أسرة الخير... صباح الخير

تصغير
تكبير

«السمع والطاعة... إذا أميرك ما يسمع كلامكم وما سمعكم ما فيه خير، وإذا سمع اللي فيه الصالح ووصلت الرسالة اشرهوا ذيك الساعة إذا ما صار خير».

هذا الكلام الذي قاله سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد في مُناسبة عامّة هو خير ما أستهلّ به هذا المقال، فسموه ربط بين التشاور والنصح من جهة وبين الخير والصالح العام من جهة ثانية. وغنيّ عن القول إنه كلام صيغ بأحرف من ذهب لتجديد العهد والعقد وانطلق عفويّاً وصادقاً من قلب المُؤتمن الأول على هذا العهد... وعلى الكويت.

انطلاقاً من كلام صاحب السمو، ومن مدخل الخير المُرتبط بالنصح والتشاور والصالح العام، أتوجّه بالتالي:

صباح الخير يا أسرة الخير، أخاطبكم اليوم باسمي من دون توارٍ خلف جدران وهميّة وحسابات مُفبركة. أهل الكويت ما كانوا يوماً يحتاجون إلى التلطّي والتخفّي لإيصال آرائهم بل كانوا في طليعة من يسألون ويُسألون (بضم الياء) ليس من باب الحرص فقط على البلد وحاضره ومُستقبله بل من مبادئ الشراكة التي جُبل عليها الحكام وتفرّدوا بها عن سائر أقرانهم.

هذه الأسطر ليست – ولن تكون - من باب المُجاملة، فليس معروفاً عني أنني أفعل ذلك على حساب المصلحة العامة بل ربما كان معروفاً عنّي العكس، أي الصراحة المُباشرة التي وضعتني في أحيان كثيرة تحت ضغوط عدة وفي مرمى الاتهامات. كما أن هذه الأسطر ليست – ولن تكون – من باب عرض العضلات الإعلامية أو مُسايرة لما هو سائد من خطاب يترافق للأسف مع لغة هُجومية فيها من التطاول والإساءة الشيء الكثير، فهذا أسلوب الضعيف غير الواثق من نفسه وطريق العاجز قليل الحِيلة مُنعدم الحُجّة... وما أكثر هؤلاء اليوم.

هذه الأسطر هي بِكلّ بساطة من إنسان خائف على وطنه، وخائف على أسرته الصغيرة وأبنائه. كُلّكُم راعٍ وكُلّكُم مسؤول عن رعيّته وإن كُنت أنا وغيري مسؤولين عن أسرنا الصغيرة فأنتم يا أسرة الحكم مسؤولون عن الشعب كُلّه، ونحن معكم شركاء في مسؤولية الحفاظ على الوطن.

من هنا، أطرح أسئلة تهمّكم وتهمّنا بالدرجة الأولى ولا أدّعي أنني أعرف الإجابة عنها، فلو كُنت أعلم لما طرحتها، وأُؤكّد لكم أن كثيرين من أهل الكويت تدور في أذهانهم طُروحات من هذا النوع وتتباحث به.

من هذه الأسئلة: لماذا وصلنا في الكويت إلى مرحلة أن من يُدافع عن الأسرة وقِطاعات الحكم ومُؤسّساته يُصبح في مرمى الاتهامات ويُواجه تهديدات بالويل والثّبور وعظائم الأمور من قبل فرقاء وأقطاب تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي سلاحاً تُطلق النار من خلاله على الأفراد والأعراض والذّمم؟.

والسؤال الأهم: هذه الحسابات بأسماء وهمية في غالبيتها ومُعلنة أحياناً... لماذا يتّبع الكثير منها بعض أبناء الأسرة الذين يُديرونها بالواسطة ويُحرّكونها ويُحاربون من خلالها خلق الله ويُوظّفونها في الصّراع السياسي لتلميع فلان وتحطيم فلان؟ وأصعب ما في الأمر أنّكم تعرفون قبل غيركم وبالأسماء هذه الوسائل المأجورة التي يُحرّكها أبناؤكم، ومع ذلك يتراجع صوت العقل والحكمة والاعتدال ويتقدّم صوت هؤلاء.

ولماذا وصلنا إلى مرحلة عندما يتحدّث فيها الناس عن الأسرة الكريمة فإن العامل المُشترك في الحديث يكون عن خلافات أبناء الأسرة التي وصلت مُستوى غير مسبوق من العلنيّة والتمادي؟ لا أريد هنا أن أستعيد ما قاله نواب من أنّ هذا الشيخ أو ذاك دخل في لعبة السلطة و«طلب ودعّم وحرّك ووجّه»، فالجميع يعرفون ذلك عن ظهر قلب إنما يتمنّون لو تنكفئ هذه المُمارسات لمصلحة الاستقرار الذي أرى أنه يبدأ من أسرة الخير نفسها.

ولماذا تُترك هذه الأمور لساحات السياسة والإعلام بدل أن يكون مجلس الأسرة هو الإطار الجامع الذي يُعالج كلّ هذه المواضيع؟ وإن كان المجلس يحتاج إلى تطوير بغية التفعيل فما المانع؟

ولماذا الحديث فجأة عن غياب صفّ ثانٍ أو ثالثٍ في أسرة الحكم مُؤهّل للتصدي للعمل والإنجاز؟ أسرة الحكم في رصيدها ما يفوق الـ350 عاماً من السلطة، وفي تاريخها تجارب راكمت خبرات كبيرة في شؤون الإدارة ومن الطبيعي أن تكون صفوف قادة المُستقبل فيها مرصوصة ومُميّزة. أعلم أن التعميم هنا قد تعوزه الدقة في بعض جوانبه لكن أسرة الخير مُطالبة بتقديم صفوف شابة مُتعلّمة بعيدة عن لعبة السلطة ومُنكبّة على الخدمة العامة وتطوير المؤسسات.

عود على بدء...

لو كنت أملك الإجابات لما طرحت الأسئلة، ولو لم أكن حريصاً على قوّة ومناعة وهيبة أسرة الحكم لما تحدّثت بالعلن استناداً إلى ما جُبلنا عليه بل وإلى طلب حُكامنا دائماً «لا خير فيكم إن لم تقولوها». أتحدّث هنا فقط بما يجيش في خاطري بلا تنظير ولا «أستذة» ولا ادعاء فارغ بوجود حلول في جعبتي. أنقل كلام الناس وهواجسهم، وأنا على ثقة بأنّ أسرة الخير، التي واجهت خلال تاريخ حُكمها تحدّيات ضخمة وكان بعضُها كفيلاً لو حصل في مكان آخر بمحو هويّات الدول، ستتّجه إلى تفعيل المبادرات كما كانت تفعل دائماً، وتفرض الانضباط على الجميع بدءاً من بيتها الداخلي، وتُعطي مجلس الأسرة جُرعات تنظيمية لتُصبح مُؤسّسة قويّة تحتوي كل شيء بما في ذلك تأهيل الصفوف الثانية والثالثة للتقدّم.

الأسئلة كثيرة، لكن مُنطلقها المحبّة والإخلاص ودائماً تحت مِظلة كلام صاحب السمو عن المُشاورة والسمع والطاعة والخير والإصلاح... اللهمّ إنّي بلّغت اللهمّ فاشهد.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي