حزمةٌ مالية من 2024 حتى 2027... وانتقاداتٌ لـ «رشوة إبقاء النازحين»

مليار دولار من الاتحاد الأوروبي للبنان: نعوِّل على حُسن تعاونكم لمنع الهجرة غير الشرعية

ميقاتي مستقبلاً فون دير لاين ورئيس قبرص (أ ف ب)
ميقاتي مستقبلاً فون دير لاين ورئيس قبرص (أ ف ب)
تصغير
تكبير

- فون دير لاين: للتنفيذ الكامل للقرار 1701 ويجب أن يشكل هذا جزءاً من تسوية ديبلوماسية مُتفاوَض عليها
- ميقاتي: نرفض أن يتحوّل لبنان وطناً بديلاً ولدعم النازحين في بلادهم
- بري: لبنان في انتظار نجاح مساعي وقف العدوان على غزة وسيكون عندها جاهزاً لمتابعة المباحثات حول تطبيق الـ 1701
- رئيس البرلمان «لأهمية تواصل سائر الأطراف المعنيين بمقاربة ملف النازحين مع الحكومة السورية»

أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تقديم حزمة مالية بقيمة مليار يورو إلى لبنان ستكون متاحة اعتباراً من السنة الجارية وحتى عام 2027، تحت عنوانٍ معلَن هو «دعم أمْنه واستقراره الاقتصادي والاجتماعي وقواته الأمنية والعسكرية» ويشكّل واقعياً «واجهةً» لم تعُد خافيةً لقرار غربي بـ«تصفيح» قدرة «بلاد الأرز» على تَحمُّل عبء النزوح السوري (أكثر من مليونين) وسدّ المَنْفذ البحري لهجرتهم غير الشرعية إلى أوروبا عبر قبرص في انتظار انتهاء الأزمة في سورية على متن حل سياسي ما زال طريقه شائكاً.

4 ركائز

وجاء إعلان الحزمة المالية في كلمة ألقتها فون دير لاين خلال مؤتمر صحافي في بيروت، عقب لقائها والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السرايا، حيث حدّدت 4 ركائز لهذا الدعم الذي يتلبّس «المساهمة في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في لبنان»:

«أولاً، من خلال تعزيز الخدمات الأساسية مثل التعليم والحماية الاجتماعية والصحة للشعب اللبناني.

وثانياً، سنواكبكم في المضي قدماً بالإصلاحات الاقتصادية والمالية والمصرفية، ومن شأن ذلك أن يسمح لبيئة الأعمال والقطاع المصرفي باستعادة ثقة المجتمع الدولي، وتالياً تمكين القطاع الخاص من الاستثمار.

ثالثاً، الأمن والاستقرار هما أيضاً أساسيان للاستثمار، وسندعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى.

وسيركز هذا البرنامج أساساً على توفير المعدات والتدريب لإدارة الحدود. وسيكون من المفيد جداً للبنان أن يبرم ترتيبات عمل مع الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس)، خصوصاً في شأن تبادل المعلومات والوعي بالأوضاع. رابعاً، ولمساعدتكم في إدارة الهجرة، نحن ملتزمون إبقاء المسارات القانونية مفتوحة إلى أوروبا، وإعادة توطين اللاجئين من لبنان إلى الاتحاد الأوروبي. في الوقت نفسه، نعوِّل على حُسن تعاونكم لمنع الهجرة غير الشرعية ومكافحة تهريب المهاجرين».

وقف النار

ولم يغب عن كلمة فون دير لاين الوضع في غزة وجنوب لبنان، حيث أكدت «أننا نؤيّد جميع الجهود الرامية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإطلاق سراح جميع الرهائن. ونحن بحاجة إلى عملية سلام تقود نحو حل الدولتين لأنه الوحيد الذي يمكن أن يحقق السلام والاستقرار الدائمين في الشرق الأوسط».

وأضافت «نشعر بقلق بالغ إزاء الوضع المتقلّب في جنوب لبنان. فما هو على المحك هو أمن كلٍّ من لبنان وإسرائيل، ولا يمكن فصل الاثنين عن بعضهما. لذلك ندعو إلى التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701. ويجب أن يشكل هذا جزءاً من تسوية ديبلوماسية مُتفاوَض عليها. وهنا أيضاً، الجيش اللبناني أساسي، والاتحاد الأوروبي مستعد للعمل على كيفية تعزيز قدراته».

ميقاتي

من جهته، قال الرئيس نجيب ميقاتي: «عبرّنا خلال الاجتماع عن تقديرنا لتفهُّم بعض دول الاتحاد الأوروبي في اجتماعه الأخير لطلب الحكومة اللبنانية، معاودة النظر في سياسات الاتحاد الأوروبي المتعلّقة بإدارة أزمة النازحين السوريين في لبنان»، معتبراً أن هذا الملف «بات أكبر من قدرة لبنان على التحمّل، وخصوصا أن عدد النازحين بات يناهز ثلث عدد اللبنانيين، والأخطر من ذلك تصاعد النفور بين النازحين السوريين، وبينهم وبين بعض المجتمع اللبناني المضيف نتيجة الأحداث والجرائم التي ارتفعت وتيرتها وباتت تهدد أمن لبنان واللبنانيين واستقرار الأوضاع فيه».

وأضاف: «نرفض أن يتحوّل وطننا إلى وطن بديل وندعو أصدقاءنا في الاتحاد الأوروبي إلى الحفاظ على قيمة لبنان والمضي في حل هذا الملف جذرياً وبأسرع وقت، انطلاقاً من المعرفة المتبادلة بيننا وبين الاتحاد الأوروبي ودول العالم بأن مدخل الحلّ سياسي بامتياز. وفي رأينا، انطلاقاً من واقع سورية حالياً، أن المطلوب كمرحلة أولى الإقرار أوروبياً ودولياً بأن غالبية المناطق السورية باتت آمنة ما يسهل عملية إعادة النازحين، وفي مرحلة أولى الذين دَخَلوا لبنان بعد 2016 وغالبيتهم نزح إلى لبنان لأسباب اقتصادية بحتة ولا تنطبق عليهم صفة النزوح».

وكرر«مطالبة الاتحاد الأوروبي بدعم النازحين في بلادهم لتشجيعهم على العودة الطوعية»، وقال: «إذا كنا نشدّد على هذه المسألة فمن منطلق تحذيرنا من تحوّل لبنان بلد عبور من سورية إلى أوروبا، وما الإشكالات التي تحصل على الحدود القبرصية إلا عينة مما قد يحصل إذا لم تعالج هذه المسالة بشكل جذري».

«يوم تاريخي»

أما رئيس جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليدس فتحدّث عن «يوم تاريخي» وقال: «ذكرت رئيسة المفوضية أن الحزمة تتضمّن مساعدات للشعب اللبناني وللجيش اللبناني والأجهزة اللبنانية وأيضاً لمكافحة التهريب وإدارة الحدود ومراقبتها وللاقتصاد اللبناني وغير ذلك، أنا على ثقة أن هذه الحزمة ستعزز قدرة السلطات اللبنانية على مواجهة التحديات المختلفة بما في ذلك مراقبة الحدود البرية والبحرية وضمان سلامة المواطنين وأيضاً مكافحة تهريب الأشخاص ومتابعة مكافحة الإرهاب».

وأضاف: «أوافق تماماً أن علينا أن نعمل بشكل أوثق وبشكل أكثر موسع مع شركائنا ومع مفوضية اللاجئين كي نناقش مسألة العودة الطوعية ولكن ليس فقط ذلك، فان الوضع في بعض المناطق في سورية يجب إعادة النظر فيه، ومن المهم أيضاً أن نقر بأن الوضعية الحالية لا يمكن أن تكون مستدامة وبان السلام والازدهار والاستقرار في لبنان سيتحقق إن وفينا بالتزاماتنا جميعاً».

بري

وبعد الاجتماع الموسع في السرايا الحكومية زارت رئيسة المفوضية الأوروبية والرئيس القبرصي رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي شكر لأوروبا «مساهمتها ومشاركتها في إطار قوة (اليونيفيل) في البر والبحر مقدّراً لرئيسة المفوضية الأوروبية أرسولا فاندر لاين ولرئيس جمهورية قبرص زيارتهما العملية التي تتسم بأهمية كبرى في هذه المرحلة الراهنة التي يمرّ بها لبنان والمنطقة»، مشدداً أمام ضيفيْه على «أن لبنان لا يريد الحرب وهو منذ لحظة بدء العدوان عليه لا يزال ملتزماً بقواعد الاشتباك التي تتمادى إسرائيل بخرقها مستهدفة عمق لبنان وقراه وبلداته الحدودية الجنوبية وهي (أي اسرائيل) لم توافر في عدوانها المدنيين والإعلاميين والمساحات الزراعية وسيارات الإسعاف مستخدمة أسلحة محرمة دولياً».

وأكد بري «أن لبنان في انتظار نجاح المساعي الدولية لوقف العدوان على قطاع غزة والذي حتماً سينعكس على لبنان والمنطقة وسيكون عندها جاهزاً لمتابعة المباحثات حول تطبيق القرار الأممي رقم 1701، الذي كان لبنان ولا يزال ملتزماً ومتمسكاً به».

وعن النازحين السوريين، اعتبر بري «أن اللقاء اليوم كان عملياً بامتياز»، مقترحاً «تشكيل لجنة بين لبنان والاتحاد الأوروبي لمتابعة الزيارة والاجتماعات التي واكبتها». وقد لاقى الاقتراح ترحيباً من رئيسة المفوضية الأوروبية.

وجدد رئيس البرلمان تأكيد على «أهمية التواصل من سائر الأطراف المعنية بمقاربة ملف النازحين مع الحكومة السورية التي بات حضورها على غالبية أراضيها».

أبي رميا

ولم يكد أن يجفّ حبر إعلان حزمة المساعدات المالية حتى قوبلت بأصوات منتقدة، بعضها اعتبر مبلغ 250 مليون دولار على أربع سنوات «رشوة مالية لشراء سكوت اللبنانيين» في الوقت الذي ينبغي «وضع سياسة متكاملة لإعادة اللاجئين السوريين مع دعم أوروبي» (النائب التغييري مارك ضو)، وبعضها الآخَر وصف الحزمة بأنها «ضحك عالدقون» كما قال النائب سيمون أبي رميا (من تكتل لبنان القوي).

ورأى أبي رميا «أن المجتمع الغربي لا يريد الاعتراف بشرعية رئاسة بشار الأسد لسورية وما زال يعتبر النظام السوري ديكتاتورياً ولذا لا يريد التحاور معه، ومن جهته الرئيس الأسد غير مستعجل لعودة مواطنين، جلّهم من المعارضين، بالإضافة إلى الدمار الذي لحق بسورية والتداعيات الاقتصادية والمالية والاجتماعية نتيجة هذه الحرب. ولذا هو ينتظر أيضاً، بالإضافة إلى الاعتراف بشرعيته ودوره، مساعدات مالية لإعادة إعمار سورية.

ومن الواضح أن الدول الغربية غير مستعدة أو غير قادرة على تلبية هذا الطلب. والخلاصة: لا يمكننا انتظار نهاية هذا الكباش ضمن لعبة الأمم الخبيثة. ونحن غير مستعدين للعب دور حرس الحدود لحماية أوروبا من موجات النزوح السوري ولسنا شحّاذين كي نقبل بحفنة من اليوروهات أو الدولارات».

وأضاف: «مصير لبنان في خطر ولن نقبل بإبر التخدير أو البنج بانتظار تأمين ظروف ( العودة الآمنة والطوعية والكريمة). وأعود وأكرّر دعوتي للرئيس نبيه برّي بالدعوة إلى جلسة في البرلمان بحضور حكومة الرئيس ميقاتي لمناقشة خطة السلطة التنفيذية قبل مؤتمر بروكسيل في 27 مايو فإما نكون متحدين لننقذ لبنان أو نكون مشاركين في الانتحار الجماعي».

النظام السوري

أما قريبون من النظام السوري، فاستحضَروا في معرض انتقاد ما أعلنت عنه فون دير لاين وجوب «فك الحصار» عن سورية «ما يسهل العودة»، وهو ما يستعيد وقوع هذا الملف بين خائفين في لبنان من إغضابِ المجتمع الدولي بحال اعتماد خياراتٍ لإعادة النازحين «تحرق المراحل» في ما خص اكتمال عناصر إنهاء الأزمة السورية أو تجعل أوروبا في «مركب واحد» مع «بلاد الأرز» في ملف النزوح عبر ترْك المجال لموجاتٍ «حرة» من الهجرة غير الشرعية، وبين مَن يُلاقي رغبة نظام دمشق في استخدام هذه الورقة للضغطِ لكسْر الطوق السياسي عنه واستدراج دعم مالي لإعادة الإعمار.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي