شهدنا يوم الأحد الماضي الجلسة التي دعا لها رئيس السن مستنداً بدعواه على المادة 87 من الدستور وقد حضر الجلسة أكثر من 40 نائباً. وكما كان متوقعاً فلم تحضر الحكومة، وعليه ووفقاً للمادة 116 من الدستور من جانب وتماشياً مع الأعراف البرلمانية من جانب آخر تم رفع الجلسة.
بداية، إن كنا نعتقد جازمين بمبدأ فصل السلطات مع تعاونها وألّا تطغي سلطةٌ على أخرى كما دعت لذلك المادة 50 من الدستور، فعلينا أولاً أن نبدأ بالسلطة الشعبية التي تستمد شرعيتها من روح الشعب الا وهي السلطة التشريعية ممثلة بمجلس الأمة الكويتي. وهنا نسأل هل السلطة التشريعية سلطة منفصلة بذاتها؟ وهل اختصاصاتها وصلاحياتها كاملة أم منقوصة؟ في الحقيقة في ظل هذا الفهم المتعدد للمادة 116 من الدستور بين من يرى أن وجوب حضور الحكومة لجلسات مجلس الأمة هو وجوبٌ اشتراطي لا يصح انعقاد الجلسة إلا به، وبين من يعتبر حضور الحكومة غير الزامي وليس شرطاً من شروط صحة انعقاد الجلسات.
وهناك وجهة نظر ثالثة بعيدة عن الدستور وهي الالتزام بالأعراف البرلمانية حيث إن هناك فعلاً من يعتقد بعدم شرط حضور الحكومة من الناحية الدستورية ولكن جرى العرف البرلماني على عدم انعقاد جلسات مجلس الأمة بحال غياب الحكومة.
ومن هنا يتضح جلياً أن السلطة التشريعية غير كاملة الصلاحيات فهي لا تملك أبسط حق من حقوقها وهو حق الاجتماع إلا بموافقة مسبقة من السلطة التنفيذية. فلو أرادت السلطة التنفيذية تعطيل أعمال السلطة التشريعية لمدة شهرين أو ثلاثة أو سنة لتمكنت من هذا وفقاً لنص المادة 116 من الدستور واستناداً للأعراف البرلمانية، وبذلك نستطيع أن نعتبر السلطة التشريعية هي أضعف السلطات الثلاث بلا منازع. وان قال قائل ليأتي رئيس للبرلمان يكون قادراً على كسر هذا العرف وتفعيل المادة 116 في مفهومها الصحيح وان تنعقد الجلسات حتى وان غابت الحكومة.
هنا نقول إن كان هذا فإن أول إجراء سوف تتخذه الحكومة هو إصدار بيان رفض واستنكار، وان انعقاد الجلسة في ظل غيابها هو تعد على قواعد الدستور الثابتة وانها سوف تلجأ منفردة لطلب تفسير المادة 116 من الدستور وإسقاط المادة 80 من الدستور على المادة 97 من الدستور... خصوصاً ان المذكرة التفسيرية لم تتطرق البتة لأي من هذه المواد (116/97/80) .
إن كان أعضاء البرلمان يريدون فصل سلطتهم وتعزيزها دستورياً وألّا ينسوا نصيبهم من المادة 50 من الدستور وان يخرجوا من عنق زجاجة الوهن البرلماني، فعليهم أولاً أن يتقدموا للمحكمة الدستورية بطلب تفسير للمادتين (116 / 97) فإن كان الحكم كما نظن وهو صحة انعقاد الجلسات وان غابت الحكومة فقد تحقق المطلوب ولن يكون أمام الحكومة أي مسوّغ لتعطيل جلسات البرلمان، وان كان الحكم عكس هذا فعليهم حينها التعامل مع مقتضى الحكم حتى يجدوا مخرجاً دستورياً لهذا الوهن البرلماني . ولكن يكفي ان نكون قد انتهينا من هذا الجدل في فهم هذه المادة 116.
X : @Fahad_aljabri
Email: AL-JBRI@hotmail.com