى جوهرية النظام السياسي الكويتي، حيث العدالة والمساواة والحرية تشكل دعامات المجتمع وتكافؤ الفرص والطمأنينة هي دعامات المجتمع التي يتعين على الدولة أن تصونها. لذلك، لا حرية من دون أمن ولا أمن من دون حرية... هكذا هي معادلة التوازن لمن يبحث عن سر الاستقرار والازدهار في «الخلطة الكويتية».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي