ندوة «المؤشرات التنموية في دولة الكويت ودول الخليج العربية»
الكويت صرفت 32 مليار دينار منذ 2010 ولا يزال مؤشر التنمية البشرية... منخفضاً
- الخضر: أهمية المؤشرات في إرساء فلسفة عملية التنمية الشاملة
- الكندري: تقدم المجتمع لا يمكن أن يتحقق من خلال تصورات فردية لمتخذي القرار
-عبدالله سهر: تراجع بمؤشرات الكويت التنموية... وترتيبها رابعة وخامسة خليجياً
- حرية الرأي في الكويت وانتقاد تردي أوضاع الخدمات تنعكس على المؤشرات
- باقر النجار: تراجع الكويت والبحرين في مؤشر السعادة لصالح قطر والإمارات
دشّن مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية أمس، ندوة «المؤشرات التنموية في دولة الكويت ودول الخليج العربية»، في قاعة بنك الكويت الدولي في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت الشويخ، تحت رعاية مدير جامعة الكويت بالإنابة الدكتور نواف المطيري، وحضور عدد من السفراء والأكاديميين، الذين تناولوا بالتحليل أسباب انخفاض مؤشرات التنمية، وخاصة مؤشرات التنمية البشرية والصحة والتعليم، رغم انفاق الكويت 32 مليار دينار على 3 خطط نموية منذ العام 2010.
إرساء فلسفة عملية
وأكد القائم بأعمال نائب مدير جامعة الكويت للأبحاث الدكتور عثمان الخضر، في تدشين الندوة، على الأهمية المتعاظمة للمتابعة المتواصلة للتطورات التي تلحق بالمؤشرات المختلفة والمتعددة التي تقيس أبعاد عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية عامة، والتنمية البشرية على وجه الخصوص، بما في ذلك ما يتصل بمجالات: التعليم، والصحة، والشفافية والنزاهة.
وقال الخضر إن أهمية المؤشرات تتبدى خصوصاً في الدور الجوهري الذي تقوم به في إرساء فلسفة عملية للتنمية الشاملة، وتحديد أهدافها، وصياغة سياساتها وبرامج عملها التنفيذية، إضافة إلى ما تمثله من أداة مهمة في تقييم نتائج خطط التنمية قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد.
6 مؤشرات
وبدوره، قال مدير المركز الدكتور يعقوب الكندري، إن المركز حرص على اختيار 6 مؤشرات تنموية مختلفة لدراستها وتحليلها، على المستوى الخليجي، ليست لأنها أكثر أهمية، إنما بحكم ارتباطها بشكل كبير بالوضع المحلي والخليجي في الوقت الراهن. وهي: السعادة، والتنمية البشرية، والحكومة الإلكترونية، والأمن السيبراني، ورأس المال البشري، ومدركات الفساد. وقام بتحليل ومقارنة المؤشرات نُخبة مُميزة من الأكاديميين والمهتمين، والذي سيخرج في نهاية الملتقى بإصدار خاص من المركز يجمع فيه هذه الدراسات التي قام بتقديمها الزملاء الباحثون.
وحذّر من أن تقدم المجتمع ونموه لا يمكن أن يتحقق من خلال تصورات فردية أو اجتهادات ذاتية لمتخذي القرار، إنما يقوم من خلال جهود علمية تسهم الجامعة والمؤسسات العلمية في صوغ ملامح الخريطة التنموية للمجتمع.
وأضاف «سنسعى جاهدين وبكل الطرق لإيصال صوت الجامعة والبحث العلمي لصاحب القرار».
مؤشر السعادة العالمي
في الجلسة الأولى، التي ترأسها رئيس قسم الاجتماع الدكتور عامر الصالح، ناقش الدكتور باقر النجار موضوع «دول مجلس التعاون في مؤشر السعادة العالمي». وناقش الدكتور عبدالله سهر موضوع «دول مجلس في مؤشر التنمية البشرية العالمي».
ولفت النجار إلى أن دول المنطقة احتلت مراكز متقدمة على مؤشر السعادة في المنطقة العربية مثل الكويت والبحرين والامارات والسعودية وقطر، منوها الى أن اللافت في هذه التقارير أنها تقيس الفئات العمرية الأكثر سعادة، واختلافها في العالم، فخليجيا يتصدر الشباب 82 في المئة من الدول التي شملها التقرير، اما في أميركا فتتصدر فئة الشيوخ مؤشرات الأكثر سعادة.
وأضاف «الآن تتصدر الامارات وقطر وقد يعزى ذلك لارتفاع معدلات الدخل الفردي فيها، حيث تتقدم فيه على أميركا وسنغافورا، وتراجعت الكويت والبحرين».
تراجع كويتي
بدوره، قال الدكتور سهر، إن هناك تراجعاً لمؤشرات الكويت التنموية، حيث تحظى بمؤشر عال في السعادة، فنبحث هل هناك خطأ في قياس المؤشرات التنموية، فالافراد لا بد أن يكون لهم تأثير في مناحي الحياة.
وأضاف أن التنمية البشرية تتضمن إتاحة أكبر مقدار من الفرص للإنسان، بحيث تتناسب تصاعدياً مع قدراته، وعلى الرغم من ضرورة النماء الاقتصادي، لكنه يجب أن يستخدم كأداة لإسعاد الإنسان وليس كهدف بحد ذاته، وإتاحة الفرص يجب أن تكون مرتبطة بتأثير الفرد في الإجراءات التي تشكّل حياته.
مؤشر التعليم
ولفت سهر إلى أن ترتيب الكويت في تقرير التنمية البشرية 2021 - 2022 الخامسة خليجيا، و50 عالميا، مبينا أن القاعدة الأساسية في مؤشر التنمية البشرية هي التعليم والصحة، وعليه فالكويت تعليمياً في مؤشر الازدهار العالمي الـ 5 خليجيا و74 عالميا، ومؤشر التعليم في تقرير التنمية البشرية الـ 4 خليجيا و35 عالميا، رغم أن ميزانية التعليم في 2022 وفق الترتيب العالمي 30 عالميا بمبلغ 6.6 مليار دولار، ونسبة المدرسين للطلبة في التعليم المبكر 6،9 وفي التعليم العام 8 وفي مؤسسات التعليم العالي 28،2 طالب لكل معلم، فالترتيب متواضع مقارنة مع دول الخليج، فيما عدا الميزانية التي تتقدم فيها السعودية والتي تعتبر دولة كبيرة تفوق الكويت 20 ضعفاً بالحجم السكاني.
الخامسة صحياً
وقارن المؤشرات الصحية للكويت بنظيراتها في دول الخليج، حيث تعد الخامسة خليجيا، وترتيبها العالمي 88 في المؤشر الكلي، وفي جزئيات المؤشر تأتي الكويت متأخرة، مبينا بأن مستوى الانفاق في الكويت على الصحة يعتبر الثاني خليجيا بـ 1750 دولارا سنويا للفرد في عام 2020، بعد قطر التي تنفق 1900 سنويا للفرد، ثم الامارات 1600 دولار، والسعودية 1250 دولاراً سنوياً، والبحرين 1100، وأخيراً عمان 750 دولاراً، أخذا بعين الاعتبار بأن متوسط الانفاق على الفرد في منطقة الشرق الأوسط هي 650 دولاراً سنوياً.
المؤشرات تعكس الواقع؟
وتساءل «هل المؤشرات تعكس الواقع أم لا؟». وقال إن المؤشرات تستقي 30 في المئة من معلوماتها من الدول و70 في المئة من الاستطلاعات، وعليه فهذا غير شيء بسيط لا يذكر في موقع الكويت، حيث إن حرية الرأي والصحافة أكثر صراحة، في نقل انتقادات وتردي أوضاع الخدمات، وربما هذه تنعكس على المؤشرات.
14 شهراً عمر الحكومة
كما تساءل سهر «هل هناك ثقة مؤسسية؟»، ليجيب بأنه منذ عام 1990 تشكلت أكثر من 30 حكومة، منها 16 حكومة منذ عام 2011 حتى عام 2023. وهو ما يعني بأن متوسط عمر الحكومة الكويتية يقارب 14 شهراً فقط، ومنذ عام 2020 شهدت الكويت تولي 4 رؤساء وزراء، وتشكيل 8 وزارات، ما يعني أن متوسط عمر الوزارة تناقص إلى ستة أشهر تقريباً.
8 أشهر عُمر المجلس
وتابع أما مجلس الأمة فقد حل 11 مرة منذ عام 1962، من بينها 8 منذ عام 2006 بخلاف 3 حالات إبطال عبر المحكمة الدستورية، وهو ما يعني بأن عمر مجلس الأمة يكون في حدود السنتين من عام 2006، ومنذ عام 2020 شهدت الكويت 3 مجالس أمة وواحداً مبطلاً، أي أن متوسط عمر المجلس 8 شهور فقط، وهناك تغيير سريع في الوزارات.
الثقة بالسياسيين
وقال سهر إن ثقة المواطنين بالسياسيين تأتي بالمرتبة الأخيرة مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي والمرتبة 68 عالمياً، والأخيرة أيضاً في مؤشر كفاءة المؤسسات، وفي المرتبة 57 عالمياً، وفقاً لتقرير التنافسية للدول العربية الصادر من المجموعة العربية في البنك الدولي لعام 2018.
عدم دقة البيانات
وخلص سهر إلى أن أهم النتائج تتركز في عدم دقة وجودة البيانات الإحصائية وحداثتها، وخاصة التي تتدفق من الجهات الرسمية للدول مثل الإدارات والمؤسسات الإحصائية في الدول. فبعض الدول، ومنها الكويت ودول خليجية، لا توافر بيانات حديثة ودقيقة للجهات الدولية التي تقوم بإصدار هذه التقارير، ومنها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ما يجعل هذا الأخير وغيره من مصادر أن يعتمد على بيانات قديمة ويقوم بإجراء عمليات تقدير حسابية، اعتماداً على سلسلة بيانات قديمة، أو بالاعتماد على الاستطلاعات أو من خلال إجراء بعض المقابلات مع بعض المختصين وذوي الشأن.
وأضاف بصرف النظر عن تلك الملاحظات ينبغي النظر بواقعية الى الحال في الكويت، خاصة في مضمار التعليم والصحة، وأسباب تدني مؤشراتهما. فقد صرفت الحكومة ما يفوق 32 مليار دينار ما يعادل 110 مليارات دولار منذ عام 2010 على خطط تنموية ثلاث ولا يزال مؤشر التنمية البشرية منخفضاً.
وأكد سهر أن الحكومة ارتكبت خطأ وتجاوزت القانون في تأخير التعداد السكاني، حيث إنه قانوناً يجب ألا يتجاوز 10 سنوات وجرى العرف على أن يكون كل 5 سنوات.
3 أسباب لانحدار مؤشرات الكويت
ذكر سهر أن أسباب انحدار مؤشرات الكويت في التنمية البشرية، يعود إلى:
1 - تدني مؤشرات رأس المال البشري والاجتماعي.
2 - تدني الأداء في معايير التنافسية وارتفاع معدلات مدركات الفساد.
3 - عدم الشفافية (بعدم تطبيق معايير الحوكمة والإدارة الرشيدة وعدم كفاءة البيروقراطية).
«الأمة» يساهم في الفساد
قال سهر إنه بناء على دراسات استطلاعية مشتركة له من الدكتور يعقوب الكندري، عن حجم وأسباب الفساد ودور المؤسسات ومواجهتها في المجتمع، تبين بأن 83.5 في المئة من العينة، توافق على أن مجلس الأمة يساهم في تفشي الفساد.
التعيينات: قبلية - طائفية
بين أن ما يقارب 95 في المئة يؤكدون موافقتهم على أن الحكومة غير جادة في مكافحة الفساد، وبينما يوافق أكثر من 93 في المئة على أن التعيين بالمناصب يعتمد على القبلية والطائفية. ويوافق أكثر من 90 في المئة على أن التنفيع يتم من خلال القبلية والطائفية.
تدهور منظومة القيم
أورد سهر بعض نتائج الاستطلاع، أن من أسباب الفساد وارتفاع عدم الثقة، هي أن أكثر من 80 في المئة يرون أنه تعبير عن تدهور منظومة القيم الاجتماعية، وأكثر من 80 في المئة، يرون بأن غياب تطبيق مبدأ الثواب والعقاب هو أحد الأسباب الرئيسية للفساد الذي يؤدي دون شك لانعدام الثقة بالمؤسسات الرسمية.